يعدّ تعلّم القرآن وتعليمه من أفضل الأعمال التي يتقرّب بها العبد إلى ربّه، فقد ذكر الله -تعالى- منزلة القرآن العظيم في قوله: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، فهذه دعوة إلى النظر في القرآن الكريم وتدبّر محكم ما أنزل الله تعالى فيه، وقد رغّب النبي عليه السلام بتعلّم القرآن وتعليمه، وجعل فضل ذلك فوق كلّ فضل إذ قال: ( خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)، وقد أمر الله -سبحانه- عباده باتّباع القرآن الكريم، وحذّرهم من تركه إلى سواه في قوله: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)، فذلك لا يكون إلا في تعلّمه حقّ التعلّم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم تشجيعاً لتعلّمه وتلاوته: (من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (ألم) حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ).
ومن الفضل وحسن الصنيع أن لا يكتفي المسلم بأن يتعلّم وحده القرآن الكريم، بل عليه أن يحرص على تعليمه أبناءه أيضاً، فتعلّمهم للقرآن الكريم سبب مباشر في صلاحهم، ولا شكّ أنّ صلاحهم سيعود بالخير على الآباء أنفسهم، فعلى المسلم أن يحرص على تعليم أبنائه القرآن الكريم بأحكامه وحفظه وتلاوته، ولأنّ النبي -عليه السلام- عدّ الولد الصالح من الصدقة الجارية التي يتركها المرء بعد وفاته، فإنّ أجر تعلّم القرآن وحسن تدبّره والتخلّق به سيكون ثواباً ليس للابن فقط، بل لوالده الذي علّمه وربّاه هذه التربية الحسنة. ومن تعلّم القرآن الكريم أن يجمع المسلم بعض أخبار سوره وآياته، ويتعرّف على السور المدنية والمكية والفرق بينهما، وفي هذا المقال ذكرٌ لهذه التفاصيل وغيرها حول المدني من سور القرآن الكريم.
عدّ علماء القرآن الكريم عشرين سورة من سور القرآن الكريم أنّها مدنية، وهي سور: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال،والتوبة، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والحديد، والمجادلة،والحشر، والممتحنة، والجمعة، والمنافقون، والطلاق، والتحريم، والنصر، وقد اختلفوا في اثنتي عشرة سورة أخرى، فذكر بعض أهل العلم أنّها مدنية وآخرون أنها مكيّة، والسور هي: الفاتحة، والرعد، والرحمن، والصف، والتغابن، والمطففين، والقدر، والبينة، والزلزلة، والإخلاص، والفلق، والناس، ويُذكر أنّ المكيّ هو ما تبقّى من السور الكريمة، وتُقسم السور القرآنية إلى مدنية ومكيّة بحسب موعد نزولها على النبي عليه السلام، فما نزل من القرآن الكريمقبل الهجرة فهو مكيّ، وما نزل بعد الهجرة فهو مدنيّ، وهناك رأي آخر رغم أنّه غير راجح، وهو التقسيم بحسب المكان، فما كان قد نزل في مكة وضواحيها فهو مكيّ، وما نزل في المدينة وضواحيها فهو مدنيّ، كما ذكر العلماء بعض الخصائص التي تميّزت بها السور المدنية عن
المكّية، والتي من خلالها يدرك القارئ أو السامع نوع السورة، ويمكن تلخيص خصائص السور المدنية فيما يأتي:
تتعدد فوائد معرفة السور المكية من المدنية، إذ ينتفع منها الناظر في القرآن الكريم، والمفسّر له، وعلماء الأصول والسّير وغيرهم، ويُذكر من فوائد معرفة السور المكية من المدنية ما يأتي:
موسوعة موضوع