يُعرّف هبوط السكر في الدم أو انخفاض مستوى السكر في الدم (بالإنجليزية: Hypoglycemia) على أنّه حدوث انخفاض غير طبيعي في مستوى سكر الجلوكوز في الدم، بحيث ينخفض عادة مستوى السكر إلى أقل من 70 ملغرام/ديسيلتر، ويؤثر حدوث ذلك في قدرة الدماغ على أداء وظائفه بكفاءة نظراً لاعتماد الدماغ على الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة.
يجدُر علاج هبوط سكر الدم بشكلٍ فوري ومُستعجل بغضّ النظر عن المُسبّب الذي أدّى إلى حدوث هذه الحالة، وفي معظم الحالات يُمكن الاستدلال على حدوث ذلك من خلال الأعراض التي تظهر على الشخص والمُتمثلة بفرط التعرّق، وخفقان القلب، والدوخة، وفي حال ظهور الأعراض المُرتبطة بهبوط سكر الدم، فيجدُر بالشخص مُعالجة نفسه فورًا أو طلب العناية الطبية، إذ إنّ احتياطات الدماغ من السكر تُعتبر محدودة جداً ويعتمد بشكلٍ رئيسي على توافره في الجسم، لذلك يجدُر اتخاذ الإجراءات المُلائمة التي تُمكّن من تعديل مستويات السكر ورفعها إلى المدى الطبيعي قبل حدوث تلف الدماغ أو فقدان الوعي، وفي الحقيقة، يعتمد علاج نوبات هبوط مستوى سكر الدم على إعطاء السكر بصورةٍ رئيسية، ففي الحالات التي يكون فيها الشخص واعٍ بشكلٍ تامّ فيجدُر إعطاؤه مشروب مُحلّى أو قطع حلوى، إذ إنّها قد تكون كفيلة برفع مستويات السكر في الدم، أمّا إذا صاحب هبوط السكر الدوخة أو فقدان الوعي فيجدُر إعطاء محلول جلوكوز مُناسب عن طريق الوريد، أو إعطائه حقن الجلوكاجون (بالإنجليزية: Glucagon).
يجدُر قياس مستوى سكر الدم إذا اعتقد الشخص حدوث انخفاض في مستوياته، فإذا كانت قراءة السكر أقل من 70 ملغرام/ديسيلتر عند قياسها فإنّ ذلك يُعدّ مؤشراً على انخفاض سكر الدم ويجب علاجها، وبشكلٍ عامّ إنّ حالات الانخفاض الطفيف في سكر الدم لا تستدعي طلب الرعاية الطبية الطارئة في العادة، وفي حال استمرار قراءات سكّر الدم بالانخفاض إلى أقلّ من 70 ملغرام/ديسيلتر، أو في حال كان الشخص يشعر بالنّعاس وعدم الوعي التامّ، فيجدُر الاتصال بالطورائ أو التوجّه فورًا للحصول على الرعاية الطبية الفورية، مع محاولة رفع مستوى سكر الدم خلال فترة انتظار الطوارئ أو الوصول إلى المُستشفى، وعند حدوث انخفاض في سكّر الدم قد يلجأ البعض لتناول أكبر كمية من الطّعام إلى أن يشعروا بالتّحسن؛ إلّا أنّ ذلك من شأنه التسبّب بارتفاع مستويات سكر الدم وتعريض الشخص لأضرار ذلك، ويُنصح بتطبيق "قاعدة 15-5" لعلاج هبوط السكر للمريض الواعي وتجنّب ارتفاع مستوياته بشكلٍ أعلى من المسموح به، مع الأخذ بالاعتبار ضرورة التّأكد من أنّ الشخص قادر على البلع، وتنصّ هذه القاعدة على إعطاء المُصاب 15 غرام من الكربوهيدرات لرفع مستوى سكر الدم ويجدُر إعادة قياسه بعد 15 دقيقة، وفي حال استمرت قيمته أقلّ من 70 ملغرام/ديسيليتر فيتطلّب الأمر إعطاء كمية أخرى من الكربوهيدرات، وتجدُر إعادة الخطوات إلى أن تُصبح قيمة سكر الدم 70 ملغرام/ديسيليتر على الأقل، وبمُجرد عودة مستوى السّكر إلى الطبيعي فيُنصح بتناول وجبة طعام أو وجبة خفيفة للتّأكد من عدم انخفاض السكّر مرةً اخرى، ويجدُر الاحتفاظ بمُفكّرة يتمّ فيها تدوين نوبات انخفاض السّكر التي تعرّض لها الشخص ومُناقشة الطبيب في ذلك والكشف عن المُسبّب الذي أدّى إلى حدوث هذه الحالة، واقتراح الطُرق التي تُمكّن من تجنّب حدوث انخفاض سكر الدم مُستقبلًا.
في حالات المُعاناة من انخفاض سكر الدم الشديد، وكان الشخص حينها ما يزالُ يقِظًا ولم يفقِد وعية فيجدُر تناول 20 غرام من الكربوهيدرات وإعادة قياس مستوى الجلوكوز في الدم مرةً أخرى بعد 15 دقيقة، وفي حال بقيت القيمة أقلّ من 70 ملغرام/ديسيلتر فيجدُر تناول 15 غرام من الكربوهيدرات، وإعادة أخذ القراءة مرةً أخرى، وبعد رفع مستوى السكر يجدُر بالفرد تناول وجبة طعام أو وجبة خفيفة، وفي حال كان الأمر يتطلّب الانتظار لأكثر من ساعة حتّى مجيء موعد الوجبة التالية المٌقررة، فيجدُر بالفرد تناول وجبة خفيفة تحتوي على مصدر بروتيني و15 غرام على الأقلّ من الكربوهيدرات، طالما لم يُعاني الشخص من مشاكل أخرى ناتجة عن نوبة انخفاض السكر. من الجدير ذكره أنّ كمية الكربوهيدرات المُعطاة للمُصاب بانخفاض سكر الدم قد تختلف تبعًا للعمر عند علاج هبوط السكر للمريض الواعي، إذ يحتاج الأطفال في الغالب إلى 15 غرام من الكربوهيدرات لرفع سكر الدم لديهم، أمّا الأطفال الرضع قد يحتاجون 6 غرام، والأكبر سنًّا من الرضع 8 غرام، والأطفال صغار السنّ 10 غرامات، وتجدر الإشارة إلى ضرورة مناقشة ذلك مع الطبيب وتحديد الكمية الأنسب لحالة الطفل. وبشكلٍ عامّ يجدُر مراجعة الطبيب واستشارته في حال تكرار حدوث انخفاض سكر الدم لدى الشخص أو في حال حدوث هذه الحالة دون أن يُرافقها أعراض تدلّ على ذلك.
يُنصح باللجوء إلى استخدام مصادر مُناسبة من الكربوهيدرات عند علاج انخفاض سكر الدم، ويُنصح بالابتعاد عن الكربوهيدرات المُعقدة أو الأطعمة التي تحتوي على الدهون أو البروتين مع الكربوهيدرات؛ مثل الشوكولاتة، أو الآيس كريم، أو رقائق البسكويت، أو الخبز، إذ إنّ هذه الأنواع من الكربوهيدرات تُبطئ امتصاص الجلوكوز وبالتالي فهي لا ترفع نسبة الجلوكوز بكفاءة، وعليه لا يجدُر استخدامها للعلاج الطارئ لانخفاض سكر الدم، وحول مصادر الكربوهيدرات التي يُنصح بها في هذه الحالة، فيُشار إلى أنّ كلّ وجبةٍ من التالي ذكرُها تحتوي على 15 غرام من الكربوهيدرات:
قد يتسبّب انخفاض السكر في الدم بفقدان المُصاب وعيه، وفي حال حدوث ذلك فيستلزم الأمر الاستعانة بشخص آخر للقيام بالإجراءات اللازمة، وبشكلٍ عامّ يعتمد علاج هبوط السكر الحاد للمريض الفاقد للوعي أو شديد النّعاس على استخدام حقن الجلوكاجون التي تُعطى عن طريق الحقن، والتي يقوم مبدأها على تحفيز الكبد لإفراز كمياتٍ كبيرةٍ من الجلوكوز، وبشكلٍ عامّ فهو يُعيد مستويات الجلوكوز في الدم إلى مداها الطبيعي في غضون 5-15 دقيقة، ويتمّ حقن الجلوكاجون في الأرداف، أو الذراعين، أو الفخذ، باتباع التعليمات المُرفقة مع العبوّة، وقد يُعاني الشخص من الغثيان والتقيؤ بعد استعادة وعيه ويُعتبر ذلك أمراً طبيعياً، وتجدر الإشارة إلى أهمية تجنّب إعطاء الشخص حقن الإنسولين لإنّها ستُسبّب انخفاض أكبر في مستوى سكّر الدم، وفي هذا السياق يُشار أنّ الأشخاص المُعرضين لخطر حدوث نوبات نقص سكر الدم الحاد يجدُر بهم الاحتفاظ بحقن الجلوكاجون واصطحابها معهم كإجراء احترازي لحدوث النوبات مُستقبلًا، ولعلاج هبوط السكر للمريض الفاقد للوعي يجدُر اتباع مجموعة من الخطوات، نُبيّنها فيما يأتي:
قد يُصاحب انخفاض سكّر الدم مُعاناة المُصاب من نوبات التشنّج، ويستلزم ذلك اتباع إجراءات مُعينة نُبينها فيما يأتي:
يُطلق مصطلح عدم الشعور بهبوط السكر في الدم (بالإنجليزية: Hypoglycemia unawareness) على حالات توقّف الأعراض المُبكّرة المُعتادة لحالة انخفاض سكر الدم عن الظهور لدى الأشخاص المُصابين بداء السكري لفتراتٍ زمنيةِ طويلةٍ، وقد تكون هذه الحالة خطيرة نظرًا لعدم إدراك الشخص لحاجته للعلاج وطلب ذلك في الوقت المُلائم، وفي حال تمّ تشخيص الفرد بحالة عدم الشعور بهبوط السكر في الدم فقد يلجأ الطبيب إلى تقليل جرعة الإنسولين وأدوية السّكري الأخرى التي يستخدمُها الشخص المُصاب بالسكري، وقد يتمّ إجراء تعديلات على جُرعات الإنسولين بشكلٍ مُتكرر في سبيل الحفاظ على نسبة سكر الدم ضمن المدى المعقول وليس المثالي بما يُقلل خطر حدوث نوبات انخفاض سكر الدم، وتجدُر الإشارة إلى أنّ هذه الحالة تتطلّب إجراء فحص مستوى سكر الدم بشكلٍ مُتكرر أكثر من المُعتاد.
في الحالات التي يُعاني فيها الشخص من تكرار حدوث نوبات انخفاض سكّر الدم بالرغم من أنّه غير مُصاب بمرض السّكري، فإنّ الأمر يستدعي مُراجعة الطبيب في سبيل الكشف عن المُسبب الذي أدّى إلى حدوث هذه الحالة، وبناءً على ذلك تحديد الخطّة العلاجية المُلائمة لحالة المُصاب، وقد تتضمّن خطّة العلاج إجراء تغييرات في أنماط الحياة بما يُمكّن من تقليل احتمالية حدوث انخفاض سكر الدم، ويستلزم الأمر أيضًا معرفة كيفية علاج انخفاض سكر الدم بمجرد مُلاحظة الأعراض، ويُنصح هؤلاء الأشخاص بتناول وجبات طعام صغيرة متكررة بدلاً من وجبات الطّعام الثلاثة الرئيسية المُعتادة خلال اليوم، وللحدّ من حدوث انخفاض سكر الدم التفاعليّ (بالإنجليزية: Reactive Hypoglycemia) المُتمثل بانخفاض سكّر الدم بعد تناول وجبات الطعام يُنصح بالتقليل من تناول الكربوهيدرات وبخاصّة تلك التي تحتوي السكريات البسيطة، وقد تُوصف أنواع مُعينة من الأدوية للأشخاص الذين يُعانون من انخفاض سكر الدم التفاعلي والمُصابين بانخفاض سكر الدم بعد جراحات علاج البدانة (بالإنجليزية: Bariatric Surgery)، ومن هذه الأدوية مُثبطات الفا جلوكوزيد (بالإنجليزية: Alpha-glucosidase inhibitors)؛ مثل أكاربوز (بالإنجليزية: Acarbose)، إذ تعمل على إبطاء امتصاص الكربوهيدرات.
أمّا في حالات حدوث انخفاض سكر الدم نتيجة استخدام مرضى السكري أنواع مُعينة من أدوية السكري، فقد يتطلّب الأمر وضع خطّة علاجية بما يُمكّن من علاج نوبات انخفاض سكر الدم عند حدوثها، وبشكلٍ عامّ فإنّ حالات انخفاض سكر الدم المُرتبطة باستخدام أنواع مُعينة من الأدوية قد تستلزم تغيير الدواء أو جرعاته، أو إيقاف استخدامه، ويتمّ ذلك وفقًا لإرشادات الطبيب وتعليماته، ويجدُر بالشخص عدم اتخاذ أيّ إجراء مُتعلق بالأدوية دون استشارة الطبيب.
قد يرتبط انخفاض سكّر الدم بالإصابة بأنواع مُعينة من الأورام أو السرطانات، كحالات وجود ورم في البنكرياس يُعرف الورم الإنسوليني (بالإنجليزية: Insulinoma)، أو وجود نمو خلايا غير طبيعي في الأورام غير البنكرياسية؛ كما يحدث في حالات انخفاض سكر الدم المُرتبط بالأورام التي تنمو فيها خلايا أخرى غير خلايا جزر البنكرياس، وقد تكون الأورام حميدة أيّ غير سرطانية، أو خبيثة تنتشر إلى أنسجة أخرى من جسم الإنسان، وفي حالات أورام البنكرياس فإنّ علاجها يستدعي إخضاع الشخص للجراحة لاستئصال الورام، وفي بعض الحالات قد يستلزم الأمر إزالة جزء من البنكرياس، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الورم الإنسوليني يُعتبر من الأورام نادرة الحدوث، والتي تسبب زيادة في إفراز الإنسولين، وغالباً ما يتم إزالتها جراحياً من قبل طبيب متخصص في ذلك نظرًا لكونها صغيرة الحجم ويصعُب تحديد موقِعها، وفي بعض الحالات قد يتطوّر لدى الشخص أكثر من ورم واحد بما يحول دون القدرة على استئصالها عن طريق جراحة واحدة، فقد يستدعي الأمر إخضاع الشخص لجراحةٍ أخرى، وخلال مرحلة ما قبل الجراحة قد يتمّ إعطاء الشخص أدوية مُعينة للسّيطرة على الأعراض لديه؛ مثل أوكتريوتيد (بالإنجليزية: Octreotide) أو ديازوكسيد (بالإنجليزية: Diazoxide).
يُنصح الأشخاص الذين يُعانون من انخفاض سكر الدم باتباع مجموعة من النّصائح والإرشادات التي من شأنها مُساعدتهم في السّيطرة على هذه الحالة وتقليل حدوثها مُستقبلًا، ونذكر من هذه النّصائح والإرشادات ما يأتي: