بعد عام 330م حلت الإمبراطورية البيزنطية محل الإمبراطورية الرومانية، وورثت أملاكها ونفوذها في الشرق، وشهدت تلك الفترة ظهور مملكتين عربيتين صغيرتين إحداهما على حدود الإمبراطورية الفارسية التي تدين لها بالولاء وهي مملكة المناذرة (اللخميين) على التخوم الغربية لنهر الفرات وعاصمتها الحيرة، والأخرى على حدود الإمبراطورية الرومانية وهي مملكة الغساسنة على الحدود الشرقية للشام إلى الجنوب الشرقي من دمشق، واتخذت موقع (الجابية) في الجولان عاصمة لها كما كانت (جِلق) عاصمة لها لبعض الوقت. وقد دخل الغساسنة في دائرة نفوذ الإمبراطورية البيزنطية ووضعوا أنفسهم في خدمة مصالحها في المنطقة، وكانت أبرز مهماتهم الحفاظ على الحدود الشرقية للإمبراطورية البيزنطية وحمايتها من غارات القبائل البدوية القاطنة في شمال الجزيرة العربية، أو محاولات توسع الفرس وحلفائهم المناذرة، وقد كان أهم ملوك هذه المملكة الحارث بن جبلة 529 - 569م الذي كان مقربًا من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الذي أضفى عليه لقب فيلارخوس، وهو أسمى لقب بعد لقب الإمبراطور، كما عينه في عام 529م سيدًا على القبائل العربية في سوريا، غير أن ابن هذا الملك المنذر بن الحارث الغساني وابنه النعمان الذي خلفه لم يلقيا الحضور نفسه عند الأباطرة البيزنطيين؛ مما أدى في نهاية المطاف إلى تفكك دولتهم وزوالها 

 

وكانت قبائل منطقة تبوك ومدنها المهمة، مثل: تيماء - بحكم موقعها الجغرافي، تتأثر وتخضع بشكل أو بآخر لنفوذ الملوك الغساسنة، ولذلك حافظت هذه القبائل على علاقة ودية مع الغساسنة، إلا أن ذلك لم يمنع من تدخل المناذرة بدورهم في شؤون المنطقة وسكانها، مثلما حدث للسموءل الذي كان يقيم في تيماء حين تعهد بحماية وديعة امرئ القيس (سلاحه وابنه وابن عمه وما بقي له من إرث أبيه) ورفض تسليمها إلى جيش المناذرة الذي حاصره في تيماء وأسر ابنه وقتله أمام عينه، بعد أن رفض السموءل افتداء ابنه بالوديعة وفاء لعهده، حتى ضرب به المثل في الوفاء. وكان امرؤ القيس الشاعر المعروف آخر ملوك مملكة كندة الثانية في نجد يطالب بملكه ويسعى إلى الثأر من قتلة أبيه على يد موالين لملك الحيرة