قصة الإمام الشافعي

الكاتب: رامي -
قصة الإمام الشافعي
"هو صاحب المذهب الفقهي الثالث من المذاهب الأربعة عند أهل السنة والجماعة ، عُرف عنه الفطنة والذكاء منذ الصغر ، هيأ له ذلك تبوء مكانة عظيمة في تاريخ الأمة الإسلامية وذاكرتها ، فكان شاعرًا فصيحًا حكيمًا ، أكثر العلماء من الثناء عليه لكثرة مناقبه وصفاته رحمه الله تعالى.

مولد الإمام الشافعي ونشأته :
نكاد لا نجد اختلافًا في تحديد مكان ولادته إلا فيما شذ من الأقوال ، فرأي الجمهور من المحققين والمؤرخين أن ولادته رحمة الله عليه كانت في غزة في بلاد فلسطين ، كما نجد من أراد تحديد ولادته في اليمن ، ومنهم من حددها في عسقلان على بعد أميال معدودة من غزة.

نشأة الإمام الشافعي :
نشأ رحمه الله تعالى يتيمًا فعاش في أسرة فقيرة ؛ واختلفت المصادر التاريخية في تحديد نسب أمه فقالوا إنها يمنية من الأزد ، ومنهم من قال إنها مكية علوية نسبة إلى الإمام علي رضي الله عنه ، وآيا ما كان نسبها فقد رحلت أمه به إلى مكة المكرمة ليعيش بين ذويه وأهله ، ولتحافظ على نسبه الشريف فهو يلتقي بنسبه مع الرسول صلّ الله عليه وسلم .

حياته وطلبه العلم :
مع شرف نسبه إلا أنه عاش حياة صعبة ، وقد كان لذلك أثرٌ كبيرٌ في أخلاقه وحرصه على العلم ، فقد حفظ القرآن الكريم ، وهو في السابعة من عمره ، مما يدل على ذكائه وقوة حفظه ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوي الشريف ، فحفظ أشهر كتب الحديث في هذا الوقت كتاب الموطأ للإمام مالك ، وكان من مظاهر حرصه على العلم رغم فقره هو أنه كان يحفظ الحديث سماعًا ثم يكتب ما حفظة على عظام الحيوانات القديمة.

رحلته إلى البادية لطلب علوم اللغة :
بعد أن أتم الإمام حفظ القرآن الكريم وحفظ أحاديث رسول الله رحل إلى البادية لدراسة اللغة من ينابيعها الصافية فخرج إلى البادية ولازم قبيلة هي قبيلة هذيل وهم من أفصح العرب كما ذكر المؤرخون.

عودته إلى مكة :
بعد أن عاد إلى مكة استمر في طلب علم الفقه والحديث ، وبلغ مبلغًا عظيمًا من الإتقان والمعرفة فسمح له مفتي مكة أن يجلس للإفتاء ، وهو وقتئذ دون العشرين من عمره رحمه الله تعالى ، وهذا يدل على شدة علمه وذكائه وفطنته.

رحلة الشافعي إلى المدينة المنورة ولقاؤه إمام أهل المدينة الإمام مالك :
ذاع صيت إمام أهل المدينة في علم الحديث ، ففكر رحمه الله وهو ابن الرابعة والعشرين من عمره أن يرحل إلى المدينة المنورة ليلقى إمامها مالك رحمة الله علية ليقرأ عليه الموطأ ، وبالفعل رحل إلى المدينة فجالسه وقرأ عليه الموطأ وقد أثنى مالك أشد الثناء عليه ، وبعد وفاة الإمام مالك كان الشافعي هو أكثر الناس دراية بهذا العلم وأقدر الناس على إكمال ما بدأه شيخه.

رحلته إلى اليمن ومحنته بها :
عاد رحمه الله إلى مكة المكرمة بعد وفاة شيخه وقد نال منه قسطًا وافرًا من العلم وأحس بضرورة أن يعلم الناس ما تعلمه وأن يبدأ في عمل يدفع عنه الحاجة والفقر ، وفي هذا الوقت كان والي اليمن يزور مكة ، فأشار عليه الناس أن يأخذ الشافعي .

وفعلًا سافر معه الإمام ، وهناك تولى القضاء فكان حكمًا عدلًا يحكم بما أنزل الله ولا سبيل إلى أن يدخل الهوى إلى نفسه ، وتداخلت السياسة مع الحكم فقد كان رحمه الله لا يخاف في الله لومة لائم وكان يوجه النقد إلى الوالي نفسه ، فاتهمه الوالي بالعمل ضد الحكم العباسي وموالاة الحركة العلوية نظرًا إلى نسبه إلى الرسول صلّ الله عليه وسلم ، فاعتقل ونُقل إلى بغداد .

حياته في بغداد والبعد عن السياسة :
إن الحياة في بغداد قد ساعدته كثيرًا في الإطلاع على فقه أهل العراق الفقه الحنفي ، فاجتمع له فقه الحجاز وفقه العراق ، فاستطاع بذلك أن يضع الأصول ويقعد القواعد فاشتهر أمره وعلا ذكره.

وعندما عاد إلى مكة أخذ يلقي الدروس ويناظر ويجادل ، وتنقل بين البلاد ينشر علمه ، وعندما دخل إلى بغداد مرة أخرى كان بفكره ومقدرته التي تحصل عليها خلال هذه السنين قادرًا على أن ينظر في الكليات لا الجزئيات ووضع كتابه الموسوم بالرسالة في أصول الفقه ، وهي طريقة جديدة في التأليف فلم يكن الغرض منها الفروع والقضايا الجزئية بل إنه ينقد من العلوم أصولها لا فروعها ، وذاع صيته واشتهر بين العلماء ، وقدم عليه طلبة العلم والفقهاء والمحدثين جميعًا ينهلون من علمه.

رحلته إلى مصر ووفاته :
قدم رحمه الله إلى مصر وبها توفي ، بعد أن ضاق ذرعًا ببغداد ، وكان أهل مصر ينتصرون لفقه الإمام مالك ، ويقدمونه فألف رحمه الله كتابًا يرد على مذهب مالك ، فلم يقبله العلماء في مصر وأثاروا العامة عليه ، فكانوا يسبونه في الطرقات.

وكانت وفاته بمصر إثر مرض ألم به وهو في الرابعة والخمسين من عمره عام 204 للهجرة. ويعدمذهبه اليوم هو ثاني المذاهب الفقهية وأكثرها انتشارًا في مصر والشام واليمن وشرق أفريقيا ، وجنوب شرق آسيا.

"
شارك المقالة:
46 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook