بدأت قصة اختراع آله حلج القطن في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكان ذلك عندما ولد إيلي ويتني في مزرعة بماساشوستس في سنة 1765م ، كان ويتني في صغره يهتم بالآلات والأدوات من كل الأنواع، ولم تكن أسرته موفورة الرزق ولذلك اضطر أن يعمل في طفولته بإحدى الحقول لساعات طويلة ، وفي نفس الوقت استطاع ويتني أن يجد وقتًا لدراسته ، حتى أنه حاول أن يدخر قليل مما يحصل عليه من أجر ليكون باستطاعته أن يدخل الجامعة.

وبالفعل دخل ويتني الجامعة وهو على علم بأن ما معه من مال لن يجعله يستطيع استكمال سوى سنة واحدة في الجامعة فقط ، ولكنه استمر في تعليمه حتى النهاية وذلك بسبب إصلاحه للآلات التالفة بالجامعة ، وبذلك استطاع أن يوسع رزقة ويكسب وينفق على تعليمه .

وفي أثناء دراسته بالجامعة ، حدثه صديق عن وظيفة لمدرس في سافانا بجورجيا ، وبعدما قطع ويتني مسافة طويلة ليصل إلى سافانا وجد الوظيفة قد شغلها غيره وهناك قابل مسز جرين وهي أرملة ولديها مزرعة كبيرة ، وقد سعدت مسز جرين عندما قابلت واحدًا من موطنها الأول في ماساشوستس ، ولذلك دعته ليقيم بمزرعتها لبعض الوقت .

وبالفعل أقام ويتني في مزرعة مسز جرين وقام بممارسة هوايته في إصلاح الآلات حيث أصلح لها ممخضة اللبن والكثير من الآلات التالفة ، كما أنه صنع لها العديد من الآلات التي تستعمل في المنزل مما جعل مسز جرين تفكر في أن يعاونها ويتني في حل مشكلة أجهدت أصحاب المزارع فكانوا يحتاجون إلى آله تنتزع البذور من القطن .

ولأن القطن المنتج في مزارع جورجيا كان قصير التيلة وكثير البذور ، واجه المزارعين العديد من المشاكل ، فكان عليهم أن يمشطوه جيدًا ولكنها كانت عملية شاقة جدًا وتسير ببطء شديد ، وقد تحدثت مسز جرين مع ويتني في كل هذه الصعوبات والمشاكل .

أخذ ويتني يراقب المزارعين أثناء تنظيفهم للقطن من البذور حتى بدأت أفكاره تنسج في ذهنه وبدأ في تصنيع نموذجًا للآلة التي تخيلها ، وكانت عبارة عن أسطوانة من الخشب وبها صفوف من مسامير مؤبدة يفصل بين كل أثنين من المسامير مسافة نصف بوصة وتلف الأسطوانة بعتلة ، وفي دوارنها تمر مسامير الأسطوانة داخل مسامير مشط ثاني والفواصل بينها أضيق وبذلك تبقى البذور وتمر الألياف فقط بين المسامير .

وعند إجراء التجربة الأولى ، وجد ويتني الألياف تتعثر في المسامير ولذلك قام بإضافة فرشاه ثبتها في قاع الآلة لتنتزع الألياف حين تعلق بالمسامير ، وبذلك أنهى ويتني صناعة آلته في غضون ثلاثة أسابيع فقط وأسماها آلة حلج القطن .

وفي أول تجربة عملية أمام المزارعين نظفت الآلة خمسين رطلاً من القطن وكان هذا إنجازًا عظيمًا وبعدما عملت الآلة بضعة أيام ، قام بسرقتها مزارع مجهول مما جعل ويتني يصنع نموذجًا أخر وأرسله إلى واشنطن ليسجل باسمه وأعطوه الحق في أن يبيعه للناس ويصنعه .

وقد تشارك معه أحد أصدقائه في إقامة مصنعًا في نيوهافن حيث أنه لم يكن يمتلك المال الكافي لهذا المشروع ، ونجحوا نجاحًا كبيرًا وحصدوا ثروة من وراء هذا الاختراع حيث كانوا يؤجرون تلك الآلات للمزارعين بدلًا من بيعها ، فأرادت الحكومة في الولايات الجنوبية أن يمتلك المزارعين تلك الآلات ولذلك منحتهم الحكومة مبالغ ضخمة ليتنازلون عن تلك الآلات للمزارعين ، ويقال أن ولاية كارولينا الجنوبية وحدها منحتهما خمسين ألف دولار وكان هذا المبلغ كبير جدًا في ذلك الوقت .