اقتضت سنة الله الكونيّة أنّه لن يدوم أحد سوى الله سبحانه وتعالى، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الأرض ممراً قصيراً للبشر ليقوموا بإعمارها وعبادته، ومن ثم ينتقلون من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة؛ ليجدوا نتائج ما كانوا يفعلون في الحياة الدنيا، ويبتلي الله تعالى العبد بهذا الاختبار بعد أن أنزل له الرسل والكتب لهدايته، وخلق له العقل الذي يستطيع من خلاله تمييز الحق والباطل، فجعل الله الموت واعظاً للإنسان حتى يتوقّف عن التمادي بالباطل، وهو يتخطف الناس دون أن يستثني أحداً مهما كبر شأنه في الدنيا، فيعرف أنه سيذوق الموت مثل باقي البشر ولن يأخذ معه سوى عمله الحسن، وهذا ما يجب على الجميع فهمه والعمل به، وسيتناول هذا المقال تعريف الموت وعلاماته.
الموت في اللغة: ضد الحياة، ويقال: مات يموت ويَماتُ: فهو ميِّتٌ ومَيْتٌ. وقومٌ مَوْتى وأمواتٌ، وميِّتونَ ومَيْتونَ.
ومن الأسماء التي يطلقها العرب على الموت: الحتف، والمنون، والسام، والحمام، والردى، وشعوب، والحين، والثكل، والوفاة، والهلاك.
لم يُنقل عن الفقهاء خلاف في أنّ الموت هو: مفارقة الروح للبدن، قال الله سبحانه وتعالى: (اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ففي الآية الكريمة بيان أنّ الله سبحانه وتعالى يأمر ملك الموت عند نهاية أجل الإنسان بإخراج روحه وقبضها، والتي لم ينتهِ أجلها يحبسها عن التصرّف في حال النوم، فإن أراد الله سبحانه وتعالى موتها قبضها، ولم يردّها إلى جسدها، وإن أراد بقاءها في الدنيا أرسلها فتعود إلى الجسد، ويعيش صاحبها إلى الأجل المسمى له.
أما الروح فلا يعلم حقيقتها إلاّ الله سبحانه وتعالى، فهي مما استأثر به في علم الغيب عنده، قال الله سبحانه وتعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَنِ الرّوحِ قُلِ الرّوحُ مِن أَمرِ رَبّي وَما أوتيتُم مِنَ العِلمِ إِلّا قَليلًا)
أما حقيقة مفارقة الروح للجسد فهي: خلوص الأعضاء كلها عن الروح، بحيث لا يبقى جهاز من أجهزة الجسم فيه صفة الحياة.
استدل الفقهاء على الموت ببعض الدلائل وبعض الأحاديث النبوية، ومن العلامات التي ذكرها الفقهاء:
موسوعة موضوع