قبيلة كندة بالرياض في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
قبيلة كندة بالرياض في المملكة العربية السعودية

قبيلة كندة بالرياض في المملكة العربية السعودية.

 
لم يتفق المؤرخون على تحديد وطنهم الأصلي الذي جاؤوا منه إلى وسط الجزيرة العربية عندما تمكنوا من تأسيس مملكة ذات شأن لفترة امتدت من أوائل القرن الخامس إلى أواسط القرن السادس الميلادي، فمن قائل إنها قبيلة يمنية قحطانية تنسب إلى كندة وهو ثور بن عفير  ،  ومن المرجح أنها قبيلة عدنانية  ،  وعلى الرغم من الاختلاف الواضح في هذين الرأيين، فمن الطريف في الأمر أنهما يستندان إلى أبيات شعرية منسوبة إلى امرئ القيس نفسه أشار في بعضها إلى ما يفيد أن القبيلة تنسب إلى معد، في حين أشار في أبيات أخرى إلى أنه يماني المنشأ  ،  فالذين قالوا إنها قبيلة من اليمن جعلوا موطنها حضرموت، محددين حاضرتها بمدينة دَمُون  ،  في حين جعلها الهمداني نقلاً عن شيخه محمد بن زغيب الصدفي، قبيلة سكنت حضرموت بعد أن تم إجلاؤها من البحرين 
 
هذا ما أورده الإخباريون ويكرره غالبية من يكتب عن كندة في عصرنا الحاضر، ويضيف بعضهم ما أسفرت عنه الدراسات الآثارية والتاريخية الحديثة  ،  فقد دلت الدراسات التاريخية أن أول من ذكر قبيلة كندة من المؤلفين الكلاسيكيين كان نونوسوس   الذي دعاهم باسم (Kindynoi)، ولعل أقدم النصوص العربية القديمة التي جاء فيها اسم (ك د ت)، هو النص العائد إلى فترة الملك السبئي شعرم أوتر ملك سبأ وذي ريدان العائد إلى الفترة من 230 - 205 ق.م  .  وقد ورد فيه اسم ربيعة من آل ثور ملك كندة وقحطان  ،  ثم عاد وظهر اسم كندة بعد سنوات قليلة في نص يعود إلى فترة الملك إل شرح يحضب، وتحديدًا بين الفترة 250 و 225ق.م، أشار فيه إلى وقوع ملك كندة مَالك في الأسر، حتى سلم رهينة مهمة إلى مأرب  .  ظهر نص سبئي آخر بعد ما يزيد على خمسة عقود، ويعود تحديدًا إلى فترة ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت المدعو (ياسر يهنعم وابنه ذرأ أمر أيمن)، الواقعة بين 295 و 320م  ،  جاء فيه ما يدل على أن العلاقات بين الكنديين والسبئيين كانت على درجة كبيرة من الارتباط، بسبب مشاركة القبيلة الكندية في الجيش السبئي، ويظهر أن هذه العلاقة الحسنة استمرت تقريبًا حتى بداية القرن السادس الميلادي، فقد جاء في أربعة نصوص سبئية ما يفيد استمرار هذه العلاقة الحسنة، أولها يعود إلى فترة الملك السبئي (أب كرب أسعد)   400 - 435م  ،  واثنان منها يعودان إلى فترة الملك (معدي كرب يعفر)، وتحديدًا إلى سنة 516م  ،  أما الأخير، فيعود إلى فترة الملك (يوسف أسار)  .  لكن هذه العلاقات شابها في بداية عهد (أبرهة) اختلافٌ أدى إلى قيام الوالي الكندي المعين من قبل (أبرهة) بالثورة ضده، فأرسل (أبرهة) حملة عسكرية لإعادة الوالي (يزيد)، ومجموعته الثائرة إلى جادة الصواب، وكان ذلك تحديدًا في عام 542م  .  ويظهر أن هذه العلاقات عادت إلى طبيعتها بعد عشر سنوات من إرسال (أبرهة) لحملته التأديبية لكندة، فيشير نص يعود إلى العام 552م إلى مشاركة قبيلة كندة في حرب (أبرهة)، ضد قبيلة مَعْد وبخاصة بنو عامر 
 
وهذه المملكة جاءت في ثلاثة عشر نصًا جنوبيًا  ،  أقدمها يعود إلى منتصف القرن الثالث الميلادي، وأحدثها يعود إلى منتصف القرن السادس الميلادي 552م، منها أحد عشر نصًا تعود إلى جهات رسمية يمنية (تحديدًا ملكية)، ونص واحد مكتوب من قبل وزير سبئي. أما النص الأخير، وهو أهمها، فيعود إلى حجر آكل المرار نفسه، ويقرأ على النحو الآتي:  
حجربن عمرو
 
مَلْك كدْت (كندة).
 
