عيب الحاجز بين الأذينتين

الكاتب: د. ايمان شبارة -
عيب الحاجز بين الأذينتين.

عيب الحاجز بين الأذينتين.

خلال فترة نشوء الجنين تتكون فتحة (ثقب) بين الأذينين، لكنها تلتئم بعد الولادة ولا تبقى بعدها، في الوضع الطبيعي، أي إمكانية لمرور الدم بين الأذينين. يجري في الأذين الأيسر الدم الأحمر (الذي يرجع عن طريق أوردة الرئتين ويكون غنياً بالأكسجين) بينما يجري في الأذين الأيمن الدم الأزرق (الذي يرجع عن طريق الأوردة  الجهازية، بعد أن تكون الأعضاء المختلفة في الجسم قد امتصت الجزء الأكبر من الأكسجين منه، ولذلك يكون تركيز الأكسجين فيه ضئيلاً). تعتبر عيوب الحاجز الأذيني (ASD - atrial septal defect) من العيوب الخلقية الشائعة، ويمكنها أن تظهر بشكل منفرد، أو كمركب لمجموعةِ من العيوب الخلقية المعقدة  للقلب (في صورته الانفرادية يشكل هذا العيب نسبة 10% من حالات التشوه الخلقي للقلب). يتيح هذا التشوه الخلقي مرور الدم من الأذين الأيسر إلى الأذين الأيمن.

يدلف الدم من البطين الأيسر إلى البطين الأيمن، وليس العكس، إذ أنه في الحالة الطبيعية يكون الضغط في الجزء الأيمن للقلب أقل منه في الجزء الأيسر. وبسبب هذا الدلف، تجري كمية أكبر من الدم في البطين والأذين الايمنين وفي شريان الرئة, ونتيجة لذلك تتضخم هذه الفراغات، وهذا ما يعني الإثقال الزائد على  الجانب الأيمن من القلب.

غالباً، لا تسبب هذه الظاهرة أي اضطرابات على أداء القلب، في الصغر. وتكون نتائج الفحص قليلة نسبيا. (عند إجراء فحص الإنصات للقلب نجد فارقا واسعا بين الصوت الثاني للقلب  والنفخة القلبية (murmur)، لهذا السبب يعتبر هذا العيب الخلقي واحدا من العيوب التي لا يتم ملاحظتها في الصغر، ويتم تشخيصها لاحقاً، في جيل متقدمة أكثر، عند ظهور أعراض مختلفة. تظهر على المصاب في جيل 30-40 عاماً وما فوق، أعراض مثل ضيق التنفس, الشعور بالتعب (أعراض قصور في تروية القلب) واختلال في سرعة الأذينين (رجفان أذيني) (Atrialfibrillation). وتحدث لدى بعض المرضى تغيّرات في شرايين الرئتين (وهو ضرر تراكمي ينجم عن الجريان الكثيف للدم على امتداد سنوات كثيرة) والتي تسبب ازديادا في المقاومة والضغط في شرايين الرئتين، الأمر الذي يسبب تسربا معاكسا. أي أن قسماً من الدم يتسرب من البطين الأيمن إلى الأيسر عبر عيب الحاجز الأذيني او اختلالات الإذين الإيسر إلى الأيمن. عند حدوث هذه الحالة يتم تسرب جزء من الدم الذي يحوي تركيزاً منخفضاً من الاكسجين، الأمر الذي يسبب ما يعرف باسم الزُّرْقَه (Cyanosis). هذه الظواهر تلحق ضرراً بجودة الحياة وتسبب الوفاة المبكرة.

من الضروري تشخيص العيب في فترة الصغر ومعالجته، حتى في الحالات التي يشعر فيها الطفل بحالة صحية جيدة، وبذلك يتم تفادي المشاكل الصحية والأعراض المرضية التي تسببها هذه الحالة (والتي سبق ذكرها). إذا بقي هذا العيب بدون علاج حتى ظهور العوارض وبدء تذمر المريض، سيسفر العلاج عن تحسن جزئي فقط، وبالتالي سيصعب تفادي جميع مضاعفات وعلامات المرض المتراكمة منذ الصغر.

يتم تصنيف العيوب بما يتفق مع موقع الفتحة في الحاجز الأذيني:

1. الحاجز الثاني Secundum ASD - يتمركز في وسط الحاجز ويعتبر هذا التشوه الاكثر انتشاراً، ويكون عادة منفرداً، أي ظاهرة مرضية بحد ذاته.

2. الحاجز الأول Primum ASD - يكون مركز العيب الخلقي قريبا من الصمامات الواقعه بين الأذينين والبطينين ويكون هذا التشوه عادةً مصحوباُ بتشوه في الصمام التاجي (Cleft mitral valve) - كما تكون هذه الحالة منتشرة عند المصابين بمتلازمة داون.

3. الجيب الوريدي Venosus ASD - يقع قريبًا من أماكن اتصال الأوردة الكبيرة, ويكون عادة مصحوباً بعملية إفراغ غير سليمة للوريد العلوي الأيسر للرئة وللأذين الأيمن بدلاً من الأذين الايسر.

تشخيص عيوب الحاجز الاذيني

يتم تشخيص عيوب الحاجز الأذيني بواسطة فحص تخطيط صدى القلب  (cardiac ECHO). أحياناُ, يتطلب التشخيص اجراء هذا الفحص عن طريق المريء، لدى البالغين.

علاج عيوب الحاجز الاذيني

يمكن معالجة كافة عيوب الحاجز الأذيني، في كل جيل، بواسطة العمليات الجراحية (عملية قلب مفتوح خلال وقت قصير نسبياً، تكون ناجحة وبنسبة وفاة ضئيلة جداً). غالباً يتم معالجة هذا العيب في جيل ثلاث الى ست سنوات (هناك حالات تلتئم فيها الفتحة تلقائياً) أو في وقت لاحق إذا تم اكتشافه متأخراً، شريطة توفر دليل على حدوث دلف ملموس يؤدي إلى تضخم الجزء الأيمن من القلب. إذا كانت التشوهات صغيرة نسبيا ولا تسبب تسرب الدم بكمية حرجة فلا حاجة لإجراء العملية.

تم مؤخراً تطوير طريقة لسد الفتحة بواسطة القثطرة، حيث يتم إدخال جهاز يشبه المظلة المزدوجة، الى مكان الفتحة، عبر وريد في الفخذ.

مراحل سد الفتحة بواسطة القثطرة وباستخدام بالون من نوع Amplatzer:

1. معاينة العيب الخلقي قبل إصلاحه.

2. قياس حجم العيب بواسطة بالون مرن.

3. ادخال كم طويل الى داخل البطين الأيسر ونفخ البالون داخله, عندها تتمدد المظلة أو البالون وتصبح ضيقة وطويلة داخل الكم بفضل المادة التي صنع منها، مادة النيتينول (Nitinol) وهي مادة مرنة ذات قدرة على التمدد ومن ثم العودة تعود إلى حجمها الطبيعي.

4. اطلاق القرص الأيسر في الأذين الأيسر.

5. جذب القرص الأيسر الى جدار الحاجز الفاصل وإطلاق القرص الأيمن في الأذين الأيمن.

6. يتم تحرير المظلة من السلك الذي أوصلها إلى الداخل، عبر فك البرغي من الخارج (وهكذا تصبح المظلة حرّة ومثبّتة الى الجدار بواسطة أقراص من جانبي الحاجز).

عند علاج هذه الحالة مبكرا في مرحلة الطفولة بواسطة القثطرة يتم اصلاح الخلل وتحقيق الشفاء التام للمصاب.

 

شارك المقالة:
71 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook