الأطفال هم روح الحياة، وعطرها، هم البسمة البريئة، ورؤية الحياة البسيطة السهلة خالية من المشاكل، والهموم، هي عالم وردي تملؤه الأحلام السعيدة، هي القلب الأبيض الذي لا يشوبه شيء ولا يمتلئ إلّا بالحنان والحب، هي المسامحة والعفوية في كل شيء، الطفولة هي ربيع الحياة، وبراعمه المتفتحة التي تملأ الدنيا بروائح زكية عطرة، وهي الأحلام، والأمل، وهي كقطرات الندى فوق الورود الجميلة في صباحات الحياة المشرقة، وقد تعددت الكلمات، والعبارات التي تصفهم، وهنا بعض من المقتطفات عن الأطفال وبراءتهم الجميلة.
كثير من الشعراء تغنوا بالطفولة، فهناك من كتب الشعر عن الأطفال وبراءتهم، ومن كتب أبيات عن طفولته وما يذكر منها، وهنا لكم عدد من بعض هذه القصائد الجميلة.
قصيدة البلبل الغريب هي للشاعر السوري محمد سليمان الأحمد، وبدوي الجبل هو لقبٌ أطلقه عليه في العشرينيات يوسُف العيسى صاحب جريدة "ألف باء" الدمشقية، شاعر كلاسيكي تأثّر بالمتنبي وأُعجبَ بالحضارةِ الأموية، دخلَ بدوي الجبل مجالَ السياسة، وغادرَ سوريا متنقِّلًا بين لبنان وتركيا وتونس قبل أن يستقرَّ في سويسرا وقد ألهَمته غربتُه الكثير من القصائد الرائعَة.
وسيماً من الأطفال لولاه لم أخف
تود النجوم الزهر لو أنها دمى
وعندي كنوز ٌ من حنان ورحمة
يجور وبعض الجور حلو محبب
ويغضب أحيانا ويرضى وحسبنا
و إن ناله سقم تمنيت أنني
ويوجز فيما يشتهي و كأنه
يزف لنا الأعياد عيداً إذا خطا
كزغب القطا لو أنه راح صادياً
وأوثر أن يروى ويشبع ناعماً
ينام على أشواق قلبي بمهده
وأسدل أجفاني غطاء يُظله
وحملني أن أقبل الضيم صابراً
وتخفق في قلبي قلوب عديدة
ويارب من أجل الطفولة وحدها
وصن ضحكة الأطفال يارب إنها
ويارب حبب كل طفل فلا يرى
وهيىء له في كل قلب صبابةً
قصيدة أب للشاعر عمر بهاء الدين الأميري ولد في مدينة حلب في سوريا، أتمّ دراسته الثانوية في سوريا، ثمّ أكمل دراسته العالية في باريس، نظم الشعر في التاسعة من عمره، وقضى سنوات من عمره ، له العديد من الدواوين الشعرية منها ديوان أب، وهذه قصيدته:
أين الضجيج العذب والشغب
أين الطفولة في توقدها
اين التشاكس دونما غرض
أين التباكي والتضاحك في
أين التسابق في مجاورتي
يتزاحمون على مجالستي
يتوجهون بسوق فطرتهم نحوي
فنشيدهم (بابا) إذا فرحوا
وهتافهم (بابا) إذا ابتعدوا
قصيدة نَحنُ الأَطفال عَصبُ للشاعر إلياس أبو شبكة شاعر لبناني، ولد في نيويورك أثناء سياحة قام بها والده، وأصل الأسرة من قبرص، وكان جده يطرح الشبكة للصيد في البحر، فلقبت الأسرة بأبي شبكة، مترجم يحسن الفرنسية، كثير النظم بالعربية اشترك في تحرير بعض الجرائد ببيروت، أشعاره القيثارة، والمريض الصامت، وأفاعي الفردوس، والألحان، ونداء القلب، وإلى الأبد، وغلواء، وهذه قصيدته:
نَحنُ الأَطفال عَصبُ
نَقَلت عَنّا نَسَمُ
حَلوى المعلَّل
غزلان رُعيان ملوكُ
أَنا بائِعُ اللُعَب
بابور مُسَلَّح
عِندي مَدافِع
عِندي قَذائِف
عِندي جِياد
نَحنُ الأَطفال عَصبُ
نَقَلَت عَنّا نَسَمُ
وَأَنتُمُ الصِغار
ما زالَ لِلمَلاك
أَنتُم وُجوهُ السَلام
نُعمى عَلى الأَيّام
ما أعذب قلوبهم، طاهرة، صافية، نقية، صادقة لا يحملون الكره، لا يعرفون الحقد، الابتسامة لا تفارقهم، حياتهم بسيطة أكل، ولعب،ونوم يريحهم من عناء اللعب بنظرة إلى أعينهم، نترجم معنى البراءة ما أروعه من معنى، يذيب قلوبنا، فللأطفال أحاسيس بمختلف أعمارهم، ولكن لا يقولونها بألسنتهم بل تكون بخواطرهم، وتنعكس عن طريق نظاراتهم البريئة.
الطفولة تجعلك جزءًا من فيضان الطبيعة الجميل، وهي فترة الشقاوة، والجنون ترمي نظراتها الخجولة ببراءة، وحنان تتمنّى لو العالم ملكها حينها ما جُرح ضعيف، ولا بكى يتيم، ولا استعمرت أيّ بلدة، فما أجمل الطفولة، وما أروعها تجد البراءة في وجوه الأطفال وتجد السعادة في تعاملهم، وهي من أجمل مراحل الحياة، وأعذبها حيث يكون الطفل في منتهى البراءة، والصفاء لا يشغل تفكيره سوى ألعابه، ومحيطه، هم الضحكة البريئة، والقلب الصافي حيث لا أحقاد، ولا تفكير، ولا حساب إلّا لليوم الذي يعيشه الطفل، وليس هناك أجمل، ولا أروع من مشاكسة الأطفال، وحيلهم والحجج التي يقدّمونها للتهرب من شيء ما مثل عدم شرب الدواء أو الغياب عن المدرسة.
وكيف لنا أن لا نقع في حب تلك المخلوقات الصغيرة حتى الأطفال حين تحضنهم تشعر أنك أنت المحتاج إلى الحضن، وليس هم، وعالم الطفولة لا يفهمه إلا من عاشه وأمان الطفولة عالم جميل له قوانينه، فلا يوجد هناك من يحمل الكره، والحقد على غيره بل تجمعهم رابطة واحدة ألا وهي رابطة الحب والبراءة و ما أجملها من أيام.
عالمي طفولة، فقلبي يملأه عشق الطفولة، وفكري تائه يبحث عن بريق أمل في متاهات الحياة ألم وآهات تعتصرني ولحظات سعادة تحتضنني براءة طفولة تحتويني، وحب خالقي يغمرني سأتحدى الصعاب فقد أصل يومًا، وتروني في الأفق البعيد.
سلام على عهد الطفولة إنّه أشد سرور القلب طفلٌ إذا حبا، ويا بسمةَ الأطفال أي قصيدة توفِّي جلال الطهر وردًا، ومشرباً فيا رب بارك بسمة الطفل كي نرى على وجهه الرّيان أهلًا ومرحبًا ويا رب كفكف دمعه برعاية، فما أحلى الطفولة إنها حلم الحيـاة، فيها كل النقاء والفرح، بين كلامهم كل الحب.
أصحو وأغدو، وضحكات الكون تملأ جوفي، وأناشيد الطفولة تتراقص طرباً في أذنيّ، وتراتيل آيات الفرقان تتلوها أميّ على مسامعي تعويذاً وتعليماً، كن كالطفل، وافرح بما تحصل عليه مهما صغر، ولا تقارن ما عندك بما عند الآخرين، لأنّ ذلك يحرمك من الاستمتاع بما عندك، فالعقلاء هم الأطفال، يضحكون متى أرادوا ويبكون متى أرادوا، أمّا الكبار فهم مرضى كبرياء.
الأطفال قلوب صغيرة، ولكنها عميقة والفرحة بهم تمثل سعادة الأبدية، فهل هناك أجمل من سعادة الأطفال؟ كم هي نقية، وبريئة، وطاهرة وإن افتقدت الجمال في حياتك، فابحث عن طفل ليذكرك فجرب مثلاً أن تسعد إخوتك بقطع حلوى بلا مقابل، فسعادة الأطفال تسعدك قبل إسعادهم.
الأطفال أحاسيسهم مرهفة، وأحاديثهم مشوقة، وتعاملاتهم محبة، فلا تجرح طفلاً ذاكرة الصغار لا تنسى الصفعات الصغيرة، فبسمات الأطفال، وضحكاتهم هي واحدة من أسرار سعادة الأسرة، وراحتهم، فالأطفال سعادة، فكل ما بهم يبعث راحة حديثهم المتلعثم الجذاب، وحنانهم البريء، فهم كتلة من المشاعر الصادقة التي تلامس القلب.
الفجر جميل، وسعيد بقدر سعادة، وبراءة الأطفال يقول في طياته انسى الماضي، واسعد من أسعدك، ولا تنسى معروفاً لأحد، ولا زلت في طريقي أبحث عن سعادة، وكرنفالي مليء بصرخات الأطفال التي ترشدني إلى السعادة.
أشياء بسيطة جداً، ولا تكلف شيئاً تصنع لأفئدتنا المكسورة سعادة لا مثيل لها كضحكة تلك الأطفال، وابتساماتهم البريئة، فسبحان من جعل ابتسامة الأطفال مصدر سعادة الكبار، وراحة بالهم، فهم سعادة جمة رزقها الله لكل من طلبها، فهي نعمة لا تقدر بثمن.