في سجودك رفعة

الكاتب: المدير -
في سجودك رفعة
"في سجودك رفعة




قال تعالى: ? كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ? [العلق: 19].

في سجودِك قربٌ من ربِّك، ورفعة لمنزلتك، ومحوٌ لذنبك، ومغفرة لزلتك، وترغيم للشيطان، وقوة لقلبك، وزيادةُ يقين وإيمان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ))؛ أخرجه مسلم.

 

فلو عرَفتَ قدر هذه النِّعمة، لما تعجلت الرَّفع منها، وأطلت السجود، وذرفت الدموع، وسكبت العبراتِ حرَّى بين يدَي خالقك على ما فات من أيام دهرك، والكلُّ مشغول لاهٍ، وعن الآخرة غافل ساهٍ، حتى الصالحون نادمون عن أوقات ضُيِّعت في غير عملٍ صالح؛ كقراءة قرآن، أو ذكر بلسان، أو أعمالِ برٍّ وإيمان، وكلنا كذلك، نسأل الله حسن الختام، ونسأله الفردوسَ أوسط وأعلى الجنان.

 

فالسجودُ برهانُ خضوعٍ، وسمة خشوع، أن تسجد لله الواحد الأحد الفرد الصمد، قال تعالى: ? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ? [الذاريات: 56 - 58].

وقد أنعم اللهُ علينا، فمن مثلنا في سجودنا لربِّنا عزَّ وجلَّ؟ وقد أُمِرَ الشيطانُ بالسجود فأَبَى وتكبَّرَ!

 

ألا ترى كيف نسجدُ ملبِّينَ للواحد الأحد، وغيرنا في الظلمات لا يعرف حلالًا ولا حرامًا، يعيش الكدرَ والهم والغم، ظلمات بعضها فوق بعض، استخف عقولَهم الشيطانُ، وتركهم في غَيِّهم يعمهون؟!

ألا ترى أنَّهم يسجدون لغير الله تعالى - حكمة عرفها الهدهد وغابت عن البشر - والمخلوقُ ضعيفٌ، والحيوانُ بلا عقلٍ، والوثن على أشكال مختلفة، أو غير ذلك من توافه الحياة ورذائلها التي يتخذونها معبودات من دون الله تعالى؟!

فكيف لعاقلٍ أن يعبدَ غيرَ اللهِ ويصدق ذلك؟




تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، ونحمد الله تعالى على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، ونحمده على الكتاب والسنة والإيمان والإحسان مع تقصيرنا، ونسأل الله تعالى بجوده وكرمه التوفيقَ والسدادَ، ونعوذ بالله من الخزي والذل في الدنيا والآخرة.

 

مُلئت حياتُنا ضجيجًا وصراخًا، وصعودًا في الجو وهبوطًا منه، وحروبًا وَظَّفُوهَا في أغلب الأحيان لدمار العالم وخرابه، يأكل فيها القويُّ الضعيفَ لأجل ثروات بلاده، والأخير لا يدري أو يغض الطرفَ ولا يبالي ما دام يفترش الريش، وينعم بالعيش، وتطورات نحو العلم والتكنولوجيا، ومع ذلك لم نأخذ من غيرنا سوى القشور، وهم قد أخذوا اللُّبَّ من قبل في أيام حضارتنا المنسية!

 

ومع ذلك نرتقبُ فجرَ يومٍ جديدٍ، يلم شمل أمَّة الإسلام والسلام، ويوحِّد كلمتها، ويعيد مهابتَها، ويعافي جسدها المحموم بسهر أبنائها البررة، وبالتوحيد الحصن الحصين من ظلمات الشبهات والضلالات، ومن براثين الشهوات والموبقات إلى النُّور الساطع والدرب المنير، وكذلك تركنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المحجَّة البيضاء؛ ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ، نقتفي أثر الرَّسول محمد صلى الله عليه وسلم، أَجَلِّ من مشى على وجه البسيطة، وسيِّد ولد آدم ولا فخر، عليه من الله سحائب الصلوات.


"
شارك المقالة:
25 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook