عن الحديث عن فقدان الوزن كما في الحالة التالية، فاننا نقصد فقدان الوزن الغير مقصود (Unintentional weight loss). بمعنى فقدان غير معتمد للوزن- اي ان الشخص يفقد وزنه بشكل غير طبيعي ودون ان يقوم باي قصد او محاولة للتخلص من وزنه (مثل الرجيم وغيرها من الطرق).
يتأثّر الوزن بعوامل عدّة، أهمّها ما يحصل عليه الشّخص من سعرات حراريّة وما لدى جسده من قدرة على امتصاص المواد الغذائيّة، بالإضافة إلى مستوى نشاطه وصحته العامّة، فضلاً عن عوامل أخرى اجتماعية واقتصادية وعمريّة. ويذكر أنّه من الطّبيعي أن يفقد الشّخص شيئاً من وزنه بعد تعرضه لحالة من الضغط النّفسي، مثل بعد حالات الطّلاق وعند تغيير مكان العمل وغيرها. إلا أن الشخص يعود إلى وزنه الطبيعي بعد زوال آثار الضّغط.
كما وقد يفقد الشّخص وزنه نتيجة لمرضٍ أو حالةٍ ما، وخصوصاً إن كان فقدان الوزن مستمراً أو كبيراً ومن دون محاولة. ويشير العديد من الأطباء إلى أنِّ هناك نقطةً معينةً يجب عندها إجراء الفحوصات الطبيّة للشّخص، وهي فقدانه لـ 5% من وزنه خلال 6 - 12 شهراً. أمَّا فقدان أو زيادة الوزن بشكل طفيف، فلا يعد أمراً مقلقاً.
ويُذكر أنَّ الفقدان الكبير للوزن قد ينجُم أيضاً عن مرضٍ نفسيٍّ، أي اضطراب في الأكل، من ذلك القَهَم العصابيّ (anorexia nervosa) والنُّهام العُصابِيّ (bulimia nervosa). وهذه الحالات توجب استشارة طبيبٍ أو اختصاصيٍّ نفسيّ.
أمَّا إن لم يكن فقدان الوزن ناجماً عن سببٍ معروفٍ، فعندها يجب استشارة الطبيب كون الشّخص قد يكون مصاباً بمرضٍ عضويٍّ ما.
عادةً ما يكون فقدان الوزن ناجماً عن خيارات يتخذها الشّخص، غير أنَّه في بعض الأحيان يحدُث نتيجةً لأسبابٍ خارجةٍ عن إرادته، أهمَّها بعض الحالات المرضيّة. غير أنّه عادةً ما لا يكون العرض الوحيد للمرض، ما يسهّل عملية التّشخيص. أمَّا في حالاتٍ معيَّنةٍ، يكونُ فقدان الوزن يكون العرض الوحيد في بداية المرض. وبعد ذلك تتبعه الأعراض الأخرى. وتتضمن الأسباب التي تُؤدّي إلى فقدان الوزن الآتي:
يصيب السكري من النوع الثاني بشكلٍ عامٍ لدى من تزيد أعمارهم عن الـ 40 عاماً، غير أنّه قد يصيب من هم أصغر سناً أيضاً. وتتضمّن الأعراض الشّائعة لهذا المرض الآتي:
ويحدث فقدان الوزن في هذه الحالة نتيجة لعوامل عدةٍ، أهمها خروج السُّكّر من الجسم مع البول.
معظم حالات السَّرطان تبدأ أعراضها قبل ظهور أي فقدان للوزن، وتعتمد هذه الأعراض على أمور كثيرةٍ، منها مكان السَّرطان ونوعه. ويحدث فقدان الوزن في هذه الحالة نتيجة لعوامل تتضمن حاجة الخلايا السَّرطانيّة، والّتي تتسم بالنّشاط، إلى التّغذية. أمَّا في المراحل المتقدمة من السَّرطان، ففقدان الوزن ينجم عن عوامل أخرى مركّبة.
تتصاحب الالتهابات المزمنة مع فقدان الوزن وأعراض أخرى. وعادةً ما تسبق هذه الأعراض فقدان الوزن. وتتضمّن هذه الأمراض الإيدز (AIDS) والأنكلستوما (Ancylostoma) والسلّ (Tuberculosis). أما المرض العضلي المزمن (polymyalgia rheumatica)، على سبيل المثال، فهو يُسبّب فقدان الوزن قبل ظهور أي عرض آخر.
ويُذكر أنَّ هناك حالاتٍ عديدة أخرى تسبب الالتهابات المزمنة في أماكن مختلفة من الجسم.
يؤدي فرط نشاط الغُدَّة الدرقيَّة إلى إنتاج الكثير من هرمون الثيروكسين (thyroxine)، الأمر الّذي يؤدّي إلى تسريع العديد من الوظائف الجسديّة ويفضي إلى الإصابة بأعراض متعددة، منها الآتي:
ويذكر أنَّ المصاب بفرط نشاط الغُدَّة الدُّرقيَّة قد يشعر بأنه على ما يرام في المراحل الأولى من المرض، حيث يشعر بأنه مليء بالحيوية والطَّاقة، لكنَّه يفقد من وزنه، بعد ذلك تبدأ الأعراض المزعجة بالظُّهور.
تتضمّن متلازمات صعوبة الامتصاص الأمراض الآتية:
وتؤثّر هذه الأمراض على كيفية امتصاص الغذاء من الأمعاء. وعادةً ما يكون فقدان الوزن أول أعراض هذه المتلازمات، غير أنَّ لها أعراضاً أخرى، منها الإسهال.
بعض مصابي الاكتئاب لا يدركون إصابتهم به. ومنهم أيضاً من يشعرون بأعراضه لكن من دون أن يخبروا به أحداً. لكن الآخرين قد يلاحظون ذلك من خلال فقدان هؤلاء المصابين للوزن. فالاكتئاب عادةً ما يسبّب إمَّا فقدان الوزن أو زيادته. فهذه قد تكون إشارةٌ على الإصابة به.
فلدى مصابي اضطرابات الأكل، كالقَهَم العصابي، يكون المصابون على دراية بأنَّهم يُحاولون (أو تحاولن، كون غالبية مصابي هذا الاضطراب من الإناث) فقدان الوزن بشدَّة، غير أنهم لا يعترفون لغيرهم بذلك.
ففي المراحل المبكرة من الخرف، يبدو المصاب بحالةٍ جيدةٍ، غير أنَّه في الحقيقة لا يستطيع السَّير بشكلٍ جيدٍ في حياته اليومية، من ضمن ذلك نظامه الغذائي، حيث لا يتناول نظاماً غذائيّاً صحيّاً. وعادةً ما يكون الأهل والأصدقاء هم من يلاحظون ذلك عبر ما يطرأ على الشخص من فقدان للوزن.
العديد من مستهلكي الكحول لا يهتمون بصحتهم وتغذيتهم، ما يجعلهم يفقدون وزنهم من دون محاولة. وفقدان الوزن هذا قد يكون إشارة إلى الأهل والأصدقاء بأنَّهم من شاربي الكحول. وبالتالي يحثونهم على طلب المساعدة.
تتضمّن الأمراض الأخرى التي قد تسبّب فقدان الوزن الآتي:
فبعض الأدوية تسبب أعراضاً جانبيةً منها فقدان الوزن. فعلى سبيل المثال، قد تسبب بعض الأدوية فقدان الشَّهية أو اضطراب في البطن، ما يجعل الشخص يبتعد عن الطَّعام. كما وأنَّ أدويةً أخرى قد تسبب فقداناً لحاسة الشمّ أو الذوق. كل هذا يؤثر سلباً على إقبال الشخص على تناول الطَّعام، ما يؤدي إلى فقدانه للوزن.
تختلف أعراض وعلامات فقدان الوزن مع اختلاف السّبب المُؤدّي إليها. فقد يظهر فقدان الوزن على الوجه أو على الجسم أولاً. كما وقد لا يلاحظ البعض بأنّهم فقدوا وزنهم إلّا بعد قياسه على الميزان. وتتضمن أعراض وعلامات فقدان الوزن النَّاجم عن المرض الآتي:
إنَّ السبب الرَّئيسيّ لفقدان الوزن لدى كبار السن، أي من تزيد أعمارهم عن الـ 65 عاماً، هو السَّرطان، وخصوصاً سرطان الجهاز الهضميّ والرّئة. كما وهناك أمراض اخرى تؤدي الى فقدان الوزن مثل أمراض الجهاز الهضميّ الأخرى وأمراض القلب، فضلا عن الاكتئاب، وخصوصاً في دور الرِّعاية. فالعوامل الاجتماعية تلعب دوراً في هذا أيضاً. ويُشار إلى أنَّ فقدان الوزن يسبب العديد من الأمراض وقد يُؤدّي إلى الوفاة.
ويُذكر أيضاً أنّ الأدوية، سواء تلك التي تسبّب عسر البلع أو الغثيان والتقيُّؤ أو خلل الذوق لها دور أيضاً.
أمّا تناول العديد من الأدوية وتفاعلها في آنٍ واحدٍ، فهو أيضاً يسبب فقدان الوزن لدى كبار السن، غير أنَّ نسبة كبيرة من حالات فقدان الوزن غير المتعمَّد لدى كبار السن لا يعرف سببها. ففي هذه الحالات، يقوم الطبيب بإجراءات عدة، منها الفحص السَّريري للشخص وأخذ تاريخه المرضيّ. كما وتتضمّن الفحوصات فحوصات تعداد الدّم الكامل (complete blood count) وكيماويات الدّم وفحص البول وفحوصات وظائف الكبد وقياس مستويات السّكّر في الدّم وفحص الهرمون المحفّز للغدّة الدرقيّة.
أمّا عن العلاج، فهو يتم بعلاج السّبب المؤدي لفقدان الوزن بالإضافة إلى منح الشخص دعماً تغذوياً. كما وأنَّه يجب الوضع بعين الاعتبار قدرة الشّخص على تناول الطعام وتوفر المواد الغذائية ونوعية الأعراض التي لدى الشّخص.
وقد قدمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) فاتحاً للشّهية لدى كبار السن الذين ليس لديهم شهيّة إطلاقاً، غير أنّ الأدوية الفاتحة للشّهية لها أعراضٌ جانبيةٌ كثيرةٌ.
كما ويُنصح بإضافة معزّزات النكهة والمكمّلات الغذائيّة. كما وتجب مراعاة قدرات الشّخص وتفضيلاته من حيث ما إن كان يفضّل المضغ على البلع إن كان لديه صعوباتٌ في البلع، على سبيل المثال.
عندما يفقد الشخص وزنَه من دون معرفة السَّبب وراء ذلك، خاصةً إن فقد أكثر من 5% من وزنه في غضون 6-12 شهراً، يجب عليه مراجعة الطبيب لمعرفة السبب، حيث إنَّ تشخيص المشكلة في بدايتها يساعد في الحصول على نتائج علاجيّة أفضل.
يقوم الطَّبيب بسؤال الشخص عدَّة أسئلة حول تاريخه المرضي وما لديه من أعراض أخرى مرتبطة بفقدان الوزن، وذلك بالإضافة إلى طلب التَّحاليل الطبية، منها تحاليل الدم وغيرها. وبعد ذلك، يستطيع الطبيب معرفة السبب الرئيسي وراء فقدان الوزن وتحديد إمكانية وجود أمراض غير مشخصة بعد.
يعتمد علاج فقدان الوزن على معرفة السبب وراءه. لذلك فالعلاج يكون فردياً حسب كل حالة. في بعض الأحيان، عندما تكون نتائج التَّحاليل كلها سلبيّة، قد يقوم الطّبيب بإعطاء فترة انتظار لعدة أشهر لمراقبة الشّخص مع إعطاءه حمية غذائيَّة لمنع المزيد من فقدان الوزن.
تشمل الأساليب الوقائيِّة من فقدان الوزن غير المبرر الآتي:
تختلف شدَّة المضاعفات المصاحبة لفقدان الوزن بين البسيطة، منها عدم تحمل البرودة بسبب فقدان طبقة الدُّهون العازلة في الجسم؛ وبين الشَّديدة، منها الجفاف والإرهاق وسرعة الإصابة بنزلات البرد والالتهابات، فضلا عن سهولة الكسور بعد السُّقوط، وكذلك الاضرابات المعويَّة والإسهال.
تتضمن الحالات المرضيَّة الّتي قد يؤدّي إليها فقدان الوزن المتسارع الآتي: