في الطريق إلى العملية

الكاتب: المدير -
في الطريق إلى العملية
"في الطريق إلى العملية




راجَع عددًا كبيرًا من الأطباء، منتقلاً من مستشفى إلى مستشفى، ومن عيادة إلى عيادة، ولكنهم اتفقوا جميعًا أن لا حل أمامه سوى البَتْر!

 

لم يفقدِ الأملَ والثقة في الله - تعالى - وهو يدعو ليلَ نهارَ - ودون فتورٍ أو ملل - أن يشفيَه الله ويعافيه، ولم ينسَ أن يأخذ بالأسباب، فأخذ يراسل بعض أصدقائه خارج البلاد؛ علَّه يجد فرصة للعلاج تجنّبه بتر ساقه.

 

وأخذتِ الأيامُ تمضي مسرعةً لتزداد ساقه تورُّمًا، وتتضاعف آلامه، ويزداد إلحاح الأطباء عليه بالبتر، ولما لم تتسنَّ له فرصة الحصول على العلاج في الخارج، لم يكن أمامه سوى أن يفوِّض أمره لله - جل وعلا - ويقرِّر إجراء العملية.

 

وهكذا ارتدى ملابس العملية، واستسلم للممرِّضين وهم يدفعونه بالنقَّالة في طريقهم إلى غرفة العمليات، وكان إلى جواره صديقُه الذي كان يرمقه من حين لآخر بنظرات مِلْؤها الحزن والشفقة، وهو يجاهد دموعه لكي يبدو متماسكًا، فقد عزَّ عليه أن يرى صديقه الحبيب إلى قلبه في هذه الحالة المؤسفة دون أن يكون بوسعه تقديم شيء إليه!

 

وفجأة أخرج صديقه جوَّاله، إنها رسالة كما يبدو، أخذ يقرؤها متعجلاً، ثم صاح في سرور: أبشر لقد جاءت فرصة العلاج في الخارج، وأُرسلت لك تذاكر السفر!

 

فتهلَّل وجهه بالبِشْر، وحمد الله - تعالى - ثم أشار إلى الممرِّضين أن يوقفوا النقالة؛ لينهض ويخلع ملابس العملية، ومن ثَم يرتدى ثيابه ويغادر المستشفى، بالرغم من دفعه لرسوم العملية كاملة.

 

وحين سافر خارج البلاد قال له الطبيب المتابع لحالته: لقد وجدنا في ساقك جسمًا غريبًا، فماذا حدث في هذا الموضع؟

فأجابه بعد هُنَيهة من محاولة التذكر:

• لا أذكر سوى أنني أُصبت بقطعة من (الزنك) في ساقي، وذهبت إلى المستشفى حيث تم تنظيف الجرح، فأكد له الطبيب أن سبب هذا التورم هو بقاء جزء صغير من (الزنك) في ساقه لم ينسجم معه الجسم، فكانت سببًا في هذا التورم، وطمأنه بأن لا داعي للبتر، وأنه سيُشفى بإذن الله - تعالى - فحمد الله - تعالى - وأثنى عليه.

 

وما هي سوى أيام معدودة حتى عاد إلى أرض الوطن وسط فرحة أهله وأصدقائه؛ ليتماثل فيما بعدُ للشفاء تمامًا.

 

حينها سألت راوي القصة التي شدَّت انتباه الحاضرين فتابعوها بقلوبهم وآذانهم:

• إن نجاة هذا الشاب من هذه المحنة وسلامته من بتر الساق بهذه الكيفية العجيبة لا بد أن لها سببًا؛ فماذا كان يفعل هذا الشاب؟

 

• كان يحب فعل الخير، ولا يألو جهدًا في تقديم المعروف إلى الناس والإحسان إليهم، لدرجة أنه لو بقي له جنيه واحد ووجد محتاجًا إليه، لآثره به على نفسه.

 

فقلت له:

ذاك هو السبب الذي أنجاه من تلك المحنة؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة))؛ صححه الألباني في صحيح الجامع، ولا شك أن بتر الساق من الآفات والهلكات التي ينجي الله - تعالى - منها أهل المعروف والإحسان؛ كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام.


"
شارك المقالة:
28 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook