عهد الأدارسة في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عهد الأدارسة في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية

عهد الأدارسة في منطقة جازان في المملكة العربية السعودية.

 
تعود علاقة السادة الأدارسة بالمخلاف السليماني إلى سنة 1245هـ / 1829م؛ إذ في هذه السنة وصل السيد أحمد بن إدريس إلى مدينة صبيا قادمًا من تهامة اليمن، واتخذ منها مقرًا لإقامته، وفيها نشر طريقته الصوفية الأحمدية فكثر أتباعه ومريدوه، وظل بها حتى توفي في سنة 1253هـ / 1837م  
 
وبعد وفاته لم يستطع أحد من أبنائه أن يقوم مقامه في المخلاف، فتفرق مريدوه وأتباعه.
 
وكانت بداية ظهور إمارة الأدارسة في عهد حفيده محمد بن علي الإدريسي 1327 - 1341هـ / 1909 - 1923م   الذي استغل ما كانت تمر به المنطقة في ذلك الوقت من الفتن والاضطرابات والحروب القبلية والافتقار إلى الوحدة السياسية التي تلم شتاته، وتنشر الأمن في أرجائه، بالإضافة إلى انتشار البدع والخرافات، فبدأ في أول الأمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، وإحياء شعائر الدين، وتبصير الناس بذلك، والإصلاح بين القبائل، فالتف حوله الناس من كل أنحاء المنطقة  
 
وهذا التوجه الديني للسيد محمد كان يشوبه الطموح السياسي معتمدًا على مكانة أسرته الدينية في المنطقة، فتذكر بعض الروايات التاريخية أنه كان على علاقة ببعض المسؤولين الإيطاليين في القاهرة في أثناء طلبه للعلم هناك، خصوصًا أن إرتيريا الواقعة على الضفة الغربية للبحر الأحمر والمقابلة للمخلاف السليماني وتهامة اليمن في ذلك الوقت مستعمرة من قبل إيطاليا، وكان يتلقى منها الدعم المادي  . 
 
وبعد أن أحس بالتفاف الناس حوله وثقتهم به وتمكن نفوذه وطاعتهم له، دعا أهل صبيا إلى مبايعته بالإمارة وكان ذلك في أوائل سنة 1327هـ / 1909م، فاستجابوا له، ثم توافدت عليه بقية قبائل المخلاف؛ وبخاصة القبائل القريبة من صبيا  
 
وخلال فترة بسيطة تمكن الإدريسي من مد نفوذه ليشمل المنطقة الممتدة من القنفدة شمالاً إلى الحديدة جنوبًا، إضافة إلى جزء من بلاد عسير، معتمدًا على الدعم الأجنبي من الإيطاليين، ثم من الإنجليز الذين دعموه نكاية بالدولة العثمانية وإضعافًا لها، وقد تمكن السيد محمد من إلحاق هزائم عسكرية كثيرة بالإمام يحيى حميد الدين إمام اليمن وبالعثمانيين في تهامة اليمن والمخلاف السليماني وبلاد عسير  .  وظلت إمارته وطيدة الأقدام في المنطقة وتهامة اليمن حتى وفاته في سنة 1341هـ / 1923م.
 
 
 المملكة العربية السعودية 1351هـ / 1932م:
 
تعود علاقة الملك عبدالعزيز بالمنطقة إلى سنة 1338هـ / 1920م عندما استولى الأمير عبدالعزيز بن مساعد على منطقة عسير، حيث تبادل مع محمد بن علي الإدريسي الرسائل والوفود التي أثمرت عن توقيع اتفاقية بين الملك عبدالعزيز والسيد الإدريسي في 10 صفر 1339هـ الموافق 1920م، وكانت العلاقات بين الملك والسيد علاقة ود واحترام وتقدير متبادل، خصوصًا أن السيد الإدريسي وجد في الملك عبدالعزيز القوة التي بإمكانه اللجوء إليها والاعتماد عليها في ظل وجود الأخطار وسطو الأعداء المحدقين به، مثل: الشريف الحسين بن علي شريف مكة من الشمال، والإمام يحيى من الجنوب  ،  وقد تجلى هذا فيما قام به السيد محمد من تسمية أحد أبنائه باسم الملك عبدالعزيز، وطلب منه أن يكون وصيًا على عائلته بعد موته كما قام السيد الإدريسي بإزالة بعض مظاهر البدع، مثل: هدم الأضرحة مما يتفق مع المنهج السلفي الذي كانت عليه الدولة السعودية 
 
وقد استمرت العلاقات بين الملك عبدالعزيز والسيد محمد الإدريسي علاقة حسنة حتى وفاة السيد محمد في سنة 1341هـ / 1923م.
 
وبعد وفاة السيد محمد دب الخلاف بين أفراد أسرته حول الإمارة؛ فابنه علي كان يرى أنه الأحق بها لخلافة والده، لكن نافسه عمه الحسن الذي التف حوله كبار الأسرة الإدريسية بحجة صغر سن السيد علي، وعندما تأزمت الأمور بين أفراد الأسرة انعكس ذلك سلبيًا على الإمارة، حيث ازدادت الأطماع فيها، فقد استولى الإمام يحيى حميد الدين على بعض البلدان في تهامة اليمن وفي المناطق الجبلية التابعة للإمارة، وكذلك حاولت بعض القوى العظمى المعادية للدولة العثمانية، مثل: إيطاليا وبريطانيا أن يكون لهما موضع قدم في المنطقة؛ مما جعل الأعيان يدعمون الحسن في انتزاع الإمارة من ابن أخيه، لاحتواء الموقف ومحاولة إصلاح حال الإمارة. ولما كانت الأخطار تحيط بالإمارة من كل جهة رأى السيد الحسن أن يستعين بالملك عبدالعزيز ويدخل تحت حمايته لتجنب سقوط إمارته المتوقع إذا ما استمرت الحال على ما هي عليه؛ فكان توقيع معاهدة مكة في سنة 1345هـ / 1927م وكان من أهم بنودها: اعتراف السيد الحسن بأن كل ما كان خاضعًا للأدارسة يدخل تحت حماية الملك عبدالعزيز، وتعهد الملك عبدالعزيز بحماية الإمارة والتصدي لكل خطر يواجهها مع بقاء السيد الحسن في الإمارة  . 
 
إلا أنه مع مرور الوقت أخذت أوضاع المنطقة الأمنية والاقتصادية تزداد سوءًا نتيجة لعجز الحسن الإدريسي عن إدارة المنطقة، وبعد استشارة أعيان الإمارة والتباحث مع الملك عبدالعزيز حول سبل تحسين أوضاع المنطقة قرر الحسن في سنة 1349هـ / 1930م التنازل عن إدارة المنطقة وإسنادها إلى الملك عبدالعزيز، فقبل الأخير ذلك استشعارًا منه لأهمية المنطقة في ظل تلك الظروف الحرجة، ولكنه قرر إبقاء السيد الحسن في الإمارة تكريمًا له وحفاظًا على العلاقات الوطيدة التي كانت تربطه بالأدارسة منذ عهد المؤسس الإدريسي. ولكن مع مرور الوقت بدأ السيد الحسن يتنصل مما عقده بالأمس، ويحيك الدسائس والمؤامرات ضد الملك عبدالعزيز، ويتعاون مع المعادين له، ثم توج ذلك بالتمرد في شهر رجب سنة 1351هـ / 1932م، فقام بمحاصرة القوات السعودية المرابطة في مدينة جازان، وقطع عنها المياه وبقية الموارد الأخرى في محاولة منه للاستقلال بحكم المنطقة، وهنا خشي الملك عبدالعزيز من نتائج هذه التصرفات من قبل السيد الحسن على مستقبل المنطقة، فأرسل حملة عسكرية إلى المنطقة، وقد نجحت هذه الحملة في الاستيلاء على المنطقة بعد أن هرب الحسن إلى اليمن، وضمها نهائيًا إلى الدولة السعودية، وكان ذلك في ذي الحجة سنة 1351هـ / 1933م؛ لتدخل منطقة جازان في طاعة الملك عبدالعزيز، وتكون جزءًا من هذا الكيان الكبير الذي شمله اسم المملكة العربية السعودية، وتحظى بما حظيت به المناطق الأخرى من الاهتمام والتطوير، حيث توالى عليها المسؤولون في مختلف القطاعات، وافتتحت فيها فروعٌ لكل الدوائر الحكومية، وشملتها الخدمات في مختلف القطاعات.
 
- الأمراء الذين تولوا إمارة منطقة جازان منذ عهد الملك عبدالعزيز وتواريخ توليهم:  
 
1- حمد الشويعر (1352هـ).
 
2- عبدالله بن عقيل (1354هـ).
 
3- محمد بن عبدالعزيز الماضي (1355هـ).
 
4- خالد بن أحمد السديري (1359هـ).
 
5- محمد بن أحمد السديري (1361هـ).
 
6- مساعد بن أحمد السديري (1368هـ).
 
7- سليمان بن جبرين (1371هـ).
 
8- تركي بن أحمد السديري (1375هـ).
 
9- محمد بن تركي السديري (9 / 11 / 1397هـ).
 
10- الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز آل سعود (8 / 1 / 1422هـ, حتى تاريخه).
 
شارك المقالة:
61 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook