إذا كانت جميع مناطق المملكة تتصف بوفرة وتنوع في المقومات السياحية، فإن منطقة مكة المكرمة ليست استثناءً في هذا الجانب. بل إن المقومات السياحية في هذه المنطقة تصل إلى حد التخصص والتميز لارتباطها بالشعائر الدينية. أما الأنواع الأخرى من السياحة فتتنوع ما بين السياحة التجارية، وسياحة المعارض والمؤتمرات، والسياحة الصيفية والشتوية، والسياحة الرياضية، وغير ذلك من الأنواع التي تعد من أهم سمات السياحة في هذه المنطقة. ومما يميز منطقة مكة المكرمة كذلك أنها عرفت نشاط السفر والترحال منها وإليها للعبادة والتجارة وطلب العلم والاستيطان.

 

وتقوم صناعة السياحة والخدمات المرتبطة بها في أي مكان في العالم على عدد من المقومات الطبيعية والبشرية. وتتمتع المملكة بعدد من المقومات والخصائص التي كان لها التأثير الإيجابي الكبير في صناعة السياحة المحلية. ولم يقتصر الأمر على المملكة بوصفها وحدة واحدة، بل تعدى ذلك إلى التأثير في المناطق الإدارية المختلفة مما جعل لكل منطقة عددًا من الخصائص والسمات تميزها عن المناطق الأخرى. وتنفرد منطقة مكة المكرمة بعدد من الخصائص والمقومات التي ميزتها سياحيًا على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. فلقد منحها موقعها إقليميًا في الوسط الغربي للمملكة امتدادًا مهمًا وحيويًا على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر حيث يصل طول الشاطئ التابع لمنطقة مكة المكرمة (بتعرجاته) إلى نحو 800كم  .  وتمتد شرقًا لتتمتع بالخصائص الطبيعية من ارتفاع ومناخ وغطاء نباتي كثيف على قمم جبال السروات كما هو الحال في محافظتي الطائف والأجزاء الجنوبية الشرقية من محافظة القنفذة، بل تمتد إلى أبعد من ذلك لتتصف بمقومات الصحراء والواحات والأودية التي تنتشر فيها مزارع النخيل كما في المحافظات الشرقية.

 

وتنفرد منطقة مكة المكرمة بوصفها وحدة مكانية بسمة تاريخية مميزة، فعلى أرضها هبطت الرسالة، وانطلقت منها إلى أصقاع المعمورة، وعلى ترابها عاش وتنقل الرسول الكريم وأصحابه. كما أن احتضانها لمكة المكرمة وما فيها من المسجد الحرام والكعبة الشريفة والمشاعر المقدسة جعلها مهوى أفئدة المسلمين، وكانت أراضيها وما زالت معابر وطرقًا للمسلمين من أرجاء المعمورة إلى البيت الحرام. وتتميز المنطقة بتاريخ حضاري أصيل ما زالت آثاره ماثلة تشهد على هذا الإرث، حيث تزخر المحافظات بلا استثناء بوجود عدد من الآثار - كما سبق ذكره - التي تحكي فترات مختلفة من التاريخ، وإن كانت تتفاوت في أنواعها وعددها وفي حالتها من محافظة لأخرى. وبهذا تحوي منطقة مكة المكرمة أهم أنماط السياحة وهي تلك المرتبطة بالشعائر الدينية.