رمضان الكريم شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران ينتظره المسلمون على أحر من الجمر شوقاً له ولنسمات الرحمة والمحبة الطاهرة فيه فما أجمل لقاء شهر رمضان الكريم، وما أصعب فراقه وأشقه على نفس المسلم، ولكن بعد انتهاء شهر رمضان تبدأ أيام البهجة والسرور بقدوم عيد الفطر السعيد.
قصيدة يا ليلة العيد ماذا أنت صانعة للشاعر زكي مبارك، هو شاعر وأديب مصري معاصر ولد عام 1891م في قرية سنتريس بمنوفية مصر، وقد تعلم الشاعر زكي مبارك في الأزهر، وحصل من الجامعة المصرية على دكتوراه بالآداب، وقد عمل الشاعر زكي مبارك مدرساً في كل من مصر وبغداد، وقد امتاز بأسلوب خاص به في كثير مما كتب، وللشاعر زكي مبارك شعر يتميز بجودة وتجديد عن أقرانه من شعراء عصره.
يا ليلة العيد ماذا أنت صانعة
أتقبلين وما لي فيك من أمل غير
مضت سنون ومرت أعصرٌ وأنا
فكيف صارت حياة اليوم مقفرةً
إن الذين بأمر الحب قد ملكوا
الكفر في جهله الطاغي وظلمته
أشكو إلى الحب ما صارت بثورته
يا مرسل العيد ما شاءت عواطفهُ
العيد بعد غدٍ فيما سمعت فهل
إسكندرية دعها دع حماك بها
يا خاليَ البال من وجدى ومن شغفي
لا تجعل العيد في لألاء نضرته
لا تذو بالصد عنه مهجةً ظمئت
يا جاهلين ولم أجهل صنائعهم
ما أمركم ما هواكم قد بليت بكم
قتلتم الحب قتلاً فاتقوا غدكم
الهجر منى لا منكم ولا عجبٌ
لم أبك يوماً على نفسي بكيت لكم
لا تذكروني ولا يخطر لكم أبداً
لم ينعم الجنّ في سلطان نشوتهم
يا ليلة العيد ماذا أنت صانعةٌ
ليت الذي يخلق الأحلام باسمةً
يا ليته يرجع الآمال ضاحكةً
أيام ألهو بروح لو حفظت لهُ
لم يخلق اللَه من حسن يماثله
أزوره بخيالي عند نفرته
وأقرأ السطر خطّته أناملهُ
في كل حرف غناءٌ إن أسطرهُ
يا فوق ما أشتهي يا فوق ما طمحت
النمل يرشف خطى حين أكتبه
لو كان في صفحة الماضي لنا خبر
متى تعود أجب إني لأحسبني
يستأسد الحب في قلبي فأزجره
لو شئت أنشبت نابي في مقاتلكم
يا غادرين ولم أغدر مضى زمنٌ
يقول طيف رفيق إن موعدنا عصر
العيد بعد غدٍ ما العيد بعد
سئمتُ بهجة أيامي ونضرتها
العيد آتٍ وإن القلب منتظرٌ
لكم معاذيرُ من وجدى وصولته
إسكندرية دعها دع حماك بها
يا ليلة العيد ماذا أنت صانعة
أخاف من ليلةٍ فتكُ الغرام بها
سأشرب الثكل وحدى لا ظفرت به
كتبت أستوهب الصهباء من يده
يبيت يسأل عن حلم بليلته
العاشق الفحل معبودٌ لصولته
الخاطرة الأولى:
لا تكن ممن تتوقف عبادته عند انتهاء رمضان .. وتنقطع علاقته بربه بعد رحيل هذا الشهر المبارك .. بل ليكن رمضان بداية الانطلاق إلى محطات الطاعات .. وجني الحسنات .. فإن كنت ممن ختم القرآن عدّة مرات في رمضان .. فما المانع أن تختمه ولو مرة واحدة كل شهر بعد رحيل رمضان .. ليكن لك سهمٌ في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى .. وتعليم الناس الخير ولو بالدلالة عليه .. واحرص على أن تكون من ينال شرف مهنة الأنبياء والمرسلين .. وعليك بالرفق والحلم .. فإنّهما زادك بعد الله عز وجل في طريق السير إلى الإصلاح.
الخاطرة الثانية:
إنّ العبد بعد فراق رمضان و قد كُفِّرت عنه سيئاته، يجب عليه أن يحافظ على الصالحات، ويحفظ نفسه عن المحرمات، وتظهر عليه آثار هذه العبادات في بقية حياته، فذلك من علامات قبول صيامه وقيامه وقرباته، فإذا كان بعد رمضان يحب الصلوات ويحافظ على الجمع والجماعات، ويكثر من نوافل الصلاة، ويصلي من الليل ما قدر له، و يُعوِّد نفسه على الصيام تطوعاً، ويكثر من ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره، وتلاوة القرآن الكريم وتدبره وتعقله، ويتعاهد الصدقة، ويصل أرحامه ويبر أبويه، ويؤدي ما عليه من الحقوق لربه وللعباد، ويحفظ نفسه ويصونها عن الآثام وأنواع الجرائم، وعن جميع المعاصي وتنفر منها نفسه، ويستحضر دائماً عظمة ربه ومراقبته وهيبته في كل حال، إذا كان كذلك بعد رمضان، فإنّه دليل قبول صيامه وقيامه، وتأثره بما عمل في رمضان من الصالحات والحسنات.
الرسالة الأولى:
يا شهر رمضان ترفَّق..
دموعُ المحبين تتدفّق..
قلوبُهم من الفراق تتشقّق..
عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق..
عسى توبة وإقلاع يرقع من الصيام ما تخرّق..
عسى مُنقطِعٌ عن ركب المقبولين يلحق..
عسى من استوجب النارَ يعتق..
الرسالة الثانية:
رمضان .. لا أبكي رحيلك وأنا أعلم أنك راحل منذ أتيت..
وهل يستديم الضيف عند المُضيف؟
لا أبكيك وأعلم أنك آتٍ في موعدك الدقيق ..
لكن أبكي نفسي وأنا أخشى أنك تمُرّ حيناً..
ولا أكون من بين من ينتظر هلالك في الطريق..
فقد غادرت حيث انتهت ضيافتي في الدنيا..
واستقبلتني إخفاقات الطريق ..
أبكي لأني خشيتُ أني أضعت أيامك..
في نزوة، في غيبة، في ضعف احترام..
أبكي على ليالٍ غلب كسلي عزمي للمثول في حضرتك..
غيبتني الملائكة من حرسك فقلت درجات اجتهادي ..
الرسالة الثالثة:
رمضان ما أحلى سويعات اللقاء..
وأمرّ ما نلقاهُ يوم نُودِّع..
آهٍ على تلك الليالي إنَّها..
مرّت كومضِ البرق لمَّا يَلمَع..