عناصر النمو السكاني بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عناصر النمو السكاني بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

عناصر النمو السكاني بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
يتحكم في نمو السكان عاملان أساسيان هما: النمو الطبيعي للسكان (الفرق بين الولادات والوفيات)، والهجرة سواء كانت داخلية أو خارجية. ولهذا يشير هذا الفصل إلى كل عنصر من عناصر النمو على حدة على النحو الآتي:
 

المواليد

 
يقصد بالمواليد عدد حالات الولادة بين مجموع السكان، ويعالج هذا العدد بعدة طرق، من أهمها معدل المواليد الذي يحسب بنسبة عدد المواليد المرصودة في مجتمع ما إلى عدد الأفراد في هذا المجتمع، فإذا لم يوصف هذا المعدل، كان معدل المواليد الأوليّ. وقد يقال عنه أيضًا معدل المواليد السنوي الأولي الفعلي الذي يستخرج بقسمة العدد السنوي للمواليد الأحياء على متوسط عدد السكان في السنة  .  وتعود بيانات المواليد في المدينة المنورة إلى عام 1385هـ / 1965م فقط. ويلاحظ وجود نوعين من بيانات الولادات: أحدهما يشتمل على حالات الولادات في مستشفيات وزارة الصحة، والآخر يمثل الشهادات التي تصرف سنويًا للمواليد الجدد. وقد تم اختيار النوع الثاني لهذه الدراسة لأنه من المعروف، خصوصًا في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الهجري الرابع عشر، حدوث حالات ولادة خارج المستشفيات وبالتالي لم يتم إدراجها في سجلات ولادة المستشفيات، بالإضافة إلى تزايد الولادات التي تحدث في المستشفيات الخاصة في العقدين الماضيين. ولهذا كان النوع الثاني من البيانات هو الأكثر دقة وشمولية. ولكن نجد أن بيانات الولادات حسب المنطقة لا تتوافر إلا منذ سنة 1401هـ / 1981م، وهذه لا تتوافر بالتفصيل حسب المحافظات وإنما لإجمالي المنطقة، ولهذا فإن تحليل المواليد هنا سيلقي الضوء على بيانات منطقة المدينة المنورة إجمالاً
 
يشير (جدول 30) إلى الزيادة العامة في عدد مواليد منطقة المدينة الخام بين سنوات من 1401 و 1420هـ / 1981 و 1999م، وإن كان يلاحظ على معدل المواليد التذبذب وعدم الانتظام. وقد بلغ متوسط هذا المعدل خلال هذه الفترة نحو 24.7 في الألف، كما بلغ عدد السنوات التي تطابق تقريبًا معدل المواليد فيها مع هذا المتوسط خمس سنوات، وعدد السنوات التي ازداد معدل المواليد فيها عن هذا المتوسط كانت خمس سنوات. أما عدد السنوات التي قل معدل المواليد فيها عن هذا المتوسط، فقد بلغت تسع سنوات، ما يدل على الاتجاه العام نحو تناقص معدل المواليد الخام كما ورد في (شكل 11) . وتعد هذه المعدلات منخفضة قياسًا على معدل المواليد العام للمملكة الذي بلغ في عام 1420هـ / 1999م 35 في الألف، ولكنها مرتفعة إذا ما قورنت بمعدل المواليد في الدول المتقدمة من العالم. فمثلاً نجد أن معدل المواليد في بريطانيا كان 12 في الألف في سنة 1420هـ / 1999م، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 15 في الألف في السنة نفسها  
 
ويلاحظ أن متوسط معدل المواليد للسكان السعوديين 30.3 في الألف في منطقة المدينة المنورة خلال فترة الدراسة، كان متقاربًا مع متوسط معدل المواليد للسكان غير السعوديين 29.6 في الألف، مع أننا قد نجد فارقًا واضحًا في معدل المواليد للفئتين في بعض السنوات كما في سنوات 1402هـ / 1982م، 1403هـ / 1983م، 1404هـ / 1984م، 1412 - 1414هـ / 1991 - 1993م. ويلاحظ بشكل واضح الاتجاه نحو انخفاض معدل المواليد لدى السكان غير السعوديين أكثر منه للسكان السعوديين، (شكل 11) ، ما يمكن أن يعزى إلى تنظيم الإنجاب لدى السكان غير السعوديين أكثر منه بين السكان السعوديين.
 
وإذا ما نظرنا إلى عدد الولادات ومعدلاتها في المدينة المنورة ذاتها نلاحظ الاتجاه نفسه في عدم الانتظام والاتجاه العام نحو التناقص. ولعل هذا الاتجاه يرجع إلى تأثير حالات الولادات في المدينة المنورة التي شكلت 81.3% من مجموع الولادات في المنطقة. وقد كان متوسط معدل المواليد للسكان السعوديين 24.2 في الألف للفترة من 1401 - 1420هـ / 1981 - 1999م، في حين بلغ معدل المواليد للسكان غير السعوديين 24.8 في الألف خلال الفترة نفسها.
 

الوفيات

 
ترجع بيانات الوفيات في المدينة المنورة إلى عام 1361هـ / 1942م حين بدأت إدارة شؤون الموتى بأمانة المدينة المنورة في تسجيل حالات الوفيات التي تدفن في بقيع المدينة المنورة. ولكن هذه البيانات قد تشتمل على حالات وفيات حصلت خارج المدينة المنورة، ودفنت في البقيع لرغبة كثيرين في دفن موتاهم فيه لما روي عن الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - في فضل الموت بالمدينة المنورة. ولكن هذه البيانات يشوبها بعض الاضطراب في طريقة التصنيف، فمرة تصنف حسب المدينة المنورة فقط، وأخرى حسب المنطقة الإدارية، وثالثة حسب المنطقة التخطيطية (المنطقة الغربية)، ما يشكل صعوبة بالغة لأي دراسة منتظمة ومقارنة لحالات الوفيات في المدينة المنورة أو منطقتها. ولم تبدأ البيانات التي تفرق بين الوفيات التي حصلت في المدينة المنورة وتلك التي حصلت خارجها إلا منذ عام 1409هـ / 1989م.
 
ويلاحظ بشكل عام ارتفاع معدلات الوفيات في المدينة المنورة عنها في منطقة المدينة المنورة، ما يؤكد تحقق الرغبة لغالبية السكان في الوفاة بالمدينة المنورة أكثر من المنطقة، ولكن بشكل عام نجد أن معدلات الوفيات في المدينة المنورة أو في المنطقة تتصف بالانخفاض واتجاهها لمزيد من الانخفاض، خصوصًا في المنطقة من 3.3 في الألف إلى 2.3 في الألف خلال الفترة من 1409 - 1420هـ / 1989 - 1999م، وفي المدينة المنورة من 5.4 في الألف إلى 3.2 في الألف، (جدول 31) و (شكل 12) . ولعل هذه النسب الأخيرة تشير إلى مدى التقدم الصحي وتطور الخدمات الصحية التي تتمتع بها منطقة المدينة المنورة مثل قريناتها من المناطق الأخرى في المملكة التي تقارن بمعدل الوفيات في الدول المتقدمة، إذ بلغت مثلاً في الولايات المتحدة الأمريكية 9 في الألف، وفي المملكة المتحدة 11 في الألف في عام 1421هـ / 2000م  
 
وينطبق هذا التعميم على السكان السعوديين وغير السعوديين، إذ كانت ترتفع معدلات وفيات غير السعوديين على السعوديين، ثم اتجهت إلى التناقص ما يؤكد شمولية الخدمات الصحية وشمولية الرغبة في الوفاة بالمدينة.
 

الزيادة الطبيعية

 
انعكس التناقص الكبير في معدلات الوفيات على ارتفاع الزيادات الطبيعية في منطقة المدينة المنورة (جدول 31) و (شكل 13) ، مقارنة بعدد من الدول المتقدمة التي بلغت مثلاً 6 في الألف في الولايات المتحدة الأمريكية، 1 في الألف في المملكة المتحدة عام 1421هـ / 2000م، ولكنها أفضل حالاً من عدد من الدول النامية، فهي مثلاً تصل إلى 30 في الألف في النيجر، 28 في الألف في باكستان  .  ولكنها طيلة فترة الدراسة كانت أقل من المستوى العام للزيادة الطبيعية في المملكة الذي بلغ نحو 30 في الألف في عام 1421هـ / 2000م. أما في المدينة المنورة فلم تتجاوز 10 في الألف في عام 1420هـ / 1999م.
 

الهجرة

 
يتضح من (شكل 13) نسب الزيادات الطبيعية في منطقة المدينة المنورة التي بلغ معدلها السنوي خلال الفترة 1409 - 1420هـ / 1989 - 1999م 14 في الألف. وبناء على هذا المعدل فإن عدد سكان منطقة المدينة المنورة في عام 1420هـ / 1999م كان يدور حول 1105636 نسمة إذا ما اعتبرنا سنة 1409هـ / 1989م هي الأساس الذي تتوافر عنه بيانات الولادات والوفيات، أي أقل من مجموع السكان المذكور في (جدول 30) بمقدار 362053 نسمة. ويمكن أن يعزى هذا الفرق إلى تأثير الهجرة إلى المدينة المنورة، أي إن الهجرة تسهم في نمو سكان منطقة المدينة المنورة بمعدل سنوي يصل إلى 32914 نسمة. وتعني هذه الأرقام أن الهجرة سواء كانت داخلية أم خارجية هي أكثر تأثيرًا من الزيادات الطبيعية في نمو عدد سكان المنطقة بنحو 148% خلال الفترة 1409 - 1420هـ / 1989 - 1999م.
 
وتؤكد ذلك بيانات نتائج البحث الديموغرافي الذي أنجزته مصلحة الإحصاءات العامة بوزارة التخطيط في سنة 1419هـ / 1998م، إذ اتضح أن معدل صافي الهجرة في منطقة المدينة المنورة كان يعادل 79.22 (جدول 32) ، ما يعني ارتفاع تأثير الهجرة في تركيب سكان المنطقة مقارنة بمناطق أخرى في المملكة التي كان صافي معدل الهجرة فيها سالبًا، أي زيادة الهجرة الخارجة على الداخلة كما في مناطق جازان وعسير وحائل وغيرها  .  ويظهر ذلك بشكل واضح عند التدقيق في نسبة الهجرة التي تنتج من قسمة صافي الهجرة على عدد المواليد ناقصًا عدد الوفيات مضروبًا في ألف، إذ كانت في المدينة المنورة تعادل 8274.43 في سنة 1420هـ / 1999م.
 
وقد شكل الذكور نحو 63% من مجموع الهجرة الوافدة، ونحو 67% من الهجرة المغادرة لمنطقة المدينة في سنة 1419هـ / 1998م.
 
شارك المقالة:
47 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook