علاجات التهاب الشغاف المختلفة

الكاتب: د. ايمان شبارة -
علاجات التهاب الشغاف المختلفة.

علاجات التهاب الشغاف المختلفة.

المعالجة

يجب البدء بالمعالجة التجريبية بالصادات مباشرة بعد الاشتباه أو تأكيد الإصابة بالتهاب الشغاف إذا كانت الحالة حادة وتوحي بالخطورة، ويتم اختيار الصادة حسب التوجه السريري. أما إذا كانت الحالة مقبولة ومستقرة فيمكن الانتظار ريثما تظهر نتائج زرع الدم والتحسس لتعيين العامل الممرض والصادة المناسبة بدقة مع أخذ التداخل الجراحي بعين الاعتبار إن لزم، ويجب إعطاء الصادات بجرعة مناسبة لتصل بالتركيز المصلي للصادة المعطاة إلى مستواها الفعال مع المحافظة على بقاء هذا المستوى في الفترات الفاصلة بين الجرعات حتى الشفاء التام، وهذا يتطلب إعطاء الصادة عن غير طريق الفم. وقد يؤدي التأخر في بدء العلاج وخاصة في الحالات الحادة إلى نتائج وخيمة. يجب أن يتم تعقيم التنبتات الشغافية تماماً لكي يمكن الحكم بالشفاء التام، ولذلك يجب إعطاء الصادات القاتلة للجراثيم bactericidal وليس الصادات الموقفة لنموها bacteriostatic، وتفيد مشاركة صادتين مختلفتين تعمل كل منهما بآلية تختلف عن الأخرى فتتآزران في قتل العامل الممرض وتكون النتائج أفضل. تختلف مدة الاستمرار بالعلاج تبعاً لنوع العامل الممرض وللصمام المصاب أو لمكان الإصابة وللنظام المتبع للصادة المعطاة. تحتاج معظم الحالات إلى استمرار العلاج مدة 6 أسابيع ولكن يكفي أحياناً 2-4 أسابيع كما هو الحال في العقديات المخضرة التي تعنو للبنسلين أو في حالات التهاب الشغاف في الجانب الأيمن من القلب الناجمة عن العنقوديات الذهبية. يجب أن يبدأ العلاج في المستشفى (كمريض داخلي) في الأسبوعين الأولين من بدء العلاج لأن معظم المضاعفات تحدث في هذه الفترة، فإذا انقضت هذه المدة بسلام ودون مضاعفات وكانت حالة المريض مستقرة أمكن إتمام العلاج خارج المشفى (كمريض خارجي) مع الاستمرار بالمراقبة الطبية الدقيقة من قبل فريق طبي خبير لكشف حدوث أية مضاعفة باكراً. يجب مراقبة المستوى المصلي للصادة بشكل منهجي ومتكرر للمحافظة على تركيزها الفعال في المصل، وفي الوقت نفسه لاجتناب التراكيز السمية وما يتبعها من أذية كلوية أو كبدية. كما يجب إجراء مراقبة متكررة للوظيفة الكلوية والكبدية في سياق العلاج بالمعايرة الدورية كل 2-3 أيام لكرياتنين المصل واختبار تصفية الكرياتنين وفحص البول والراسب للتحري عن وجود كريات بيض أو أسطوانات حبيبية لمراقبة الوظيفة الكلوية ومعايرة SGPT والفسفاتاز القلوية لمراقبة الحالة الكبدية. قد تحدث أذية سمية للعصب السمعي لدى استعمال الأمينوغليكوزيدات وهذه لاعلاقة لها بمستواها المصلي وتتطلب إيقاف الدواء. قد يحصل إسهال في سياق العلاج بالصادات بسبب نمو الجراثيم المعوية المنافسة. لا تعطى مضادات التخثر على نحو منهجي في العلاج لما تسببه من نزف إذا حدثت صمة دماغية أو إذا انبثقت أم دم خمجية، ويقتصر استعمالها على حدوث التهاب وريدي خثري أو صمة رئوية أو رجفان أذيني أو كون الإصابة على صمام صنعي مكيانيكي.

إن زرع الدم وما يتلوه من تحديد العامل الممرض والصادة الفعالة هو الأساس في العلاج، وهذه هي الخطوط العامة لتحديد العلاج بالصادات حسب التوجه السريري وقبل ظهور نتائج الزرع. يجب أن يكون التداخل الجراحي ماثلاً في الذهن في كل مراحل العلاج الدوائي.

المكورات العقدية المخضرة:

هي العامل الممرض المسؤول عن معظم الحالات ويشتبه فيها إذا حدث التهاب الشغاف بعد قلع سني أو رض لثوي شديد أو أي عمل طبي يتعلق بالفم والبلعوم. يعطى البنسلين - ج بمقدار 3-5 مليون وحدة وريدياً كل 6 ساعات مدة 4 أسابيع مع الجنتاميسين 1 ملغ/كغ وريدياً (الجرعة القصوى 80ملغ) كل 8 ساعات مدة أسبوعين (وتعدل الجرعة حسب الوظيفة الكلوية إن لزم). وفي حال ظهور ارتكاس تحسسي للبنسلين يعطى بدلاً منه السيفترياكسون 2غ وريدياً كل 24 ساعة مدة 4 أسابيع، أو الفانكومايسين 15 ملغ/كغ وريدياً كل 12 ساعة مدة 4 أسابيع مع بقاء المشاركة مع الجنتاميسين بالجرعة المذكورة مدة أسبوعين على الأقل. قد تتطلب بعض الحالات معالجة مدة أطول كما في إصابة الصمامات الصنعية التي تمتد فيها فترة المعالجة حتى ستة أسابيع.

المكورات العنقودية الذهبية:

وهي مسؤولة عادة عن التهاب الشغاف لدى مدمني المخدرات الوريدية أو أخماج الصمامات الصنعية أو عند المرضى الذين يخضعون للتحال الدموي.

يعطي النافسيلين 8-12غ وريدياً مقسمة على 3-4 جرعات مدة 4-6 أسابيع مع الجنتاميسين وريدياً 1ملغ/كغ (الجرعة القصوى 80ملغ) كل 8 ساعات مع مراقبة الوظيفة الكلوية مدة 4-6 أسابيع، ويمكن إعطاء الفانكومايسين وريدياً 15 ملغ/كغ كل 12 ساعة مدة 4-6 أسابيع مع الجنتاميسين بالجرعة والمدة نفسيهما، وفي حال التحسس للمشتقات البنسلينية يعطى السيفترياكسون 2غ وريدياً كل 24 ساعة مدة 6 أسابيع مع الجنتاميسين بالجرعة والمدة نفسيهما.

المكورات العنقودية البشروية:

وهي نادراً ما تصيب الصمام الواطن بل تصيب الصمام الصنعي وخاصة بعد الجراحة القلبية إذا حصل التهاب الشغاف بعد أقل من 60 يوماً من الجراحة. يعطى الفانكومايسين 15ملغ/كغ وريدياً كل 12 ساعة مدة 6 أسابيع مع الريفامبيسين 300 ملغ كل 8 ساعات مدة 6 أسابيع مع الجنتاميسين 1ملغ/كغ (الجرعة القصوى 80 ملغ) وريدياً كل 8 ساعات مدة أسبوعين مع مراقبة الوظيفة الكلوية.

الجراثيم سلبية الغرام المعوية:

ويشتبه فيها إذا حدث التهاب الشغاف بعد مداخلات بولية أو تناسلية أو بعد الإجهاض التلقائي أو المحرض أو الجنائي. يعطى السيفوتاكسيم 2غ وريدياً كل 8 ساعات مدة 4-6 أسابيع مع الجنتاميسين 1.7 ملغ/كغ كل 8 ساعات مدة 4-6 أسابيع مع مراقبة الوظيفة الكلوية.

الإصابات الفطرية:

وتشمل الإصابة بالمبيضات البيض والنوسجات والكلبسيلات، وهي تصيب غالباً الصمامات الصنعية. عند الاشتباه في الإصابة الفطرية يعطى الأمفوتيريسين - ب 1ملغ/كغ وريدياً كل 6 ساعات مدة 8-10 أسابيع مع الفلوروسيتوزين 15ملغ/كغ فموياً، ويغلب أن يكون التداخل الجراحي لازماً في الإصابات الفطرية مع الاستمرار بالعلاج الدوائي بعده مدة شهر على الأقل.

تنخفض الحرارة عادة في غضون عشرة أيام من بدء العلاج الفعال، وإذا عادت بعدها فيمكن أن يكون السبب دوائياً وعندها توقف كل الصادات مدة 3 أيام. فإذا انخفضت الحرارة كان سبب ارتفاع الحرارة دوائياً ويعاد إعطاء الصادة نفسها بالشكل المناسب مدة كافية. أما إذا لم تنخفض واستمرت بالارتفاع فهذا يعني أن الصادة المعطاة لم تكن فعالة، ويجب إعادة التقييم بالزرع الجرثومي والتحسس من جديد. إن عودة الحرارة لمستواها الطبيعي وتحسن فقر الدم بمراقبة الرسابة (هيماتوكريت) وتراجع سرعة التثفل وعودة العامل الرثياني (RF) والبروتين المتفاعل C (CRP) إلى سلبيتهما، مؤشرات إلى فعالية العلاج وتحسن المريض أو شفائه.

يستطب التداخل الجراحي في الحالات التالية:

1- تفاقم قلس الصمام المصاب أو تخربه.

2- التنبتات الكبيرة جداً أو التي يزداد حجمها صدوياً برغم العلاج الدوائي الصحيح.

3- انسداد الصمام بالتنبت (وهذا نادر).

4- تطاول وصلة PR مما يدل على تشكل خراج في الحجاب بين البطينين.

5- خراج حول الصمام المصاب وهذا يظهر بتخطيط صدى القلب.

6- معظم حالات التهاب الشغاف الفطري التي تصيب الصمامات الصنعية.

7- الصمات الجهازية المتكررة المنطلقة من التنبت الشغافي.

8- معظم حالات إصابة الصمام الصنعي بالخمج مهما يكن العامل المسبب.

ويجب أن يستمر العلاج الدوائي الفعال بالصادات برغم التداخل الجراحي ولمدة كافية.

الوقاية

تقسم الحالات القلبية حسب درجة التأهب للإصابة بالتهاب الشغاف الخمجي إلى نوعين:

1- الحالات ذات الخطورة العالية وتشمل:

- الصمامات القلبية الصنعية.

- الآفات القلبية الولادية المزرقة.

- سوابق التهاب شغاف خمجي.

- قنية جهازية أو رئوية مزروعة جراحياً.

2- الحالات ذات الخطورة المتوسطة وتشمل:

- الآفات القلبية الصمامية المكتسبة.

- انسدال الصمام التاجي مع قصور أو تسمّك شديد في وريقتي الصمام.

- آفات القلب الولادية غير المزرقة بما فيها الصمام الأبهري ثنائي الوريقات، ويستثنى منها الفتحة بين الأذينين.

- اعتلال العضلة القلبية الضخامي.

أما أهم الإجراءات العلاجية والتشخيصية التي يمكن أن تسبب التهاب الشغاف الخمجي عند المرضى المستعدين له فهي:

- التنظير القصبي (بالمنظار الصلب).

- تنظير المثانة في أثناء وجود خمج بولي.

- أخذ خزعة من الجهاز البولي أو الموثة.

- الإجراءات السنية الراضة للثة.

- استئصال اللوزات والناميات والعقد البلغمية.

- توسيع المريء أو تصليب دوالي المريء.

- إدخال أي أداة تنظيرياً في الطرق الصفراوية المسدودة.

- استئصال الموثة بالتنظير عبر الإحليل.

- القثاطير والتوسيع الإحليلي.

- تفتيت الحصيات بأنواعها.

- الإجراءات النسائية بوجود الخمج.

تكون الوقاية من التهاب الشغاف بإعطاء الأدوية حسب الترتيب التالي:

أولاً- الإجراءات السنية والفموية والتنفسية والمريئية:

1 - المريض لا يتحسس للبنسلين:

أ- الأموكسيسيلين 2غ (50 ملغ/كغ عند الأطفال) فموياً قبل ساعة من الإجراء.

ب- في حال عدم إمكان تناول الدواء فموياً يعطى الأموكسيسيلين أو الأمبيسيلين 2غ (50 ملغ/كغ عند الأطفال) حقناً وريدياً.

2- المريض يتحسس للبنسلين:

يعطى الكلينداميسين 600ملغ (20 ملغ/كغ عند الأطفال) أو الأزيثرومايسين أو الكلاريثرومايسين 500 ملغ (15 ملغ/كغ عند الأطفال) قبل ساعة من الإجراء.

ثانياً- الإجراءات البولية التناسلية والمعدية المعوية:

1- المريض لا يتحسس للبنسلين:

أ- مجموعة الخطورة العالية: الأمبيسيلين أو الأموكسيسيلين 2غ وريدياً، إضافة إلى الجنتاميسين 1.5 ملغ/كغ وريدياً قبل الإجراء بنصف ساعة إلى ساعة. وبعد 6 ساعات يعطى 1غ من الأمبيسيلين أو الأموكسيسيلين فموياً.

ب- مجموعة الخطورة المتوسطة: الأمبيسيلين أو الأموكسيسيلين 2غ وريدياً (50ملغ/كغ عند الأطفال) قبل الإجراء بنصف ساعة - ساعة، أو الأموكسيسيلين 2غ فموياً (50ملغ/كغ عند الأطفال) قبل الإجراء بساعة.

2- المريض يتحسس للبنسلين:

أ- مجموعة الخطورة العالية: الفانكوميسين 1غ (20 ملغ/كغ عند الأطفال) تسريباً وريدياً خلال 1-2 ساعة قبل الإجراء، إضافة إلى الجنتاميسين 1.5ملغ/كغ وريدياً أو عضلياً.

ب- مجموعة الخطورة المتوسطة: تعطى جرعة الفانكوميسين نفسها دون إضافة الجنتاميسين.

التهاب الشغاف العقيم

وفيه تتوضع تنبتات عقيمة على الصمامات القلبية، ويدعى أحياناً التهاب الشغاف الدنفي marantic endocarditis. وقد يتجاوز قطر هذه التنبتات 5ملم أحياناًُ فيمكن كشفها صدوياً (بالإيكو). ويشاهد هذا النمط من التهاب الشغاف في تنشؤ المعثكلة أو الرئة أو الأنبوب الهضمي العلوي أو المثانة أو في متلازمة الكرب التنفسي، ويترافق عادة بحدوث التهاب وريد خثري أو بالتخثر المنتشر داخل الأوعية DIC، والإنذار سيء جداً. إن التهاب الشغاف لـ ليبمان - ساكس Libman- Sacks endocarditis شكل من أشكال التهاب الشغاف العقيم تتوضع فيه التنبتات الشغافية على الصمامين التاجي والأبهري أو على بطانة القلب ولا يصيب الصمام ثلاثي الشرف عادة، ومن المألوف حدوثه في سياق الإصابة بالذئبة الحمامية الجهازية، ونادراً في تصلب الجلد، والإنذار سيء جداً.

شارك المقالة:
83 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook