"حينما يتحكم الغضب في الإنسان ؛ يصبح هو الحاكم الذي يحرك ذلك الشخص ، مما يجعله يقع في الخطأ دون أن يدرك ما يفعله ، وهذا بالضبط ما حدث مع أحد المواطنين الذي قام بالاعتداء على قاضٍ داخل هيئة المحكمة دون أن يُقدّر عواقب فعلته هذه ، والتي قد تغير مسار حياته .

حضور المواطن بالمحكمة :
ذهب المواطن إلى المحكمة التنفيذية بالمدينة المنورة يوم 22 أبريل من العام الجاري ، وذلك من أجلتقديم اعتراض على حكم صدر للتنفيذ ضده ، حيث لم يروق له ذلك الحكم الذي صدر من الهيئة القضائية بشأن أحد القضايا المتعلقة به ، وقال أن الحكم يوقف مصالحه الشخصية ، وهو ما جعله يفكر في حيلة لإيقاف هذا الحكم.

تهديد واعتداء :
تمكن الغضب من ذلك المواطن ، حيث لم يستطع أن يغير من مسار الحكم القضائي ، مما جعله يقوم بتهديد القاضي أولًا حتى ينتبه لما يريد ، ثم قام بالاعتداء عليه بالضرب ، مما جعل رجال الأمن يتدخلون من أجل فض الاشتباك الذي قام فجأة ضد القاضي ، وبعد السيطرة على الموقف قام رجال الأمن بضبط المعتدي ؛ حيث تمت إحالته إلى مركز شرطة المنطقة المركزية ، والذي توجد المحكمة في حدوده .

رأي الجهات المختصة فيما فعله المواطن :
تحدث رئيس المجلس الأعلى للقضاء في أحد التصريحات عما فعله المواطن ؛ حيث اعتبر أن اعتداء المواطن على قاضي المدينة المنورة ما هو إلا تعديًا على جميع جهات السلطة القضائية ، كما أكد أن القضاة لهم الأولوية القصوى في الحماية أثناء تأدية عملهم ، وقد كشف أيضًا عن التنسيق مع الجهات المختصة بالأمن وذلك من أجل زيادة الحراسات الأمنية داخل المحاكم والمكاتب القضائية ؛ وذلك لحماية القضاة من أي اعتداء أو تطاول قد يحدث .

وأضاف أيضًا رئيس المجلس الأعلى للقضاء أن أمثال هذه الاعتداءات تقوم بتعطيل العدالة وأهدافها السامية ، كما أكد أن الأمر سيؤخذ بحزم دون أي تهاون مع أي تجاوز ، كما أشاد بالقضاء ورجاله ، وأشاد أيضًا بالجهود المبذولة من قِبل الجهات الأمنية من أجل حماية المنشآت العدلية ومن يعملون بها .

محاكمة المعتدي :
تم تقديم المواطن الذي اعتدى على القاضي إلى الجهات المختصة بالتحقيق من أجل التحقيق في الواقعة وإثبات صحتها ، وقد نتج عن التحقيقات أن المواطن قد تطاول بالفعل على القاضي ، وهو أمر لا يجوز فعله ، لذلك قامت الهيئة القضائية بالمدينة المنورة بإصدار حكمها الابتدائي على المواطن ؛ حيث حُكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات ، كما سيتم جلده 500 جلدة .

بدت حيثيات الحكم واضحة حيث نصت على أن المواطن حينما اعتدى على القاضي ؛ تسبب في إصابته بجروح وبعض الإصابات الأخرى، وقد جاء الحكم عليه بثماني سنوات وذلك ردًا للحق العام ، بينما قام القاضي بالتنازل عن حقه الخاص .

اعتراف المواطن بالاعتداء على القاضي :
قام المواطن المتهم خلال الجلسات التي أقيمت لمحاكمته بالاعتراف باعتدائه على القاضي ، ولكنه ادعى أنه فعل ذلك لأن القاضي قام بإصدار حكمًا قضائيًا يعمل على تعطيل خدماته ، وذلك بعد أن ماطل وأجلّ في تنفيذ حكم سابق كان يقضي بتمكين زوجته السابقة أو طليقته من رؤية أبنائها .

ردود أفعال المواطنين :
تفاوتت ردود أفعال المتابعين فهناك من رأى أنه يستحق العقوبة بل وأكثر من ذلك ، وهناك من التمس له العذر لأنه كان غاضبًا ولديه مصالح يريدها أن تسير ، وهناك من شكر القاضي على تنازله عن حقه ، ولكن هناك الكثيرين ممن يرون أن ما فعله هو عين الخطأ ويستحق أشد العقاب مع وجود بعض التعاطف نتيجة لطول مدة الحكم .

"