كما ذكرنا سابقًا أنّ التهاب الحلق يتحسّن من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى العلاج؛ حيث إنّ معظم التهابات الحلق تكون ذات شدّة خفيفة، إذ تستلزم الخضوع للعلاج المنزلي فقط بهدف الحصول على الراحة، ومن ناحيةٍ أخرى يعتمد علاج التهاب الحلق على المُسبب، فالتهاب الحلق الناتج عن فيروسات الإنفلونزا أو نزلات البرد والذي يشكّل سببًا لغالبية حالات التهاب الحلق يختفي من تلقاء نفسه في غضون أسبوعٍ إلى عشرة أيّامٍ من الإصابة،وفي حال كان التهاب الحلق يُمثّل أحد أعراض حمّى القشٌ (بالإنجليزية: Hay Fever) أو أي مرضٍ تحسّسيّ آخر يكون العلاج بالابتعاد عن مهيّجات التحسس وقد يستلزم الأمر أخذ دواءٍ مضادٍ للحساسيّة بعد استشارة الطبيب، ومن الجدير ذكره أنّه وقبل الخضوع لأيّ علاج يجب التأكد من عدم وجود حساسيّة تجاهه أو تجاه أيٍّ من مكوناته، وسيتمّ فيما يأتي بيان العلاجات الطبية المُستخدمة في حالات التهاب الحلق.
تتوافر العديد من مسكنات الألم التي يمكن صرفها دون الحاجة إلى وصفة طبية، ويُمكن استخدامها بهدف تخفيف آلام الحلق أو ارتفاع درجة الحرارة المرتبطة بالتهاب الحلق، ومن أمثلة هذه المسكنات الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) الموجود ضمن تركيبة العديد من أدوية البرد والإنفلونزا، ولهذا يجب الانتباه إلى مكونات الأدوية قبل تناولها لتجنّب الحصول على جرعة زائدة من الباراسيتامول، ومن ناحيةٍ أخرى تبرز مضادات الالتهاب غير السيترويدية (بالإنجليزية: Non-Steroidal Anti-Inflammatory Drugs) كمثالٍ على المسكنات الأخرى التي يُمكن استخدامها في حالة التهاب الحلق، ويعدّ كلٍّ من الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) والنابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen) مثالين على هذه المجموعة الدوائية، ومن الجدير ذكره ضرورة توخّي الحذر عند أخذ مضادات الالتهاب غير السيترويدية من قِبل الأشحاص الذين يُعانون من مشاكلٍ في المعدة، أو عسر الهضم (بالإنجليزية: Indigestion)، أو الرّبو (بالإنجليزية: Asthma) لما تُسبّبه هذه الأدوية من تفاقمٍ لتلك المشاكل الصحّية.
أمّا عن علاج التهاب الحلق بالمسكنات لدى الأطفال والرضع، فيُمكن استخدام مسكنات الألم الآمنة عند استهلاكها من قِبل الأطفال؛ مثل الآيبوبروفين والباراسيتامول، مع الإشارة إلى ضرورة تجنّب إعطائهم الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) لارتباطه بمتلازمة راي (بالإنجليزية: Reye's Syndrome) النادرة والمُهددة للحياة عند حدوثها نظرًا لما قد تُسبّبه من انتفاخ الكبد والدماغ،وأمّا السيترويدات الفموية (بالإنجليزية: Oral Steroids) ففائدتها في علاج آلام الحلق محدودة مقارنةً بالأدوية الأخرى التي يمكن صرفها دون الحاجة إلى وصفة طبية، إضافةً إلى ما قد تُسبّبه من آثارٍ جانبيّة قد تكون خطيرة في بعض الأحيان.
يمكن اللجوء إلى استخدام أقراص مصّ الحلق (بالإنجليزية: Lozenges) التي تحتوي على أدوية تخدير موضعيّ؛ مثل البنزوكائين (بالإنجليزية: Benzocaine) والفينول (بالإنجليزية: Phenol) لعلاج آلام الحلق أو التخفيف من جفاف الحلق، حيث تظلُّ لفترةٍ أطول داخل الحلق وتتمتّع بفعالية أكثر مقارنةً بالبخاخات أو مستحضرات الغرغرة المحتوية على موادّ تخدير موضعي والتي يُمكن استخدامها في تخفيف آلام الحلق أيضًا، وعلى الرّغم من ذلك فإنّ الأدلّة التي تدعم فعاليّة البخاخات وأقراص المصّ في تخفيف آلام الحلق تُعتبر محدودة،وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه المنتجات تحتوي على موادّ مختلفة أو مزيجٍ منها؛ كالمطهرات، ومضادات البكتيريا، والمسكّنات، ومضادات الالتهاب، والموادّ المخدرة، وبشكلٍ عام يجب مراعاة ما يأتي عند استخدام البخاخات أو أقراص مصّ الحلق:
تبرز الحاجة إلى استخدام المضادات الحيوية (بالإنجليزية: Antibiotics) لعلاج بعض حالات التهاب الحلق ذات المُسبّب البكتيري؛ مثل التهاب الحلق البكتيري الناتج عن عدوى المكورات العقديّة من النوع (أ) (بالإنجليزية: Group A Streptococcal Infection)، وعند قولنا " بعض حالات التهاب الحلق البكتيري" فإنّ هذا لا يعني جميعها، فهناك حالاتٌ من العدوى البكتيرية التي لا تحتاج إلى علاجٍ بالمضاد الحيوي،وفي هذا السّياق يُشار إلى أنّ استخدام المُضادات الحيوية في حالات التهاب الحلق الناتج عن فيروسات نزلات البرد لا يُساعد في حلّ هذه المشكلة، إلّا أنّ العدوى الفيروسية تتسبّب بخفض مقاومة الجسم للعدوى البكتيرية، وبالتالي فإنّ الحالات التي يُعاني فيها المريض من حالةٍ مركبة من الالتهاب الفيروسي المُتسبب بالتهاب بكتيري تستلزم العلاج بالمُضادات الحيوية أيضًا، ومن الجدير ذكره أنّ التهاب الحلق البكتيري أقلّ عدوى وتتحسّن أعراضه بشكلٍ ملحوظ بعد تناول المضادات الحيوية وفقًا لما هو موصىً به، مع ضرورة أخذ كورس العلاج بالكامل كما هو موصوف من قِبل الطبيب حتى وإن شعر المريض بتحسّن واختفت أعراض التهاب الحلق.
وفي نهاية الحديث عن المضادات الحيوية يجب التنويه إلى الآثار الجانبية التي قد تسببّها المضادات الحيوية؛ كالإسهال، والقيء، والطفح الجلدي، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّه يوصى بعدم استخدام المضادات الحيوية في حال عدم الحاجة إليها، ويعود السبب في ذلك إلى أنّه وفي كلّ مرّة يتمّ فيها أخذ مضاد حيوي فمن المرجح أن تبقى في جسم الشخص بعض البكتيريا التي لم يستِطع الدواء قتلها، ومع مرور الوقت ينشأ لدى هذه البكتيريا نوع من المقاومة وتصبح أكثر صرامةً من ذي قبل وتتسبّب بعدوى أكثر خطورة، ممّا يعني الحاجة إلى مضادات حيوية أخرى أكثر قوةً وأعلى تكلفة، وبناءً على ما سبق تجدُر التوعية بأهمية تجنّب علاج الأمراض الفيروسية أو الفطرية باستخدام المضادات الحيوية، فهي لا تعمل ضد هذه الجراثيم ألبتة، والعاقبة الوحيدة لهذا الاستخدام الخاطئ هو زيادة انتشار الجراثيم وخطورة المشكلة الصحيّة.
كما ذكرنا سابقًا أنّ التهاب الحلق يحدث نتيجةً لعدوى بكتيريّة أو فيروسيّة، وبناءً على ذلك فإنّ علاج الحالة المرضيّة قد لا يقتصر على مسكنات الألم والمضادات الحيويّة فحسب، وقد يشمل علاجات أخرى بالاعتماد على التشخيص، ويمكن بيان هذه العلاجات على النحو التالي:
على الرّغم من تعدد أسباب التهاب الحلق، تبقى التدابير المنزليّة حلًّا يُخفف من أعراض التهاب الحلق لدى الكبار والصّغار، وفيما يأتي بيانٌ لأهمّ هذه التدابير: