قصة الأربعون يومًا

الكاتب: رامي -
قصة الأربعون يومًا
"يُحكى أنه كان هناك تاجر قماش عربي يدعى عجب ، خرج في يوم لرحلة مع أصدقائه عبر البحر ، وحينما كانوا يستمتعون بالأكل والشرب والرقص ، فجأة هبت عليهم عاصفة شديدة دمرت السفينة بأكملها حتى أنها أغرقت جميع أصدقائه .

ولكنه استطاع أن ينجو بنفسه بأعجوبة ، من خلال السباحة والعبور إلى شاطئ أحد الجزر القريبة ، وكان عجب جائعًا جدًا ، فأخذ يبحث عن الماء والطعام في جميع أرجاء الجزيرة ، وبعد عدة ساعات سمع ضوضاء قادمة من ناحية الشاطئ .

فقد كان هناك سفينة قادمة باتجاه الجزيرة النائية ، اندهش عجب من أمرها وخشى من ركابها وظن أنهم قد يكونوا قراصنة أو حتى من آكلي لحوم البشر ، لذا اختبئ بسرعة خلف الأشجار وراقب السفينة من بعيد .

توقفت السفينة على شاطئ البحر وخرج منها عبيد كثيرون ، ظلوا يحفرون حفرة كبيرة وينزلون ويصعدون بها ، وهم يحملون سلال كبيرة ثم خرجوا جميعًا منها ، ونزل رجل عجوز ومعه طفل صغير يبلغ حوالي ثماني سنوات من عمره ، غاب العجوز والطفل بالداخل وبعد فترة خرج العجوز وحده ، وغطوا الحفرة وانصرفوا جميعًا .

ظل عجب يفكر من هؤلاء الناس ؟ وماذا فعلو بالصبي ؟ أقتلوه حيا ؟ كان عجب في حيرة كبيرة ، وقال لنفسه لابد أنهم دفنوا الصبي حيًا وعزم أن ينقذه من ذلك المصير المشئوم ، فبدأ  الحفر بسرعة وأزال الطين عن الحفرة .

وبعد فترة وجد أمامه باب خشبي ففتح الباب ، وذهب إلى ما وراءه فوجد غرفة بها سلال طعام وشموع مضيئة ، ووجد الصبي يقف خائفًا خلف واحد من الأسرة بتلك الغرفة ، فتعجب كثيرًا وأخبر الصبي أنه جاء لمساعدته ، وطمأنه حتى لا يخاف منه .

بعدها سأل عجب الصبي عن سبب وجوده على الجزيرة ، وطلب منه أن يخبره بقصته فبدأ الصبي يشعر بالأمان ، وقال لعجب : إن اسمي هارون ووالدي هو رشيد وهو من أغني أغنياء بغداد ، وأنا الابن الوحيد لوالدي ، ولكن المنجمين أخبروه أن عمري سيكون قصير حيث أن هناك خطر كبير سيحدث لي عندما أكمل عامي الثامن .

والحل الوحيد لذلك أن ابتعد عن بغداد وأعيش في مكان امن ، كما أخبره أحد المنجمين أن هناك شخصًا يدعى عجب سيقتلني وهو تاجر قماش ، وأبي يؤمن كثيرًا بكلام المنجمين وتكهناتهم لذا أبعدني عن كل الناس وأتى بي إلى هنا .

وأنا الآن أمامي أربعين يومًا لأكمل عامي الثامن ، فجئت لتلك الجزيرة ومعي أكلى وشربي بعيدًا عن عجب هذا ، وبعد أن أكمل الأربعين يومًا سأكون بأمان وأعود إلى حضن أبي ثانية ، تعجب عجب كثيرًا حينما سمع هذا الكلام ، وقال في نفسه لماذا أقتل هذا الصبي الجميل ؟ إن أي شخص يراه سوف يحبه .

وبعدها قرر عجب أن يثبت كذب المنجمون ، فعزم على مساعدة الصبي  دون أن يخبره باسمه الحقيقي أبدًا ، حتى لا يخاف منه وقال له يا هارون أنا هنا لحمايتك من كل الأخطار ، لا تخف من شيء أبدًا وأنا بجوارك ، فابتسم هارون لأنه وجد من يؤنس وحشته ويشعر معه بالأمان ، ولما سأله عن اسمه أجاب عجب باسم أخر .

كان الصبي سعيد وسرعان ما تحول خوفه إلى سعادة ، وبدأ عجب يلاعبه ويخبره بقصص البحر والجنيات ، وكثير من القصص الترفيهية ولعبوا كثيرًا وناموا مع بعضهم البعض ، وظلوا هكذا حتى جاء اليوم الأربعون الذي سيتم فيه الصبي عامه الثامن .

في هذا اليوم ساعد عجب هارون على الاستعداد للمغادرة ،  فتناولوا وجبة الإفطار معًا ولعبوا الشطرنج طوال اليوم ، وعندما حل المساء شعر هارون بالجوع فقال له عجب : انتظر سأحضر لك البطيخ من أحد السلال ، وبعدها سأل هارون عن مكان السكين الذي سيقطع به البطيخ .

فأشار هارون على مكان السكين وحينما مد عجب يده ليجلبها ، لدغه عقرب بعد أن أمسك بها في يده ، فصرخ من الألم وألقى بالسكين فوقعت على يد هارون الذي بكى من الألم ، فاستفاق عجب على صوته حيث أن لدغة ذلك العقرب لم تكن سامة ، وضمد جرح هارون وهو يبكى ، فسأله هارون قائلًا : يا عماه أنا أبكى من الألم ولكن أنت لماذا تبكى ؟

فرد عليه عجب وهو يقول : أنا أبكي من السعادة لأنك حي ترزق ؛ فلقد أخبروا أباك أن هناك شخصًا يدعي عجب وهو تاجر قماش سيقتلك ، ومنذ ذلك الحين قررت مساعدتك وإثبات كذب هؤلاء المنجمون ، فأنا يا بني  عجب تاجر القماش الذي ظننته سيقتلك ، ولكني لم أكن أفعل لذا أريد منك أن تخبر أبوك بكل ما حدث وكيف قضينا الأربعون يومًا معًا .

حينها عانق هارون عجب وبكى من السعادة ، وفى تلك اللحظة سمعوا خطوات قادمة نحوهم ، وظهر بعض الرجال يتقدمهم والد هارون ، ومعه مجموعة من العبيد فعانق هارون والده فور رؤيته ، وأخبره بقصته مع عمة عجب فاحتضن والد الطفل عجب ، وشكره جدًا على معروفه وأكد له أنه لن يسمع أبدًا للمنجمون ، وبالفعل كذب المنجمون ولو صدقوا .

"
شارك المقالة:
63 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook