عوامل الجذب السياحي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
عوامل الجذب السياحي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

عوامل الجذب السياحي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
يتأثر هيكل النشاط السياحي في منطقة القصيم وفي أي منطقة أخرى بعدد من العوامل تتضافر جميعًا لتشكل المحصلة الفعلية لدرجة الطلب السياحي على أنماط السياحة في المنطقة، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
 

المقومات السياحية الطبيعية

 
يبعث المظهر الطبوغرافي بتعدد أنواعه واختلاف أشكاله، نوعًا من الترويح لشريحة كبيرة من المجتمع، ويعد تنوع المظاهر الطبوغرافية وتعدد أشكالها - من جبال شاهقة، وأودية متشعبة، ورمال واسعة وفياض نادرة - مدعاة لأن تستهوي الفرد، خصوصًا إذا اكتست بغطاء نباتي. وتتجسد المظاهر الطبوغرافية في منطقة القصيم في أربعة معالم تتمتع بخصائص سياحية من شأنها اجتذاب المتنـزهين وهي:
 
أ - الجبال:
 
تشكل منطقة القصيم جزءًا من هضبة نجد؛ تلك الهضبة التي لا تخلو بعض أجزائها من جبال تكون متسلسلة تارة، ومنفردة تارة أخرى، وتُنعت الهضبة لدى الجغرافيين المتأخرين في الجزء الغربي من المنطقة بـ (عالية نجد) دلالة على ارتفاع جبالها. ويغلب على جبال القصيم في مظهرها الجيولوجي تكوينات بازلتية وجرانيتية، فهي تميل في لونها إما للحمرة المشربة بالسواد، أو للسواد القاتم، والمزايا التي تحظى بها الجبال هي:
 
 انخفاض المنسوب وضعف التكتل، فهي لا تأخذ مساحة واسعة؛ ونتج من ذلك كون الولوج في ثناياها واختراقها يسيرًا.
 
 وجود مسافات متاحة فيما بينها، وهذا يضمن قدرتها على استيعاب مرتادي الرحلات.
 
 يوجد عدد منها منفردًا.
 
 تُغطى أجزاء واسعة منها بالأشجار الشوكية، ولا سيما الوجهات الغربية منها الواقعة في مواجهة الأمطار.
 
وتتعدد السلاسل الجبلية في القصيم، ومن أبرزها: جبال الخدار، والموشم، وقطن، وأبان الأسمر، وأبان الأحمر، وطخفة  ، وشعباء التي تأخذ حيزًا مكانيًا واسعًا. ويعطي (جدول 1) بعض الخصائص الجغرافية لأبرز الجبال في القصيم، ويظهر فيها التركز غرب محافظة الرس وجنوب غربها، وكذا تميزها بامتدادات مكانية تراوح بين 5 و 40كم، وتحوي الجبال بعض التجمعات المائية بين الكتل الصخرية مكونة مظهرًا جاذبًا يمكن أن يستمر مدة من الزمن بعد سقوط الأمطار.
 
ب - الشعاب والأودية:
 
تعد حيازة منطقة القصيم للنسبة الكبرى من حوض وادي الرمة الموزع بين مناطق أربع: (حائل، والمدينة المنورة، والرياض، والقصيم) سببًا في أن تصبح الشبكة الأولية (الشعاب، الأودية) منتشرة على صفحة الإقليم، خصوصًا في القطاع الغربي منه. ويرتبط التصريف المائي في منطقة القصيم بثلاثة أودية رئيسة وهي: وادي الترمس في الشمال، ووادي الرمة في الوسط، ووادي الرشا في الجنوب، ولكل وادٍ منها خصائصه المورفومترية والطبوغرافية:
 
1 - وادي الترمس:
 
تبدأ منابعه عند السفوح الشرقية لجبال الصَّلة وحبشي في منطقة حائل، وينتهي بالعروق الرملية شمال غرب منطقة القصيم بالقرب من قرية محير الترمس؛ وبهذا فهو يمتد لأكثر من 140كم، وتنمو في حوضه أشجار شوكية متباعدة تزيد كثافتها بالاتجاه ناحية الغرب، أما أقصى اتساع للوادي فيصل إلى 2كم شمال الشُّرُفَة.
 
2 - وادي الرمة: 
 
أسهم وادي الرمة - لكونه العمود الفقري للتصريف المائي في وسط المملكة - في اتخاذ وسط المملكة مظهرًا طبوغرافيًا متميزًا في المنطقة بامتداده على أرضها بطول يصل إلى قرابة 600كم بين النقرة غربًا حتى شمال شرق بريدة، ويصل أقصى اتساع له في الأجزاء الواقعة بين البدائع ورياض الخبراء، وفي الأراضي الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة عنيزة، ولعل في بيان الخصائص المورفومترية لأهم أودية القصيم مبررًا لراغبي التجول في مجراه، حيث يبلغ معدل الانحدار 0.95 / 1000م بدلالة ظل الزاوية، وأسهم ضعف الانحدار في كثرة الالتواءات وقلة التخديد الذي فرضته طبيعة التكوينات التي يجري عليها مقارنة - مثلاً - بوادي حنيفة الذي يجري في تكوينات كلسية.
 
وترتبط بوادي الرمة روافد رئيسة كبيرة، مثل: شعيب مرغان، والطرفاوي، والمحيلاني، وساحوق، والجرير، والداث. ويمكن لطريق المدينة المنورة أن يسهل من عملية الوصول لأجزاء واسعة من وادي الرمة للراغبين في تتبع جريان الوادي في مواسم الأمطار.
 
ويتسم مجرى وادي الرمة في القطاع الغربي (من الدرع العربي) بطبيعته الجيومورفولوجية الأولية التي لم يعبث بها الإنسان وتشجع على السياحة البيئية، على عكس مجرى الوادي في النطاق الرسوبي الذي غيرت ملامحه التنمية الزراعية وعمليات التصحر التي تمارس في حوض الوادي، وتتمثل في نقل التربة الطينية إلى المزارع ذات التربة الرملية بغرض عمليات استصلاح الأراضي الزراعية وتعديل خصائصها الفيزيائية، كما نمت في مجرى الوادي أعشاب ذات أصل زراعي أضعفت من التمتع بخصائص الوادي الطبيعية والتنقل على طول مجراه.
 
3 - وادي الرشا:
 
يقع أغلب حوض هذا الوادي في منطقة الرياض، وتبدأ منابعه بين محافظتي عفيف والدوادمي وينتهي في قاع الخرماء على بعد 42كم جنوب غرب مدينة المذنب. وتسبب اتساع حوض الوادي المبني على امتداده الطولي الذي يزيد على 170كم، في تشكيل بحيرة مائية في قاع الخرماء عند جريانه، تستقطب إليها مجموعات من هواة الرحلات البرية والصيد.
 
ج - الدحول:
 
لم تعد الفجوات الأرضية (الدحول) قاصرة في وجودها على الصمان، بل تم رصدها وتسجيل خصائصها في محافظة الأسياح، ومن هذه الدحول: دحل طريف  أو ما يعرف بخسف طريف، الواقع شمال غرب مدينة عين ابن فهيد على بعد نحو 9كم، ويشغل مساحة قد تبلغ 84م  ، وبعمق متدرج يصل أقصاه إلى 7.7م، وفي باطنه تتجه المجاري لأبعاد قد تصل إلى 20م، بالإضافة إلى عدد من الحجرات ذات المظهر المتنوع  
 
ولا تعدو دحول منطقة القصيم أن تكون كهوفًا تشكلت في ظل ظروف أكثر رطوبة، فضلاً عن ارتباطها بمستويات مرتفعة للمياه الجوفية، ويسهم غياب الرطوبة في تعطيل نشاط الكربنة والإذابة اللتين شكلتا تلك الدحول، كما أدى انخفاض منسوب المياه الجوفية بسبب الاتساع في الأنشطة التنموية إلى حدوث انهيارات أرضية كما حصل لخسف طريف. وتحتاج هذه المظاهر الأرضية إلى المحافظة عليها من الردم - كما حل بخسف المذنب المشهور - وإلى الدراسة العلمية من حيث التوزيع الجغرافي، والتنميط، والعلاقات فيما بينها، أولاً، وإدراجها ضمن برامج الزيارات الميدانية العلمية للوافدين والزوار من خارج القصيم.
 
د - البحيرات الموسمية:
 
تتكون عند سقوط الأمطار الغزيرة في منطقة القصيم بعض البحيرات في السبخات والقيعان الملحية، لتستمر أكثر من أربعة أشهر بوصفها أحواض تصريف داخلية للأودية الصغيرة، ولأنها تتميز بقربها من المدن الرئيسة، صارت زيارتها من قبل السياح متيسرة، ومن أبرز تلك البحيرات الموسمية:
 
1 - بحيرة غويمض: 
 
تقع شرق المنطقة على بعد 41كم من مدينة عنيزة بأبعاد 19×4 كم، وتلاصق نفود السر (صعافيق) من جهة الغرب، وتُكسى عند امتلائها جمالاً طبيعيًا للناظر إليها من فوق الكثبان الرملية التي ترتفع عنها بفاصل كنتوري 69م. وتمتلئ بالمياه في أغلب المواسم، ويزيد منسوب المياه فيها عند فيضان وادي الرمة كما حدث عام 1402هـ / 1982م عندما انصرف إليها جزء كبير من مياه وادي الرمة لتستمر المياه في البحيرة لأكثر من سنتين.
 
2 - بحيرة الشقة: 
 
تقع شمال شرق مدينة بريدة على مسافة 21كم بأبعاد 3×1.5 كم، وتلاصق طريق بريدة - المليداء، وطريق عيون الجواء - بريدة المتفرع عنه، وتظهر فيها المياه في أكثر فصول السنة بفعل ما ينصرف إليها من الأمطار المتساقطة، وأيضًا من جراء التصريف الباطني لمياه المزارع الكائنة في الفياض الواقعة إلى الغرب منها.
 
3 - بحيرة العوشزية:
 
تقع شرق مدينة عنيزة على بعد 16كم وبأبعاد 12×2 كم، وتتميز عند امتلائها بصفاء المياه لكونها مملحة، ويلاصقها إلى الشرق مظهران تضاريسيان يزيدانها جمالاً في موسم الشتاء والربيع، ويتمثلان في حافة خرطم وعروق مشتت الرملية، ويفصلهما طريق مشتت الزراعي الذي يشق البحيرة باتجاه الشرق، وتقع إلى الغرب منها قرية العوشزية إحدى نقاط الاستقرار القديمة.
 
هـ - الكثبان الرملية:
 
تغطي الكثبان الرملية مساحة واسعة من منطقة القصيم تراوح بين 25 و 35% من إجمالي مساحة المنطقة في خمس مسطحات رئيسة تتركز في القطاع الغربي منها، ولكل مسطح منها خصائص تميزه عن المسطحات الأخرى في متغيرات يمكن تحديدها على النحو الآتي:
 
1 - نفود المظهور:
 
يغطي الركن الشمالي الغربي من المنطقة، ويمثل أكبر مسطح رملي بأبعاد تراوح بين 35 و 87كم، ومن أبرز العروق الرملية فيه من الغرب إلى الشرق: عرق غشام، وعرق الأشعلي، وعرق العشرة، وعرق الطليحي، وعرق البعيثة الذي تنتشر حوله المخيمات الشبابية. وتصل الارتفاعات المحلية للكثبان الرملية عن الأراضي الرملية المستوية بمقدار يراوح بين 45 و 55م. وتُغطى رمال المظهور بأشجار صحراوية أكثرها انتشارًا: الأرطى التي تزيد كثافتها في الأجزاء الشمالية الشرقية، ويرتاد هذا المسطح نسبة من الهاوين للصيد لانفتاح الموقع وانخفاض كثافة الرعاة المستفيدين من المراعي الطبيعية، وتمثل طيور الحجل والقطا والجرجس أبرز الطرائد في فصل الربيع.
 
2 - نفود العريق: 
 
يقع غرب المنطقة بين جبال أبان الأحمر وشعباء شرقًا، والأودية الرئيسة في الغرب، مثل: وادي الجرير وساحوق، ويذكر بعض الجيومورفولوجيين أن أصل تكون الرمال تجويف أرضي مليء بالرمال التي تنقلها الرياح. ويمتد النفود لمسافة تزيد على 170كم بعرض لا يزيد على 20كم. وتنمو في نفود العريق أشجار الغضى بكثافة عالية؛ لعدم تعرضه لعمليات التصحر التي امتدت إلى بعض الكثبان الرملية في الأمكنة المجاورة لمدن المنطقة (الشقيقة، والغميس، والسر)، سواء بالتنمية الزراعية أو بزيادة استفادة سكان البادية منها. ولقد اعتمدته الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها منطقة محمية.
 
3 - نفود السر: 
 
يغطي أجزاء واسعة شرق منطقة القصيم، ويمتد من الركن الجنوبي الشرقي للمنطقة حتى وادي الرمة، ويستمر امتداده شمال الوادي باسم نفود الطرفية بعرض لا يزيد على 7كم في حين يصل عرض هذا المسطح الرملي شرق قرية العمار إلى قرابة 25كم. وتنمو في الأجزاء الجنوبية منه أشجار الغضى، وتوجد في وسطه قرية أثرية (أم دباب) ذات الاستقطاب السياحي الشتوي، ويرتاد نفود السر كثير من الشباب لقضاء إجازة الأسبوع في ربوع كثبانه.
 
4 - نفود الشقيقة: 
 
ويعد أكثر الكثبان الرملية تميزًا؛ لتوسطه بين ثلاث مدن رئيسة: عنيزة، والمذنب، والبدائع، كما يعد أكثرها جذبًا للمتنـزهين، ويصل امتداده إلى نحو 75كم، وعرضه إلى 18كم. ويشقه عدد من الطرق المعبدة والصحراوية، مثل: طريق عنيزة - روضة مساعد (المعبد) بطول 18كم، وطريق العمار - الصالحية (المعبد) بطول 13كم. ويتنوع الغطاء النباتي بين أشجار الغضى في شماله، والرمث في الوسط، ونبات الأرطى في القطاع الجنوبي من الشقيقة.
 
وأظهرت نتائج دراسة مقارنة بين نفودي المظهور والشقيقة أن نسبة التغطية من نبات الأرطى في نفود المظهور بلغت 0.81%، في حين ارتفعت نسبة التغطية في نفود الشقيقة إلى 3.28%، وأن كثافة نبات الأرطى في الموقعين بلغت 27.9 شجرة / هكتار في الأول، و 101.1 شجرة / هكتار في الثاني  
 
5 - نفود الغميس: 
 
يطلق اسم الغميس على الإرسابات الرملية شمال وادي الرمة المنحصر بين مدن بريدة وعنيزة والبكيرية، ويأخذ النفود شكل مثلث قاعدته محاذية لوادي الرمة ورأسه عند مستوطنة الشقة شمال غرب بريدة. وتتشكل في شمال شرق الغميس ظاهرة الخبوب، حيث يوجد بها أكثر من 37 خبًا، (والخب هو المكان المنخفض بين كثيبين رمليين). وبدأ العمران الريفي بالخبوب قبل قرابة 300 عام  .  ونمت في الآونة الأخيرة الاستراحات على الكثبان المطلة على الخبوب القريبة من مدينة بريدة لتشكل متنفسًا بإطلالتها على بساتين النخيل المُزيِّنة للرقعة الخضراء في السهول المنخفضة.
 
و - المناخ:
 
يؤثر المناخ في الشعور الإنساني في العمل وقضاء أوقات الإجازات، وهذا التأثير إما أن يكون سلبيًا وإما أن يكون إيجابيًا في حجم الاتجاه السياحي. وبحكم موقع المنطقة في الوسط الشمالي للمملكة فإنها قد اصطبغت بصفة قارية؛ مما يوجه الموسم السياحي المناسب إلى فصلي الشتاء والربيع تبعًا لقرينة (ثوم) المطبقة على أهم محطات المنطقة كما في (جدول 2) ، وتعطي الخيارات للسائح اختيار الفصل الأنسب له في الزيارة. وتختلف مشارب الناس حول التكيف مع الفصول، إلا أن الأغلبية يناسبها الربيع؛ لاعتدال درجات الحرارة فيه، ولوجود الأغطية النباتية التي تكسو كثبانه الرملية، والسهول (الفياض) المنبسطة، والأودية المتشعبة. ولذا أُنشئت في مدن المنطقة محال تجارية مختصة بأدوات الرحلة والرحالة التي تلبي متطلبات مرتادي المواقع البيئية المختلفة.
 
ز - اعتدال الجو شتاء:
 
يعد اعتدال الجو من أسباب نجاح السياحة، ومنطقة القصيم مثل غيرها من المناطق يطول فيها الفصل الحار، وهذا يجعل لفصل الشتاء ميزة تجعله مرغوبًا فيه لدى كثير من السكان للتجول والارتحال في أرجاء المنطقة متعددة المعالم البيئية. ويمثل صفاء الجو، وسقوط الأمطار، وجريان الماء، ونماء المراعي الطبيعية، وتوافر الطرائد الفطرية؛ أبرز المحفزات لنجاح موسم السياحة الشتوية في فترة عطلة منتصف العام في ظل توافد مجموعات كبيرة من الأقارب المتطلعين إلى النـزهة البرية. وبدأ منظمو البرامج السياحية بالاهتمام بالسياحة الشتوية من خلال تفعيل بعض البرامج السياحية في فصل الشتاء؛ وما مهرجان الغضى الأول الذي أقيم في نفود الشقيقة في الفترة 2 – 15 / 12 / 1424هـ الموافق 2003م إلا صورة لذلك التوجه.
 
شارك المقالة:
52 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook