قصة أبو عبدالله القرشي الصابر على زوجته

الكاتب: رامي -
قصة أبو عبدالله القرشي الصابر على زوجته
هو صفوان بن سليم المدني أبو عبد الله القرشي الزهري ، وهو عابد زاهد وفقيه ضرب فيه المثل بالصبر على البلاء حتى أن صيته ذاع في البلاد وكان الله يقبل دعوة كل من يدعو ه بصبر القرشي ، ويقول الله عزوجل في سورة الكهف عن شيمة الصبر : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ? وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ? وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (سورة الكهف ، الآية 28)

وكان للقرشي الصابر قصة عجيبة وقعت في القرن الرابع الهجري ، كان هذا العابد الزاهد من مكة وكان متزوجًا من امرأة سليطة اللسان ، سيئة الخصال لم يعش معها يومًا سعيدًا ولكنه كان صابرًا محتسبًا أمره لله عزوجل ، وظل أبو عبدالله القرشي صابرًا عليها ستة وعشرون عامًا وهي لا تتغير سليطة اللسان ، وتؤذيه وتعامله بطريقة فجة .

ورغم ذلك كان لا يشتكي منها لأهلها ولا حتى لأقرب الناس إليه ، ولكنه شعر بعد هذا العمر الطويل معها بحاجته للراحة بعيدًا عنها لفترة فهو لم يكن يريد أن يطلقها ، وقرر أن يظل صابرًا عليها لأنه أنجب منها خمسة أولاد وكان يريد أن يحافظ على بيته وعلى أبناءه .

لهذا قرر أبو عبدالله القرشي الصابر أن يخرج شهر في سبيل الله بعيدًا عن منزله وعن تلك الزوجة سليطة اللسان ، فترك مكة وذهب هائمًا على وجهه فوجد جبلًا ووجد به بعض الأشخاص ، فصعد إليهم وسألهم ماذا تفعلون هنا في هذا المكان ؟ فأخبروه أنهم يصومون النهار ويقومون الليل بعيدًا عن الناس وعن مشاكل الحياة وصخب تلك الحياة الدنيوية .

وأخبروه أيضًا أنه كان لديهم قطيع من الغنم ولكن هذا القطيع الصغير مات ، وأنهم ينتظرون فرجًا من الله أن يرزقهم عوضًا عنه ، فطلب منهم أن يقيم معهم في تلك العزلة بعيدًا عن صخب المدينة ، فرحبوا به ولم يسألوه عن اسمه ولا من أين أتى ، وفي أول ليلة له معهم صلوا صلاة العشاء ، وبعد الصلاة طلبوا منه أن يدعوا لكنه أخبر أحدهم أن يقوم هو بالدعاء .

فدعا واحد منهم أن يرزقهم الله بالطعام والشراب ، فاستجاب الله لدعواه حيث مر عليهم رجل بماء وطعام فأكلوا وشربوا حتى شبعوا ، وفي اليوم الثاني طلبوا منه الدعاء ولكنه طلب منهم هم أن يقوموا بالدعاء ، فدعا أحدهم فاستجاب الله عز وجل لدعواه أيضًا ومر عليهم رجل بطعام وماء فشربوا وأكلوا .

فتعجب عبد الله القرشي من ذلك فكلما دعوا دعوة استجاب الله لهم على الفور ، وفي اليوم الثالث سألهم بأي شيء يدعون قائلًا : أنتم تدعون الله فيستجيب بمجرد أن تنتهوا من دعائكم ، أريد أن أعرف بماذا تدعون ؟

فقالا له نحن نعرف بأمر رجلًا يسمى أبو عبد الله القرشي رجلًا صابرًا على زوجته ستة وعشرين عامًا رغم ما تفعله مع زوجته من أشياء سيئة ، ونحن كلما دعونا ندعو الله أن يرزقنا بصبر هذا الرجل علي زوجته فيرزقنا الله عزوجل بغير حساب ، قالوا هذا وهم لا يعرفون أنه هو أبوعبد الله القرشي نفسه .

حينها نزل أبوعبد الله من على الجبل وعاد إلى بيته وقال لنفسه : أنا يستشفع بي عند الله عز وجل لصبري على البلاء ، وأهرب من هذا ؟ فقد علم القرشي أن الله يحبه ويعلم مدى صبره على زوجته وحلمه عليها ، وعلم أن المكافئة على صبره هي من رب العباد ، كما يقول الإمام الشافعي عن الصبر :

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ        ****     وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لنازلة الليالي       ****      فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً ****   وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
وإنْ كثرتْ عيوبكَ في البرايا ****   وسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَها غِطَاءُ
تَسَتَّرْ بِالسَّخَاء فَكُلُّ عَيْب       ****     يغطيه كما قيلَ السَّخاء

شارك المقالة:
56 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook