قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون

الكاتب: رامي -
قصة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون
يعد توت عنخ آمون من أشهر الفراعنة المصريين ، وذلك ليس بسبب انتصارات حققها في عهده ، أو انجازات حدثت في عهده كما هو الحال مع كثير من الفراعنة المصريين ، وإنما تعد شهرة توت عنخ آمون راجعة لأسباب تاريخية ، منها اكتشاف مقبرته بعد مرور آلاف السنين وبقيت ما بها من كنوز كاملة كما هي ، دون أن يمسها أي تلف أو دمار ، ومنها بسبب ملابسات وغموض أسباب موته ، حيث توفي في سن صغير وهذا أمر غير طبيعي ، وخاصة مع اكتشاف وجود آثار لكسر في عظمة الجمجمة وعظمة الفخذ .

ولادته ونسبه :
توت عنخ آمون ، معنى اسمه باللغة المصرية القديمة هو : الصورة الحية للإله آمون ،ينتمي إلى الأسرة المصرية الثامنة عشرة ، وهي تشكل فترة الدولة الحديثة من التاريخ المصري القديم ، اسمه توت عنخ ابن الملك اخناتون ، والده هو الملك اخناتون أو كما عرف بآمنحوتب الرابع ، ولد توت عنخ آمون في حوالي 1341 قبل الميلاد ، تولى ملك مصر وهو طفل عمره تسع سنوات ، بعد وفاة أخيهسمنخ كا رع ، وقد تزوج بأخته عنخ إسن آمون .

توت عنخ آمون وفترة حكمه لعرش مصر  :
قامت أحداث ثورة العمارنة في بداية حكم توت عنخ آمون لمصر ، ضد حركة اخناتون والذي تم نقل العاصمة من طيبة إلى العاصمة الجديد أخت أتون بالمنيا ، حيث حاول توحيد آلهة مصر القديمة التي تعددت الآلهة فيها ، والتي تعبد في مناطقها المختلفة في شكل الإله الواحد آمون رع .

وفي السنة الثالثة من حكم توت عنخ آمون ، وكان عمره 11 عامًا ، وبسبب حداثة سنه تم اتخاذهلعدة إجراءات متأثرًا بوزيره خپر خپرو رع آي ، فارتد عن عقيدة آتون وترك العاصمة أخيتاتون عائدا مرة أخرى إلى طيبة ، وأعلن عودة عقيدة آمون مرة أخرى ، تحت ضغط من كهنة آمون الرافضين لما يقدمه إليهم اخناتون من فكرة الإله الجديد آتون ، وتم هدم آثار اخناتون من طيبة ، ومحوا اسمه من عليها وهجرها الناس .

أبنائه :
تزوج توت عنخ أمون وكان عمره 9 سنوات ، من عنخ إسن آمون ، وأنجبت منه بنتين ولكن كلتيهماماتتا أثناء ولادتهما ، ويعتبر هذا أمر محير جدًا ، لأن كلتيهما ماتتا ، ويعتبر هذا لغز من الألغاز غير الطبيعية أيضًا .

وفاة توت عنخ آمون والألغاز المحيطة بها:
توفيّ توت عنخ آمون في حوالي 1323 قبل الميلاد ، وتعد وفاة توت عنخ آمون لغز محير ، حيث هناكاعتقاد سائد أن وفاة توت عنخ آمون لم تكن لأسباب مرضية ، ولكن تم اغتياله من قبل وزيره خپر خپرو رع آي ، ويرجع أصحاب تلك النظرية بالاستشهاد بزواج وزيره آي من أرملة توت عنخ آمون بعد وفاته .

وكذلك العثور على رسالة بعثتها عنخ إسن آمون ، أرملة توت عنخ آمون إلى ملك الحيثيين ، تطلب منه إرسال أحد أبنائه لغرض الزواج بها بعد موت زوجها ، بالفعل قام ملك الحيثيين بإرسال أحد أبناؤه كي يتزوج بأرملة توت عنخ آمون ، ولكنه مات قبل أن يدخل مصر ، وهناك اعتقاد أنه تم اغتياله أيضًا بتدبير من خپر خپرو رع آي ، والذي كان يخطط للانفراد بعرش مصر ، ولكن كل تلك النظريات بدون أدلة قاطعة .

وهناك نظرية أخرى تدعم أنه تم اغتيال توت عنخ آمون ، حيث أن الأدلة التاريخية تشير إلى وجود وزيرين لتوت عنخ آمون ، هما خپر خپرو رع آي ، والآخر حورمحب ، وأنه بعد وفاة توت عنخ آمون استلم الوزير آي مقاليد الحكم لفترة قصيرة ، ليحل محله الوزير الثاني حورمحب ، والذي تم في عهده إتلاف الأدلة على حكم توت عنخ آمون والوزير آى ، وهذا يعد دليل قوي على أنه تم اغتيال توت عنخ آمون عمدًا ، وليس وفاته بمرض .

وفي عام 2005م وباستخدام التصوير الحاسوبي الشريحي الثلاثي الأبعاد ، على مومياء توت عنخآمون ،  ظهرت نظرية حديثة على يد العالم المصري زاهي حواس تنفي تعرض توت عنخ آمون للاغتيال ، وأن وفاته كانت نتيجة للالتهاب الناتج عن الكسر الذي حدث لعظم الفخذ الأيسر ، وأن الفتحة الموجودة في عظمة الجمجمة ليس بسبب تلقيه ضربة على الرأس وإنما فتحة لغرض التحنيط .

وأظهرت أيضا تحاليل حديثة أن عظم سقف التجويف الفمي لتوت عنخ آمون لم يكن مكتملًا ، وأن الطول العرضي لجمجمته أكبر من الطول الطبيعي ، مما حدى بالبعض باقتراح متلازمة مارفان والتي أدت إلى موته المبكر .

وفى دراسة نشرت في عام 2010م ، قيل فيها أن سبب موت توت عنخ أمون هو إصابته بمرض الملاريا ،ومضاعفات كسر في عظم الفخذ ، كما أشارت الدراسة إلى وجود بعض الأمراض الوراثية ناتجة عن خلل جينى متوارث في العائلة .

اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون :
كان يتم بناء قبر الفرعون بعد عدة أيام من تنصيبه فرعونا على عرش مصر ، وكان البناء يستغرق في الغالب عشرات السنين ، وكان العمال يستخدمون أدوات بسيطة مثل الفأس في البناء ، وذلك لحفر أخاديد طويلة وغرف صغيرة في الوادي ، وبمرور الزمن ونتيجة لعدم التخطيط ، كان هناك قبور تبنى فوق قبور أخرى ، وكان شق الأنفاق والأخاديد الجديدة يؤدي إلى انسداد الدهاليز المؤدية إلى قبر الفرعون الأقدم ، وهذا يعد سبب رئيس لبقاء كنوز المقبرة لآلاف السنين وعدم تعرضها للسرقة .

في عام 1908م حصل اللورد كارنرفون وهو أحد النبلاء الأثرياء الإنجليز ، على تصريح بالحفر فيوادي الملوك بطيبة ، غرب محافظة الأقصر بمصر وقد طلب إلى هوارد كاتر والذي كان على صلة بسلطات مصلحة الآثار ، فهو عالم آثار إنجليزي وخبير بعلوم المصريات ، أن يتولى الحفائر في الأقصر ، وقد كشف كارتر عن قبر تحتمس الرابع ، وقبر يوياوتويا ، وقبر حتشبسوت ، واضطر إلى وقف الحرب عند بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914م .

ولكنه استأنف العمل عام 1917م حتى أول نوفمبر عام 1922م ، إذ نقل الحفر إلى موقع قريب منمدخل قبر رمسيس السادس ، ثم كان بعد ذلك بأربعة أيام ، أن وقع العمال على أخدود مليء بالأنقاض وكسر الصوان ، يؤدي إلى سلم منحوت في الصخر ، ينتهي إلى مدخل مسدود مكسو بالبلاط المختوم بخاتم المقابر الملكي !.. وإذ بالحفائر ترفع الغطاء عن أعظم اكتشاف تاريخي ، بعدما ظلت مقبرة توت عنخ آمون مخبئة على مدى ما تجاوز 3000 عام .

مقبرة توت عنخ آمون ومحتوياتها :
مقبرة توت عنخ آمون أو المقبرة 62 حسب الترميز العلمي ، تقع بوادي الملوك بمصر ، على ضفة النيلالغربية المقابلة لمدينة الأقصر اليوم .

تنقسم المقبرة إلى المدخل أ بسلالم تتكون من 16 سلمة ، يتبعه دهليز مائل طوله 7 متر ، ثم حجرة أمامية مستطيلة الشكل عرضية يبلغ طولها 8 متر ، وعرضها 3.67 متر ، يتفرع منها في اتجاهالشمال حجرتان : حجرة التابوت ، وحجرة الكنوز ، كما يتفرع من الحجرة الأمامية حجرة إضافية صغيرة نحو الغرب ، وحوائط المقبرة غير مزينة ماعدا غرفة التابوت ، فعليها نقوش وعدة صور ، تصور توت عنخ آمون في مقابلته للآلهة في العالم الآخر.

عثر بداخل المقبرة على 3500 قطعة من المحتويات موزعة في الغرف المختلفة ، تعبر عن طريقةالمعيشة في القصر الملكي ، فقد وجد ملابس توت عنخ آمون ، وحلي ذهبية وأقمشة وعدد كبير من الجعران والتماثيل ، وكذلك أوعية ومواد للزينة وبخور، كما وجد أيضًا قطع أثاث وكراسي ومصابيح بالزيت ، وقطع للألعاب ، ومخزونات غذاء ومشروبات وأوعية ذهبية وفخارية ، وعربات كانت تجرها الخيول ومعدات حربية .

بعض محتويات المقبرة تشير إلى حالة الانتقال العصيبة ، التي مرت على مصر خلال فترة العمارنة ، فترة عبادة آتون بدلا من آمون ، والتي أتى بها إخناتون وتوحيد كل آلهة المصريين في الإله آتون ، ثم عودة عبادة آمون بعد وفاة إخناتون وخلفه توت عنخ أمون ، ومثال على ذلك قطع في المقبرة تحمل اسم توت عنخ آتون ، وقطع أخرى تحمل اسم توت عنخ آمون .

هوارد كارتر والتعامل مع مقبرة توت عنخ آمون :
حين عثر كارتر على 16 سلمة أزاح عنها ترسيبات من طمي النيل ، وحطام صخور ، فوصل إلى بابعليه أختام من العهد القديم ، وهي عدة طبعات أختام بيضاوية الشكل ، وعليها شكل انوبيس  فوق تسعة سجناء ، وتسمى بالأقواس التسعة ، وهو ختم القبور الملكية .

ردم كارتر المدخل مرة أخرى بالرمل والأحجار ، وانتظر حضور من كلفه بالتنقيب فجاء كارناروفون وابنته الليدي إيفيلين ، يوم 23 نوفمبر 1923م ، وصل كارتر مع مجموعة العمال المنقبين معه في عصر يوم 26 نوفمبر إلى مانع ثاني مختوم بعدة أختام ، فقام بكسر فتحة صغيرة فيه وأدخل يده ممسكًابشمعة .

وكتب كارتر تقرير عن ذلك ورد فيه مايلي : في البدء لم أستطع رؤية شيء ، وأتى عليّ هواء دافئ خارجًا من الحجرة مما جعل شعلة الشمعة تترنح ، وبعد أن تعودت عيناي على الظلام ، فبأت أتبين ما بداخل الحجرة ، حيوانات غريبة ، وتماثيل وذهب في كل ناحية بريق ذهب .

وبدأ أعمال التنقيب في المقبر 62 حتى عام 1932م ، حيث قام كارتر والمجموعة العلمية العاملة معهبتصوير جميع الموجودات وتدوينها في قوائم ، من أجل هذا الغرض فقد نقلت القطع إلى مختبر أنشيء مؤقتا بالقرب من مقبرة سيسي الثاني ، وقام هاري بورتون ، بتصوير وتدوين القطع بتفويض من متحف متروبوليتان موزيوم أوف آرت الأمريكي .

وقد استغرق إخلاء محتويات الحجرة الأمامية نحو 50 يومًا ، بغرض إخراج الدواليب الكبيرةوالتابوت من حجرة التابوت ، واضطر كارتر بهدم جزء من المدخل المؤدي إلى الحجرة الأمامية ، وبذلك هدمت بعض المشاهد المرسومة وعليها الإلهة إيزيس ، والتي كانت تبين أيضا توت عنخ آمون مع أنوبيس و الإلهة هاتور .

سرقة مقبرة توت عنخ آمون :
وجهت عدة اتهامات حديثة للمكتشف هوارد كارتر ، حيث قيل أنه للأسف لم يكن أمينا عند تعامله مع المرقد الملكي ، حيث تعامل معه كأنه ملكية خاصة ، بالإضافة إلى الهمجية في التعامل مع مومياء الملك ، حيث قام بإيقاد نار أسفل التابوت الذهبي الحاوي للمومياء ، لفصلها عنه حيث كانت ملتصقة بواسطة الزيوت والراتنجيات ، وقام بفصل الرأس عن الجسد ، فأصبحت المومياء سيئة الحفظ ، ومفككة وقام كذلك باقتحام المرقد الملكي هو ومموله كارنارفون وابنته ، واختلاس الكثير من البقايا الأثرية ، بدون إخطار الحكومة المصرية .

أهمية كنوز مقبرة الملك توت عنخ آمون :
ترجع أهمية مجموعة كنوز الملك توت عنخ آمون لعدة أسباب : السبب الأول  هو أن تلك الأمتعة ترجع إلى الأسرة المصرية الثامنة عشرة ، أزهى عصور مصر القديمة ، حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم ، وقد كان في تلك الحقبة بفضل الحملات العسكرية و العلاقات التجارية  من تصدير واستيراد للمواد والمنتجات المصنعة ، ونشاط أهل الحرف والفنانين أن قويت العلاقات الثقافية بين مصر وجيرانها ، وخاصة مع أقاليم الشام وبحر إيجه .

السبب الثاني هو أن كنز توت عنخ آمون هو أكمل كنز ملكي عثر عليه ، ولا نظير له حيث يتألف من 358 قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع ، وثلاثة توابيت على هيئة الإنسان ، أحدها من الذهب الخالص ، والآخران من خشب مذهب .

والسبب الثالث هو أن هذه المجموعة قد ظلت في مصر ، لتظهر وتبين كيف كان القبر الملكي يجهز ويعد في ذلك الوقت ، فيوجد أمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب ، ثم مجموعة من أثاث مكتمل ، وأدوات ومعدات حربية ، فضلًا عن رموز أخرى وتماثيل للأرباب ، تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر .

والسبب الرابع هو أننا من هذا الكنز ، نتعلم بشكل موثق كيف كانت حياة الملك ، مثل حبه للصيد وعلاقته السعيدة بزوجته عنخ اسن آمون ، وحاشيته الذين زودوه بتماثيل الشوابتى التي تقوم بإنجاز الأعمال بالنيابة عن المتوفى في العالم الآخر .

والسبب الأخير هو أنه كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء .

عرض المومياء :
صرح العالم المصري زاهي حواس بأن العلماء المصريين بدؤوا قبل أكثر من عامين ، بترميم مومياء الفرعون توت عنخ آمون ، والتي تعرضت لأضرار بالغة بعد إخراجها لفترة وجيزة من تابوتها الحجري عند إخضاعها للتصوير الطبقي المحوري .

وأضاف أن الجزء الأكبر من جسد المومياء كان مفتت إلى 18 قطعة تبدو كحجارة تحطمت أجزاء ،عندما اكتشفها عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر أول مرة ، وأخرجها من قبرها وحاول نزع القناع الذهبي الذي كان يغطي وجه الملك توت عنخ آمون ، وأشار إلى أن الغموض الذي أحاط بتوت عنخ آمون وضريحه الذهبي أثار فضول وحماس المعجبين بالدراسات المصرية القديمة منذ اكتشف كارتر المقبرة .

المقبرة اليوم :
بحلول عام 2007 تم فرض رسوم إضافية لدخول المقبرة ، غير تلك المفروضة لدخول وادي الملوك، كما تم تحديد عدد زوار المقبرة إلى 400 زائر يوميًا، ومع مطلع عام 2009 تم إنشاء تصميم ثلاثيالأبعاد مطابق للأصل على موقع مفتاح التراث ، يتيح لرواده زيارة المقبرة وتفقدها في إطار بيئة تفاعلية .

شارك المقالة:
43 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook