لا تتطلب بعض حالات أورام النخامية العلاج، وفيما يتعلّق بتلك التي تستلزم علاجًا فيتمّ تحديد العلاج الأنسب بناءً على عواملٍ عدّة؛ من بينها: نوع الورم المُشخّص، وجحمه، ومدى انتشاره إلى الدماغ، وصحّة المُصاب العامّة، وعمره، وما إذا كان الورم يُفرز المزيد من الهرمونات أم لا، وطبيعة الهرمونات التي يُفرزها في حال حدوث ذلك، وحول الحديث عن حجم الورم فيعتمد العلاج عمّا إذا كان الورم ضمن الأورام الغدية الكبرى (بالإنجليزية: Macroadenoma) التي يتجاوز قطرها أكثر من 1 سنتيمتر، أو الأورام الغدية الصغيرة (بالإنجليزية: Microadenoma) التي يقلّ قطرها عن 1 سنتيمتر، ويُشار إلى أنّ طاقم علاج أورام النخامية يتضمّن عدد من الخبراء؛ من بينهم جرّاح دماغ والأعصاب، وأخصائي الغدد الصمّاء، وأخصائي طب الأورام الإشعاعي، وبشكلٍ عامّ تتراوح خيارات العلاج بين الجراحة، والعلاج الإشعاعي، والأدوية، وقد يتمّ استخدام أكثر من نوع من العلاجات لنفس الحالة، ويهدف العلاج بصورةٍ أساسية إلى التخلّص من الورم وإعادة مستويات الهرمونات إلى مداها الطبيعي، وقبل البدء بالعلاج سيُناقش الطبيب كافّة خيارات العلاج المُتاحة مع المُصاب وما يحمِله كلّ خيار من محاسن وآثار جانبية مُحتملة، إضافةً إلى مناقشة أيّ مخاوف أو أسئلة قد تدور في بال المُصاب.
لا يوجد خطّة علاجية مُعينة يُمكن اتباعها لجميع حالات أورام النخامية، إذ إنّ العلاج يختلف من حالةٍ إلى أخرى تبعًا للعوامل التي تمّت الإشارة إليها سابقًا؛ فقد يأخذ المُصاب على سبيل المثال الأدوية فقط لتقليص حجم الورم وتعديل مستويات هرمونات النخامية، أو قد تتطلّب الحالة استخدام المزيد من العلاجات للتخلّص من الورم، وفي حال فشل العلاج المُتبع في السيطرة على الورم فقد يستدعي الأمر تجربة خيارات علاجية أخرى؛ فالأدوية مثلًا قد تُستخدم إذا فشلت الجراحة في إعادة مستويات الهرمونات إلى الحدّ الطبيعي لها، وفي الحالات التي يتطوّر فيها الورم مُجدّدًا بعد الجراحة فقد يحتاج المُصاب للعلاج الإشعاعي،وتجدر الإشارة إلى ضرورة بدء العلاج مُبكّرًا إذ إنّ ذلك من شأنه زيادة فُرص التعافي والسيطرة على الورم وعواقبه
قد تكون مراقبة الورم (بالإنجليزية: Observation) أحيانًا هي الخيار الأمثل لكبار السنّ المُصابين بورم النخامية ممّن يُعانون من مشاكل صحية أخرى، ولحالات الأورام صغيره الحجم ذات النمو البطيء وتُظهر أعراضًا محدودة، وتتمّ المُراقبة من خلال إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزية: Magnetic resonance imaging) بشكلٍ روتيني إلى حين ظهور سبب يستدعي الجراحة؛ كتطوّر حجم الورم أو زيادة الأعراض سوءًا على سبيل المثال، أمّا عن مراقبة الورم للمُصابين الأصغر عمرًا فهي تُعتبر خيارًا إذا تقبّل المُصاب حقيقة أنّ الورم قابل للتغيّر والنمو خلال فترة المراقبة بما يستدعي الحاجة للعلاج، وبشكلٍ عامّ يعمل الطبيب على الموازنة بين خطر تطوّر الأعراض والحاجة للعلاج ويُطلِع المُصاب عليها في سبيل التوصّل لقرارٍ نهائي مُناسب لحالة الشخص.
تُمثل الجراحة (بالإنجليزية: Surgery) الخيار العلاجي الأول لمعظم أورام النّخامية، وقد تكون الخيار الوحيد في بعض الحالات، وهي كذلك خيارًا للحالات التي لا تكون فيها الأدوية ضمن الخيارات العلاجية المُتاحة للحالة،وفي سياق الحديث عن الجراحة يُذكر بأنّ جراحة تنظير قاعدة الجمجمة (بالإنجليزية: Endoscopic Skull Base Surgery) تُعتبر الأشهر من جراحات أورام النخامية، ويتضمّن هذا الإجراء فتح شقّ صغير في الغضروف داخل الأنف ليتم إدخال منظار (بالإنجيزية: Endoscope) يصِل إلى الغدة النخامية عبر الأنف وتجويف الجيوب الأنفية، بحيث تتمّ إزالة الورم كأجزاء صغيرة تُخرج عبر الشق الصغير بدلًا من إجراء شقّ كبير في الجمجمة قد يُسبب مضاعفات خطيرة أو يترك ندوب، ولكن إذا استحالت إزالة الورم عبر الأنف لكونه كبير الحجم فقد يستلزم الأمر إخضاع المُصاب لجراحة حجّ القحف (بالإنجليزية: Craniotomy)، وهي عملية يُزال فيها جزء من الجمجمة وتحمل مخاطر أكثر مُقارنةً بسابقتها بالإضافة إلى أنّها تستغرق وقتًا أطول لتعافي المُصاب منها.
كِلتا الجراحتين تتمّان تحت تأثير التخدير العامّ ويتطلب الخضوع لأيٍّ منهما مكوث المُصاب في المستشفى، وعادةً ما يتعافى معظم الخاضعين لهذه الجراحات بشكلٍ جيّد ويمارسون نشاطاتهم خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بعد الخضوع للعملية، أمّا عن المخاطر فهي نوعًا ما قليلة وتشمل العدوى (بالإنجليزية: Infection)، وتسرّب سائل النخاع الشوكي (بالإنجليزية: Spinal Fluid) والنزيف،وقد يخضع بعض المُصابين للعلاج الإشعاعي أو الكيماوي فيما يُعرف بالعلاج المُساند (بالإنجليزية: Adjuvent Therapy) بعد خضوعهم للجراحة، وذلك بهدف التخّلص من كافّة الخلايا السرطانية المُتبقّية وتقليل فرصة عودة السرطان مرّة أخرى.
ولمعرفة المزيد عن العلاج الجراحي لأورام الغدة النخامية يمكن قراءة المقال الآتي: (أنواع العلاج الجراحي لأورام الغدة النخامية).
قد تتضمّن الخطّة العلاج لأورام النخامية استخدام أنواع مُعينة من الأدوية، ويُمكن بيان الأدوية تبعًا لنوع الورم على النّحو الآتي:
تجدر الإشارة إلى احتمالية استخدام العلاج بالهرمونات البديلة (بالإنجليزية: Hormone Replacement Therapy) في الحالات التي يُعاني فيها المُصابين بأورام النخامية الغُدّية من قصور النخامية (بالإنجليزية: Hypopituitarism) سواء أكان ذلك نتيجة تأثير الورم أو الجراحة والعلاجات الأخرى، وتستعيد الغدّة قدرتها على العمل إلى حدٍّ ما، إلّا أنّ العديد من الأشخاص تستلزم حالاتهم استخدام العلاج بالهرمونات البديلة على المديين القصير أوالطويل.
يهدف العلاج الإشعاعي إلى قتل الخلايا السرطانية أو الحدّ من نموها وتكاثرها، وقد يُستخدم بعد الجراحة في حالات الأورام النخامية الغدية الوظيفية التي لا تُفلح الجراحة في علاجها بشكلٍ تامّ وحالات الأورام النخامية الغدية غير الوظيفية التي يتخوّف الأطباء من نموّها وتطورها مُستقبلًا، ولأنّ الغدة النخامية مُحاطة بالعديد من تراكيب الدماغ المُهمّة للبصر والذاكرة يجب أن تُركّز جرعات الأشعه داخل الورم قدر الإمكان لتقليل كميّات الأشعة التي قد تتعرّض لها هذه التراكيب المجاورة، ومن الجدير ذكره وجود أنواع عدّة للعلاج الإشعاعي نُبينهما فيما يأتي.
يعدّ العلاج الإشعاعي منظّم الكثافة (بالإنجليزية: Intensity Modulated Radiotherapy) متطوّر جدًّا، ويقوم مبدأ عمله على استخدام جهاز المُسرّع الخطّي (بالإنجليزية: Linear Accelerator) لإيصال جُرعات دقيقة من الأشعة تستهدف الورم أو أجزاء مُحددة منه، بحيث تُشكّل كلّ 5-7 مجالات إشعاعية مُنظّمة شكل المجال الإشعاعي المتوافق مع الخلايا المُستهدفة بدقّة، وذلك لتجنّب تأثيرها في الخلايا الطبيعية.
تتمّ الجراحة الإشعاعية التجسيمية (بالإنجليزية: Stereotactic Radiosurgery) من خلال إيصال جرعة واحدة عالية من الأشعة تُركّز حزمتها على الورم دون الحاجة لإجراء شقّ جراحي، وبمساعدة تقنيات تصويرية خاصّة بالدماغ يتم تعريض الورم لحزم أشعة تتوافق معه شكلًا وحجمًا، وعليه تكون نسبة تعرّض الأنسجة السليمة المُحيطة بالورم للأشعة ضئيلة جدًّا وبالتالي تقليل خطر تدمير هذه الأنسجة،وتُعدّ الجراحة الإشعاعية بسكّين جاما (بالإنجليزية: Gamma Knife® therapy) أحد أكثر التقنيات دقة وقوّة وفعالية في مُعالجة اضطرابات الدماغ بما في ذلك أورام النخامية، إذ تعمل سكين جاما على إيصال جرعة واحدة عالية من حزمة أشعة جاما بصورةٍ تجسيمية للورم، ويُمكن استخدامها على بقايا الورم أيضًا.
تمتاز تقنية العلاج الإشعاعي بالبروتونات (بالإنجليزية: Broton Beam Therapy) بكفاءتها ودقتها العالية وعدم حاجتها إلى تدخل جراحي،وتستخدم هذه التقنية بروتونات موجبة الشحنة بدلًا من الأشعة السينية (بالإنجليزية: X-rays)؛ فعلى عكس الأخيرة، تتوقف حُزم البروتونات بعد إطلاق طاقتها داخل الخلايا المُستهدفة، وعليه تكون الحُزم تحت السيطرة وتُصيب الورم فقط مع ضرر ضئيل يلحق بالأنسجة المُحيطة، ولهذا فإنّ هذه التقنية تحتاج مُعدّات خاصّة ولا تُتاح على نطاقٍ واسع.
يعمل العلاج بحزمة أشعة خارجية (بالإنجليزية: External Beam Radiation) على إيصال الأشعة بتزايد قليل مع مرور الوقت، وتُجرى جلسات العلاج في العيادات الخارجية، وتمتد على فترة 4-6 أسابيع، بحيث يشمل كلّ أسبوع منها خمس جلسات، ورغم أنّ هذا النوع من العلاجات يكون فعّالًا في كثير من الأحيان، إلّا أنّه يتطلب سنوات لتحقيق السيطرة التامّة على نمو الورم وإنتاج الهرمونات، كما أنّه قد يتسبّب بالإضرار في الخلايا النخامية المتبقيّة وخلايا الدماغ السليمة خاصّة تلك القريبة من الغدة.
قد يُستخدم العلاج الكيماوي (بالإنجليزية: Chemotherapy) كعلاج تلطيفي لبعض سرطانات النخامية، ويهدف العلاج التلطيفي (بالإنجليزية: Palliative Treatment) بشكلٍ عامّ إلى تخفيف الأعراض وتحسين قدرة المُصاب على التعايش مع المرض، ويُذكر بأنّ العلاج الكيماوي يقوم على استخدام بعض الأدوية التي تحدّ من نمو الخلايا السرطانية إمّا عن طريق قتلها أو إيقاف تكاثرها، وعندما يأخذ المُصاب الدواء عبر الفم أو الحقن الوريدية أو العضلية، فإنّ الدواء يدخل إلى مجرى الدم ويصِل إلى الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم، وهذا ما يُعرف بالعلاج الكيماوي الجهازي (بالإنجليزية: Systemic Chemotherapy)، وفي حالاتٍ أخرى قد يتمّ إدخال الدواء مباشرةً إلى سائل الحبل الشوكي أو إلى عضو مُحدد أو تجويف معين من الجسم، وعليه فإنّ الدواء يؤثر في الخلايا السرطانية في المنطقة المعنية بشكلٍ رئيسي، وهذا ما يُعرف بالعلاج الكيماوي النَّاحِيّ (بالإنجليزية: Regional Chemotherapy)، ومن الجدير ذكره أنّ طريقة العلاج الكيماوي المتبّعة يتمّ تحديدُها بناءً على نوع السرطان المُراد علاجه.
تتمّ إعادة عدد من الفحوصات التي استُخدمت لتشخيص الورم وتحديد درجته لمعرفة مدى فعالية العلاج والاستجابة له، واتخاذ القرارات المُناسبة من الاستمرار بالعلاج أو تغييره أو إيقافه بناءً على النتائج التي تمّ الحصول عليها، وقد يستمر إجراء فحوصات المتابعة بين الحين والآخر بعد إنهاء العلاج للكشف عن أيّ تغيّرات صحيّة جديدة أو إذا عاد الورم للنمو من جديد، وتشمل فحوصات المتابعة إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي وفحوصات الهرمونات، وإذا تسبب الورم بأيّة مشاكل بصرية سيُتابَع ذلك من قِبل أخصائي العيونن ومن الجدير ذكره أنّ أورام النخامية نادرًا ما تعود