المحتوى

قتل الجن المتلبس بالرقية

الكاتب: يزن النابلسي -

قتل الجن المتلبس بالرقية

 

السؤال
 
يذكر بعض الرقاة أنه يقوم بقتل الجني إذا تلبس بالإنسي، وذلك بعد أن يقوم بالرقية الشرعية عليه ويجمع الجني في مكان من جسم الشخص المتلبس به، وبعد ذلك يقوم بذبحه.
فهل هذا صحيح أو له مستند شرعي أو قد ثبت من خلال الممارسة؟
أفتونا مأجورين.
 
 
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
هذا مما اشتهر عند بعض الرقاة وليس وليد هذا الوقت بل هو معروف من قبل، وإذا اعتدى الجني على الإنسي وجب على الكفاية دفعه ولو أدى لقتله كما هو الحال مع الإنسي المعتدي مع سلوك سبيل العدل وعدم الاعتداء قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: "وإذا برئ المصاب بالدعاء والذكر وأمر الجن ونهيهم وانتهارهم وسبهم ولعنهم ونحو ذلك من الكلام حصل المقصود وإن كان ذلك يتضمن مرض طائفة من الجن أو موتهم فهم الظالمون لأنفسهم إذا كان الراقي الداعي المعالج لم يعتد عليهم كما يعتدي عليهم كثير من أهل العزائم فيأمرون بقتل من لا يجوز قتله وقد يحبسون من لا يحتاج إلى حبسه ولهذا قد تقاتلهم الجن على ذلك ففيهم من تقتله الجن أو تمرضه وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولاده أو دوابه وأما من سلك في دفع عداوتهم مسلك العدل الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يظلمهم ومثل هذا لا تؤذيه الجن إما لمعرفتهم بأنه عادل وإما لعجزهم عنه" اهـ بتصرف يسير 19/52 و53 من الفتاوى.
فالطريق إلى معرفة قتل الإنسي للجني إما بالكتاب والسنة كما في صحيح مسلم 2236 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة الفتى الأنصاري الذي قتل الحية وقتلته وكانت جنياً قال: "فهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدري أيهما أسرع موتاً الحية أم الفتى؟" وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بالمدينة جناً قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان" وإما أن يعلم ذلك بخبر الثقة المجرب وهو على قسمين: الأول إذا كان الجني متمثلاً بصورة أخرى كالحيات والعقارب أو بعض الدواب وقتله الإنسي فهذا مثل ما جاء في حديث أبي سعيد رضي الله عنه. الثاني: إذا لم يتمثل الجني بشيء ويزعم الراقي أنه قتله فهذا قد يكون صحيحاً وليس هناك من الكتاب والسنة ما ينفي ذلك، وقد يكون تلبيساً من الجن قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله عن تلاعب الجن ببعض أهل العزائم: "وكثيراً ما تسخر منهم الجن إذا طلبوا منهم قتل الجني الصارع للإنسي أو حبسه فيخيلوا إليهم أنهم قتلوه أو حبسوه ويكون ذلك تخيلاً وكذباً" اهـ الفتاوى 19/46.
فالجزم بقتل الإنسي للجني في مثل هذه الحالة والجزم بأن ما قتل من الجني في الحالة التي قبلها – مما لم يرد الوحي بأنه جني كالكلب الأسود – لا ينبغي وهو من التلبس بما لم يعطى. والواجب على الراقي أن يتقي الله تعالى ويحرص على نفع أخيه المسلم ودفع الضرر عنه بالكتاب والسنة بما فيهما من ذكر ودعاء مع سلوك سبل العدل والقسط كما هو الحال في التعامل مع المعتدي من الإنس وعدم التلبس بما لم يعطى والخوض فيما لم يحط بعلمه فإن الجن يروننا من حيث لا نراهم ولهم أحوال خلقية تختلف عن أحوالنا ومهمة الراقي هي الرقية لا إيهام الناس بما لا سبيل إلى الجزم به إلا بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
 
 المرجع موقع المسلم
شارك المقالة:
22 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook