عبد الرحمن بن عوف

الكاتب: مروى قويدر -
عبد الرحمن بن عوف

عبد الرحمن بن عوف.

 

هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن بن مرة بن كعب بن لؤي بن بن غالب بن فهر بن مالك القرشي الزهري، وأمّه صفيّة بنت عبد مناف بن زهرة بن كلب، ويقال إنّ أمّه هي الشفاء بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة، ويُقال إنّ اسمه في الجاهليّة كان عبد الكعبة، فسمّاه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عبد الرحمن، وكنيته أبو محمد، وقد ولد -رضي الله عنه- في مكّة المكرّمة بعد عام الفيل بعشرة أعوامٍ، ومن صفاته الجسديّة؛ أنّه كان طويل القامة، عريض المنكبين، ضخم الكتفين، أبيض اللون، ناعم البشرة، واسع العينين، أهدب الأشفار، لا يغيّر رأسه ولا لحيته، له نابان طويلان، ومن الجدير بالذكر أنّه أسلم على يد أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- في بداية الدعوة فكان من أحد العشرة السابقين إلى الإسلام، وقد هاجر الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة المنورّة، وعندما هاجر إلى المدينة المنورة، آخى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بينه وبين سعد بن الربيع رضي الله عنه، وحصل بينهما موقفٌ لم يشهد التاريخ له مثيل، فقد عرض سعد بن الربيع على عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهما- نصف ماله، وأن يُطلّق إحدى زوجتيه؛ ليتزوجها عبد الرحمن، فقال له: (بارك الله لك في أهلك ومالك، دلّني على السوق)، ثمّ عمل في التجارة فأغناه الله تعالى، حتى أصبح على مربطه ألف فرسٍ، وألف بعيرٍ، وعشرة آلافٍ من الغنم، وباع في أحد الأيام سهماً له في بني النضير بأربعين ألف دينارٍ، وكان يقول: (فلقد رأيتني لو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً أو فضة).

 

جهاد عبد الرحمن بن عوف

 

جاهد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- في الله حقّ جهاده، فقد شهد المعارك كلّها مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصيب يوم أحدٍ بأكثر من عشرين جرحاً، ففقد ثنيّتيه وصارعلى إثرها أهتماً، ومن الجروح ما أصابت قدمه فأصبح بسببها أعرجاً.

 

جهاد عبد الرحمن بن عوف يوم بدرٍ

 

لم تكن معركة بدر مجرد معركةٍ عاديّةٍ التقى فيها ثلاثمائة رجلٍ مع ما يزيد عن ألف رجلٍ، وإنّما كانت معركةً مفصليّةً في تاريخ الإسلام، وقد أبلى فيها الصحابة -رضي الله عنهم- بلاءً حسناً، وسجّل التاريخ لهم أروع المواقف، ومن الصحابة الذين جاهدوا بأنفسهم في معركة؛ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ومن الموقف التي سُطّرتيوم بدرٍ: (بينا أنا واقفٌ في الصفِّ يومَ بدرٍ نظرتُ عن يميني وشمالي، فإذا أنا بين غُلامَينِ من الأنصارِ، حديثةٍ أسنانُهما، تمنيتُ لو كنتُ بين أضلَعَ منهما، فغمزني أحدُهما، فقال: يا عمِّ هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلتُ نعم، وما حاجتُك إليه؟ يا ابنَ أخي، أخبرتُ أنّه يسبُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والذي نفسي بيدِه لئن رأيتُه لا يفارقُ سوادي سوادَه حتى يموتَ الأعجلُ منا، قال: فتعجَّبتُ لذلك، فغمزني الآخرُ فقال مثلَها، قال: فلم أنشبْ أن نظرتُ إلى أبي جهلٍ يزول في الناسِ، فقلتُ: ألا تريانِ؟ هذا صاحبُكما الذي تسألانِ عنه، قال: فابتدراه، فضرباه بسيفِهما، حتى قتلاه).

 

جهاد عبد الرحمن بن عوف يوم أحدٍ

 

على الرغم من أنّ يوم أحدٍ كان من الأيام العصيبة على المسلمين، إلا أنّ عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- كان له فيه صولاتٌ وجولاتٌ؛ إذ إنّه كان من الرجال الذين ثبتوا حول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين فرّ الناس، كما روى الحارث بن الصمّة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- سأله يوم أحدٍ عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأخبره أنّه رآه يُقاتل مجموعةً من المشركين، فأراد أن ينزل إليه ويُعينه عليه، إلا أنّه شاهد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فلم يفعل، وتوجّه إلى النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فأخبره الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الملائكة تحمي عبد الرحمن رضي الله عنه، وبعدها بقليل رجع الصحابي إلى عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فوجد بين يديه سبعة قتلى من المشركين، فقال: (ظفرت يمينك؛ أكل هؤلاء قتلت؟)، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (أما هذا لأرطاة بن شرحبيل، وهذان فأنا قتلتهم وأما هؤلاء فقتلهم من لم أره).

 

جهاد عبد الرحمن بن عوف بماله

 

لم تكن تضحية عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- محصورةً في الجهاد بالنفس فقط، بل كان من المجاهدين بماله أيضاً، فقد سمع في أحد الأيام رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو الناس للإنفاق في سبيل الله؛ لتجيهز سريّةٍ، فلمّا سمع عبد الرحمن -رضي الله عنه- ذلك النداء، انطلق إلى بيته كالسهم، وعاد بنصف ماله وهو ما يُقدر بأربعة آلاف دينارٍ، وقدّمها للنبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- فدعا له بالبركة في ماله، وكذلك الأمر عندما احتاج المسلمون للمال في غزوة تبوك كان عبد الرحمن -رضي الله عنه- حاضراً في الموعد وأنفق مالاً كثيراً، فلمّا رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثرة ما أنفقه قال: (إنّي لا أرى عبد الرحمن إلا مرتكباً إثماً، فما ترك لأهله شيئاً)، بالإضافة إلى تجهيزه لجيش المسلمين بخمسمائة فرسٍ، وألفٍ وخمسمائة راحلةٍ، ولمّا احتاج المسلمون في المدينة للمال، باع ابن عوف -رضي الله عنه- أرضاً له بأربعين ألف درهمٍ، وأنفقها كلّها على الفقراء من المهاجرين، وأمهات المؤمنين.

شارك المقالة:
159 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook