تضم منطقة تبوك، عددًا من المحافظات والمراكز ضمن مساحة واسعة، تمتد من السواحل الشمالية الغربية للبحر الأحمر غربًا إلى محافظة تيماء شرقًا، ومن الحدود الأردنية شمالاً إلى حدود منطقة المدينة المنورة جنوبًا  .  ومن ذلك يتضح أنها من المناطق الواقعة في شمالي الجزيرة العربية المجاورة لمراكز الحضارات الكبيرة في الشرق الأدنى القديم، وقد أدى هذا التجاور الجغرافي إلى احتكاك قبائل شمالي الجزيرة العربية بهذه الأقاليم المتحضرة؛ ولهذا فالأطراف الشمالية من الجزيرة العربية في العصور القديمة، ومنها منطقة تبوك بطبيعة الحال، تقع منذ أوائل فترة الألف الأولى قبل الميلاد تحت سيطرة الإمبراطوريات القوية وتأثيرها في العراق وسوريا، وقد تميزت مناطق شمالي الجزيرة في هذه الفترة المبكرة بالتعقيد والتداخلات الحضارية المختلفة، سواء من جراء المؤثرات الخارجية أو بسبب التطور الذي بدأ يحدث من خلال نشوء الكيانات السياسية في شمالي الجزيرة العربية، وقد أدى الآشوريون في تلك الفترة دورًا مهمًا في رسم معالم تاريخ شمالي الجزيرة، وذلك من خلال المشاحنات السياسية والعسكرية، الناجمة عن المشكلات التي كان يسببها العرب الساكنون في أرض الجزيرة العربية، والغارات التي كانوا يقومون بها على خطوط التجارة الآشورية، كما أشار الآشوريون إلى ذلك وهم يدونون أخبار ملوكهم.

لكن الحقيقة أن مناطق شمالي الجزيرة قد تعرضت للضغوط الآشورية ومؤثراتها في بدايات فترة الألف الأولى قبل الميلاد فقد وقعت منطقة تبوك بعد ذلك بصفة خاصة تحت التأثير الهيلينستي. وفور أن تطوي فترة الألف الأولى قبل الميلاد صفحتها تجد هذه المنطقة نفسها واقعة تحت النفوذ الروماني الذي استمر حتى ظهور الإسلام.