لقد حثّ النبي عليه الصلاة والسلام على سكنى المدينة، ورغّب في ذلك، وأخبر أنه لا يخرج أحدٌ منها رغبةً عنها إلا أخلف الله فيها من هو خيرٌ منه. وأخبر أن من علامات الساعة نفي المدينة لخبثها، وهم شرار الناس، كما ينفي الكير خبث الحديد.
وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:” يأتي على الناس زمانٌ يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلمّ إلى الرخاء، هلمّ إلى الرخاء، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعملون، والذي نفسي بيده، لا يخرج منهم أحدٌ رغبةً عنها؛ إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير يُخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما يُنفي الكير خبث الحديد”. صحيح مسلم.وروى الإمام مالكٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:”لتتركنّ المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب، فيغذى على بعض سواري المسجد، أو على المنبر، فقالوا يا رسول الله، فلمن تكون الثمار ذلك الزمان، قال: للعوافي، الطير والسباع”.
قال ابن كثير: والمقصود أن المدينة تكون باقيةً عامرةً أيام الدّجال، ثم تكون كذلك في زمان عيسى بن مريم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى تكون وفاته بها ودفنهُ بها، ثم تخرب بعد ذلك”. ثم ذكر حديث جابر رضي الله عنه، قال أخبرني عمر بن الخطاب، قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول:” ليسيرنّ الراكبُ بجنبات المدينة، ثم ليقولنّ: لقد كان في هذا حاضرٌ من المسلمين كثيرٌ”. رواه الإمام أحمد.