والسؤال الذي يتناوله المؤرخون باهتمام هو: كيف وصل الكنديون إلى وسط شبه الجزيرة العربية؟ لقد اختلفت الروايات التاريخية حول الكيفية التي تقلد فيها الكنديون زمام الأمور في المنطقة، وهذه الاختلافات لا تخرج عن أمرين هما:
 
الأول: أنها أسست بدعم وتأثير خارجي من إحدى القوى الإقليمية الكبرى آنذاك، وهي دولة سبأ، لكن هذه الروايات التي رجحت التأثير الخارجي اختلفت عن بعضها في عدد من الأمور، فمثلاً يرى بعضهم أن تأسيسها جاء بدعم من الملك السبئي (حسان بن تبع)، الملقب بذي المعاهر، على إثر غزواته التي قام بها في وسط شبه الجزيرة العربية، وكانت حصيلتها هزيمة نهائية للقبائل المعدّية، فَنَصب عليها حجر آكل المرار  ،  فيما أشار بعضهم إلى أن الذي نصَّب حجرًا هو تبع والد حسان  .  في حين يرى آخرون أن الملك الذي كان وراء تنصيب حجرٍ آكل المرار هو الملك صهبان علي  
 
الثاني: أن مملكة كندة أسست بإرادة داخلية محلية، فالقبائل الشمالية هي التي طلبت من الملك اليمني أن ينصب عليها ملكًا يختاره  ،  فأرسل إليها أخاه لأمه حجر بن عمرو آكل المرار. ورأي آخر يذكر أن كندة هاجرت إلى وسط شبه الجزيرة العربية لأسباب كثيرة، وأنها بعد استقرارها واندماجها في المجتمع المحلي وسط شبه الجزيرة العربية تمكنت من تأسيس مملكة، انتخب أحد أفرادها ملكًا عليها  
 
ويصعب ترجيح أحد هذين الرأيين، لكن يبدو أنها (أي هذه الروايات) جميعًا تحمل شيئًا من الحقيقة، فيظهر أن الملك الحميري وجد في تنامي قوة كندة وتزايدها في اليمن بعد دخولها في حروب مع حضرموت خطرًا عليه، فشجعها على الاستقرار في وسط شبه الجزيرة العربية مستغلاً إما انتصاره العسكري على القبائل المضريّة والمعَدّية، وإما طلب القبائل المحلية تدخله الشخصي لاختيار من يقودهم.
 
وبعد أن آلت الأمور إلى حجر آكل المرار، اتخذ موقعًا من بطن عاقل عاصمة له  ،  وهو يقع في عالية نجد على طريق حجاج البصرة، في جنوب وادي الرمة  .  ومن هذه العاصمة، انطلقت كندة في توسعها الجغرافي وهيمنتها السياسية حتى وصلت ذروتها في عهد الحارث بن عمرو الذي سيطر على شرقي الجزيرة العربية، وتربع على عرش الحيرة.
 
وعند الحديث عن ملوك كندة فإن التاريخ السياسي لهذه المملكة العربية المهمة يحتاج إلى مزيد من التمحيص والبحث، كي يتم تقديم صورة واضحة عن تاريخ هؤلاء الملوك السياسي. ففيما عدا ملوك (العصر) الكندي الثالث، فإن المعلومات عن الملوك والقادة السياسيين للعصرين الأول والثاني ضئيلة جدًا إن لم تكن معدومة. أما ملوك تلك الحقبة الزمنية المعروفون حتى الآن فهم:  
 
 مرتع بن معاوية بن ثور، حكم عشرين عامًا
 
 ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور، حكم فترة قصيرة
 
 معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن ثور، لا تعرف فترة حكمه
 
 الحارث بن معاوية، حكم فترة تصل إلى أربعين عامًا
 
 وهب بن الحارث بن معاوية، حكم فترة تصل إلى عشرين عامًا
 
 ربيعة، ملك كندة وقحطان (غير معروفة فترة حكم هـ)  .
 
 مالك (ملكوم)، ملك كندة   225 - 250م   
 
 معاوية بن ربيعة، ملك قحطان ومذحج (الفاو)  .
 
أما في العهد الثالث، فقد تقلد الحكم، بالإضافة إلى مؤسس السلالة الكندية ثلاثة ملوك، لأن امرأ القيس، لم يحكم بالشكل المعروف، لكنه ظل حتى وفاته يسعى إلى إعادة حكم آبائه وأجداده. ومن أسماء الملوك يتبين أن ولاية العهد تكون في الابن الأكبر للملك عدا - إن صحت الروايات التي تعده ملكًا - امرئ القيس الذي كان أصغر أولاد أبيه سنًا لكنه حمل على عاتقه محاولة إعادة حكم أبيه
 
 
شارك المقالة:
712 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook