في إبدال التاء من فاء الافتعال

الكاتب: رامي -
في إبدال التاء من فاء الافتعال

في إبدال التاء من فاء الافتعال :

[في إبدال التاء من فاء الافتعال]
يجب في اللغة الفصيحة إبدال التاء من فاء الافتعال وفروعه1، إن كانت واواً نحو: اتصل اتصالاً فهو مُتَّصِل. أو ياء نحو: اتَّسَر2 اتِّسَاراً
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 فروعه هي: الفعل، واسم الفاعل، واسم المفعول. وقد مثَّل المصنف للفعل بقوله: "اتصل"، وقوله: " "اتسر". أمَّا قوله: متصل ومتسر فكل منهما صالح؛ لأنْ يكون اسم فاعل إذا كسر ما قبل آخره، وصالح  لاسم المفعول إذا فتح ما قبل آخره.
2 "اتسر" تأتي من اليسر فيقال: "اتسر القوم" بمعنى تياسروا، وتأتي من ائتسار الجزور وهو نحرها واقتسام أجزائها والاستهام عليها. وينظر اللسان (يسر). وقد ذكر ابن عصفور السبب في إبدال الواو والياء تاء في الافتعال فقال في الممتع ص 386-387: "والسبب في قلب الواو في ذلك تاء، أنَّهم  لو لم يَفْعَلوا ذلك لوجب أن يقلبوها ياء إذا انكسر ما قبلها فيقولون: ايْتَعَد، وايتَزَن، وإيْتَلَج". وإذا انضم ما قبلها ردت للواو فيقولون: مُوْتَعِد، ومُوتَزِن، ومُوتلج "، وإذا انفتح ما قبلها قلبت ألفاً فيقولون:  "يَاتَعِد ويَاتَزِن، ويَاتَلِج "، فأبدلوا منها التاء؛ لأنَّها حرف جلد لا يتغير  لِمَا قبله، وهي مع ذلك قريبة المخرج من الواو؛ لأنَّها من أصول الثنايا، والواو من الشفة". وزاد عليه ابن إيَّاز في شرحه لتصريف ابن مالك فقال في ص 181: " وأيضاً فقد قصدوا بذلك موافقة لفظه لما بعده فيقع الإدغام ويرتفع اللسان بهما ارتفاعة =واحدة ". وينظر شرح الكافية الشافية 4/2153-2154، والارتشاف 1/301، وشرح الشافية للرضي 3/219، والمساعد 4/179.

 

فهو مُتَّسِر.
أمَّا إبدالها من الواو فلأنهم استثقلوا الواو أولاً دون تاء تليها؛ لتعرضها لأن تبدل همزة كما فعل بأحَد وإِحْدَى1 و"أُقِّتَت"2 مع استثقال الهمزة وبُعْدها منها مخرجاً ووصفاً، فحاولوا إبدال الواو حرفاً صحيحاً يقاربها وَصْفاً ومَخْرَجاً، وذلك إمَّا من حروف الشفة أو حروف الثنايا، فلم يكن باءً ولا فاءً ولا ثاءً "ولا ذالاً ولا ظاءً؛ لأنَّهُنَّ" لسن"3 من حروف البدل المجموعة في قولي: وَجَد آمِنٌ "طِيَّتة "4.
ولم يكن ميماً؛ لأنَّها تكثر زيادتها أولاً فخيف توهمها مزيدة غير "مبدلة" 5، ولم يكن طاءً ولا دالاً؛ لأنَّ فيهما قلقلة يستثقلان بها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 " أحد " أصله: "وَحَد"، و "إحدى" أصلها: "وحدى".
2 "أُقِّتَتْ" أصلها: "وُقِّتَتْ".
3 في ب: "ليس" وهو تحريف.
4 اختلف عدد حروف الإبدال في كتب ابن مالك فقد جعلها هنا أحد عشر حرفاً، بَيْنَما جعلها في الكافية وفي الخلاصة تسعة أحرف جمعها في  الكافية الشافية بقوله: (هادأت مطوى)، وجمعها في الخلاصة بقوله: (هدأت موطيا)، والحرفان اللذان ذكرهما ههنا ولم يذكرهما في الكافية والخلاصة هما (الجيم والنون).  
أمَّا التسهيل فقد ذكر فيه ثمانية أحرف فقط فقال: "والضروري في التصريف هجاء "طويت دائماً"". التسهيل ص 300  . فلم يذكر الهاء التي ذكرها في الكافية الشافية والخلاصة. ينظر شرح الكافية الشافية 4/2077، وشرح ابن عقيل 2/503.وأكثر الصرفيين يجعلها اثنى عشر حرفاً بزيادة اللام على ما ذكره المصنِّف هنا، ويجمعها في قولهم: "طال يوم اتخذته". ينظر الارتشاف 1/255.
5 في أ: "مبدولة".

 

فتعينت التاء فقالوا: تُرَاث1، و تُجَاه2، وتُكاءة3، وتقوى4، وتوراة5، وتالله6، وتخمة7، وتولج8 غير ذلك.
فلمَّا ثبت إبدال التاء من الواو في هذه المواضع وأشباهها مع انتفاء تعذُّر التصحيح وتطرق التغيير قبل الإبدال واجتماعها مع ما يضاد وصْفُه وَصْفَها، واسْتِلْزَامِ مخَالَفَةِ بعض الفروع الأصلَ تعين إبدالها منها في الافتعال الذي فاؤه واو؛ لثبوت هذه الأمور كلها فيه.
أمَّا تعذُّر التصحيح فَبَيِّنٌ؛ لأنَّ الواو ساكنة وقبلها كسرة.
وأمَّا تطرُّق التغيير فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ "فَعَلَ" أصل لافْتَعَل، فلو لم يكن فيه تغيير إلاَّ تسكين فائه لكفى في تطرق التغيير.
وأمَّا اجتماع الواو مع ما يُضاد وَصْفُه وَصْفَها فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ الواو مجهورة والتاء مهموسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 التراث: المال الموروث وأصله: "وراث"؛ لأنَّه من الوراثة.
2 تجاه أصله: " وُجاه"؛ لأنَّه من الوجه.
3 تُكأة أصلها: "وُكأة "؛ لقولهم: توكأت. والرواية في ب: "تكاء".
4 أصلها الواو بدليل قولهم: "وقيت" فهو فَعْلَى منه.
5 أصلها: "وَوْرَاة" فَوْعلة من "ورى الزند"، والبغداديين يرونها: تفعلة
6 أصلها "والله"  أي واو القسم.
7 أصلها: وخمة؛ لأنَّها من الوخامة وهو الوباء. والرواية في ب: "تحفة" وهي صالحة للتمثيل؛ لأنَّ تاءها مبدلة من الواو. ينظر اللسان (تحف).
8 تولج: فَوْعَل من "ولج يلج". والبغداديون يرون أنَّها تفعل. ينظر شرح الملوكي لابن يعيش ص292، 294، 295، 296، وشرح المفصل لابن يعيش 10/36، 41، والوجيز في علم التصريف ص 50 -51، 52، والممتع 1/383 وما بعدها، وشرح الشافية للرضي 3/80 وما بعدها.

 

وأمَّا استلزام مخالفة بعض الفروع الأصْلَ فَبَيِّنٌ - أيضاً - لأنَّ المصدر أصلٌ للفعل ولاسم الفاعل ولاسم المفعول1، فلو لم تبدل فاء الاتصال تاءً لقيل فيه: ايتصال، بقلب الواو ياءً؛ لسكونها وانكسار ما قبلها وكان يوافقه في ذلك الفعل الماضي والأمر لوجدان الكسرة، فيقال: اِيتَّصَل، وإِيتَصِلْ، و "يخالفه"2 المضارع واسما الفاعل والمفعول؛ لعدم الكسرة فيقال: يوتصل ومُوتَصِل ومُوتَصَل إليه، فكرهوا هذه المخالفة حين أمكن التخلص منها ولم يبالوا بها في نحو: أوجد إيجاداً؛ إذ ليس بعد الواو هنا ما يضاد وَصْفُه وَصْفَها. ومع هذا فقد حملتهم النفرة عن هذه المخالفة على أن أبدلوا "في"3 "أَتْلَجَه" و "اتْكَأَه" بمعنى أوْلَجَه وأَوْكَأَه.
وأمَّا إبدال التاء من الياء إذا كانت في الافتعال وفروعه فحمل على الافتعال الذي فاؤه واو4.
فإنْ كانت الواو والياء التي قبل تاء الافتعال بدلاً من همزة لم يجز إبدالها تاءً إلاَّ على لغةٍ رديئة نحو: "اِتَّمَنَ" في أوتمن، و "اتَّزر" في إيتزر5.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هذا هو مذهب البصريين. أمَّا الكوفيون فيرون أنَّ الفعل هو أصل المشتقات. ينظر الخلاف في ذلك في الإنصاف، المسألة (28) 1/235 وما بعدها.
2 في ب: "ومخالفة".
3 كلمة " في ": ساقطة من ب.
4 تنظر المراجع السابقة في الحاشية (8) ص 178
5 قال الرضي في شرح الشافية 3/83: "وبعض البغاددة جَوَّز قلب يائها تاءً فقال: اتَّزر واتَّسَر، وقرئ شاذّاً  {الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}.

شارك المقالة:
267 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook