قصة أخطر مخلوق في العالم

الكاتب: رامي -
قصة أخطر مخلوق في العالم
اعتاد الملك راغوراج سينغ ملك رامغاره أن يجلس بمجلسه ، وحوله العلماء والخطباء وعمالقة الشعر المفوهين ، شأنه في ذلك شأن الكثير من ملوك عصره ، وبينما كان هناك أحد الخطباء اللبقين يلقي خطبة عصماء يشيد فيها بجلال الملك وعظمته .

ويثني على عقله ورجاحة حكمته ، إذا بنملة صغيرة تلدغ الملك في قدميه ، وتحول انتباهه عن الخطيب الذي أمامه ، فبحث الملك عن النملة والتقطها ، ونظر إليها بإمعان وهو يقول : عجيب أمر هذا المخلوق الصغير ، الذي يستطيع مع صغر حجمه أن يؤلم إنسانًا أكبر منه في الحجم بكثير .

وبعدها سأل الحكماء الذين في مجلسه إن كانوا يعرفون من هو أخطر مخلوق على وجه الأرض ؟ فصمت جميع الحاضرون بضع لحظات ، ثم بدأ بعضهم في التحدث ، هناك من قال أن الثعابين هي أخطر المخلوقات لأنها قد تودي بحياة إنسان أو حيوان ، ولكن البعض قال انه لا يمكن اعتبارها المخلوقات الأخطر ، لأن بعضها ليس سام ولدغته لا تضر .

فخرج فريق أخر بأن الكلب هو الحيوان الأخطر لأنه عندما يصاب بالهياج والجنون ، قد يقتل صاحبه ، لكن هذا الرأي أيضًا كان له معارضون ، فقد رأى البعض أن الكلاب من أكثر الحيوانات الأليفة الوفية لأصحابها ، وأن حالات الهياج التي قد تحدث ، ما هي إلا حالات نادرة لا يمكن تعميمها على جميع الكلاب ووصفها بأنها الأخطر .

استمرت المناقشة لساعات ، واختلف الناس ما بين الذباب والبعوض والعقارب والتماسيح ، وغيرها من الحيوانات الكثيرة واستمرت عملية الاتفاق والاختلاف لفترة طويلة ، سمع فيها الملك كل وجهات النظر بدقة شديدة .

ولكن لفت نظره وسط كل تلك الآراء أن الحكيم بانديت رامناريان  لم يبدي رأيه ، وهو من أحكم حكماء المملكة المشهود لهم بحسن المنطق ورجاحة الكلام ، فسأله الملك عن رأيه في تلك المسألة ، فأجاب بانديت بكل أدب وتواضع : أعتقد يا مولاي أن البشر هم المخلوقات الأكثر خطورة على الإطلاق .

وخاصة هؤلاء المنافقون الذين يستطيعون بكلامهم إغراء الآخرون والتلاعب بعقولهم ، هم أكثر خطورة من أي حيوان ، فأخذ الملك يهز رأسه وطلب من بانديت أن يوضح وجهة نظره بشكل أكثر تفصيل ، فقال الحكيم : إن الشخص السيئ لن يثني على أعمالك الجيدة وسيتذكر فقط أعمالك السيئة ويحاول ردها عليك ، وفي كل مناسبة سيشهر بك .

أما الشخص المتملق فسيمجد فيك دائمًا بالرغم من معرفته بنقاط ضعفك ، سينعتك بالذكي الماهر ، الشخص الرائع الذي ليس له مثيل ، وقد يضعك أحيانًا في مكانة توازي مكانة الإله ، وهذا الأمر سيجعلك دائمًا في الظلام دون أن تدري عن عيوبك وأخطائك شيئًا ، كما أنه سيجعلك بعيدًا عن مواجهة الواقع ، وحين تحين اللحظة التي ستعرف فيها كل شيء ، لن تكون قادرًا على المواجهة وستصاب بصدمة كبيرة .

فالشخص الذي يقع ضحية لثعبان سام ، أو كلب هائج قد ينقذه الآخرون ، أما الشخص الذي يقع ضحية للمتملقين والمنافقين فمعاناته قد تستمر طوال عمره دون أن يعلم ، وهنا انتهى بانديت من كلماته التي فاجئ بها كل الحضور ، ولكن الملك الذي كان ينصت لبانديت بكل انتباه نظر إليه متسائلًا : أيهما أخطر إذن الإنسان الشرير أم المتملق ؟

فأجاب بانديت على الفور : أنه المتملق يا مولاي ، فالشرير يعرف نقطة ضعفك ويحاول استغلالها ، وإذا استطعت إصلاح نفسك وتقويمها فلن يتمكن الشرير منك ، أما المتملق فقد تظل منخدع به طوال الوقت ، لذا عليك أن تملأ مجلسك بالنقاد قبل المادحين ، لأن بهذه الطريقة فقط ستستمر في معرفة نقاط ضعفك ، وتحاول التخلص منها .

شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook