يقول أهل التفسير في تفسيرهم للآية القرآنيّة التي يقول فيها تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} إنّ المقصود فيها عدّة أمور؛ الأوّل هو أنّ الإيمان شرطٌ لقَبول الأعمال الصالحة من العبد، فمن دون الإيمان تكون الأعمال هباءً منثورًا، وأمّا من يعمل الصالحات وهو مؤمن فذلك هو الشرط الأوّل لقبول الأعمال التي قال عنها بعض المفسّرين -نقلًا عن جماعة من أئمّة السلف- إنّها الفرائض التي افترضها الله -تعالى- على المسلمين، والأمر الثاني أنّ من يعمل تلك الأعمال الصالحة وهو مؤمن بالله -تعالى- أنّه سيتقبّل تلك الأعمال الصالحة وسيُجزى عليها أحسن الجزاء كما سيُجزى المُسيئون والذين يرتكبون المعاصي والآثام على ما يستحقّون؛ فإنّه لن يُظلم يوم القيامة شيئًا من حقّه أو أن يُهضم، وقال جماعة من السلف إنّ المقصود بالظّلم هنا هو أن يُزاد سيّئات على سيّئاته، وأمّا المقصود بالهضم فهو أن يُنتقص شيئًا من الحسنات التي ارتكبها، وقد روي عن ابن عبّاس وغير واحد من السلف أنّ الله -تعالى- يقول يوم القيامة: "أنا قاهرٌ لكم اليوم، آخذكم بقوّتي وشدّتي، وأنا قادرٌ على قهركم وهضمكم، فإنّما بيني وبينكم العدل"، فيومئذٍ يُجزى المُحسنون بإحسانهم ويُجزى المُسيئون بما كسبت أيديهم، ولا تُظلَمُ نفسٌ شيئًا، ولن تزرَ وازرةٌ وزرَ أخرى، ولن تُحاسب كلُّ نفسٍ إلّا بما كسبت، وهذا هو الأمر الثالث، والله -تعالى- أعلى وأعلم