قصة البدين والنحيف

الكاتب: رامي -
قصة البدين والنحيف
هي رواية لأديب الروسي أنطون بافلوفيتش تشيخوف ، تقابل صديقان قدامى في محطة سكك حديد نيكولاي ، وكان الصديقان أحدهما نحيف والآخر بدين ، وكان الصديق البدين قد تناول وجبة الغداء لتوه ، في المحطة ولمعت شفتاه من الدهن ، كما تلمع ثمار الكرز الناضجة .

وفاحت من فمه رائحة النبيذ والحلويات المعطره ، أما النحيف فقد كان خارجًا لتوه من محطة القطار ، محملًا بالحقائق وعلب الكرتون ، وقد فاحت منه رائحة اللحم والقهوة الرخيصة ، وظهرت خلفه سيدة نحيفة طويلة الذقن هي زوجته ، وتلميذ طويل القامة بعينين ضيقتين هو ابنه.

لقاء في محطة القطار :
وعندما رأي البدين صديقه النحيف هتف بصوت عالي مناديًا علي صديقه قائلًا : (بورفيري) ، أهو أنت يا عزيزي ، كم مر من أعوام لن أراك ، فرد عليه الصديق النحيف بدهشة عندما رآه أيضا قائلًا : (ميشا) ، يا صديق الطفولة ، من أين جئت ، ثم تبادل الصديقان القبلات والأحضان وحدق كل منهما للآخر بعينين مغرورقتين بالدموع ، وكان كلاهما في حالة من الذهول والسعادة .

أحوال الصديق النحيف :
قال الصديق النحيف لصديقه البدين : يا لها من مفاجأة سارة غير متوقعة ، يا عزيزي ، هلا نظرت اليّ جيداً ؟ ، فرد عليه صديقه البدين بفرحة : حبوب وغندور كما كنت يا عزيزي .
فرد عليه النحيف قائلا : آه يا الهي ، ماذا عنك يا عزيزي ، هل تزوجت ، هل أصبحت ثري ، ماذا عن أحوالك ، فأنا تزوجت كما ترى ، وهذه زوجتي (لويزا) ، ومن عائلة فانتسينباغ ، بروتستانتية ، وهذا ابنى( نافانائيل) تلميذ في الصف الثالث.

ثم قام بتعرف ابنه على صديق طفولته قائلًا لابنه : يا نافانيا ، هذا صديق طفولتي درسنًا معاً في المدرسه لسنوات عديدة ، فقام ابنه برفع القبعة لصديق والده تحية له ، ثم استرسل النحيف قائلًا لصديقه البدين : أتذكر عندما كانوا ينادونك في المدرسة ، باسم هيروستراتوس ، وذلك لأنك قمت بحرق كتابًا عهدة بالسيجارة ، وكانوا ينادوني بلقب افيالتوس وذلك لأنني كنت أحب النميمة ، ثم ضحك مكملًا كم كنا صغرًا .

واستدار وقال لابنه : لا تخف يا نافانيا فهذا صديقي ، ففكر نافانيا قليلًا ثم اختبأ خلف أبيه وهو ينظر إلى صديقه البدين بإعجاب واندهاش ، ثم سأل الصديق البدين صديقه عن عمله قائلًا : ماذا عنك الآن يا عزيزي ، وأين بلغت في الخدمة ؟

فرد عليه صديقه النحيف : أنا بلغت الآن في الخدمة محكم هيئة منذ سنة ، وقد حصلت على وسام ستانسلاف ، والراتب سيئ ، لكن زوجتي تعطى دروسًا في الموسيقي ، وأنا أصنع علب سجائر ممتازة من الخشب ، وأبيع العلبة الواحدة بروبيل ، ومن يشترى عشرة علب أو أكثر، أقدم له خصماً ، أتدري كنت أخدم في الادارة ، وقد نقلت إلى هنا الآن تبع نفس الوزارة ، سوف أخدم هنا .

أحوال الصديق البدين :
ثم سأل النحيف صديقه البدين : وماذا عنك أنت أظنك بلغت مستشار دولة الآن ، فرد عليه البدن وقال : لا يا عزيزي بل أعلى ، لقد بلغت منصب المستشار السري وحصلت على نجمتين .

رد فعل غير متوقع :
وفجأة امتقع وجه النحيف وتجمد قليلًا ، ولكن سرعان ما التوى فمه في جميع الاتجاهات ، ليقوم بصنع ابتسامة عريضة للغاية ، وبدا وكأن الشرار يطل من عينيه ، وانكمش جسده وتحدب وتقفع وتجمع على بعضه ، حتى حقائبه وكراتينه قد انكمشت ، أما زوجته فقد استطال ذقنها الطويل أكثر ، وشد ابنه قامته وزرر جميع أزرار سترته ، ثم قال الصديق النحيف فجأة : انني يا صاحب السعادة والفخامة ، مسرور جدًا بلقائك ، فصديق الطفولة قد أصبح من الأكابر ثم ابتسم ابتسامة مصطنعه .

استغراب ودهشة وضيق:
فرد عليه صديقه البدين باندهاش : دعك من هذا ، ما هذه النبرة يا صديقي العزيز ، إننا أصدقاء منذ الطفولة ، فلا مجال لتلك الألقاب هذه ، فرد عليه صديقه النحيف مصاحبًا قوله بزيادة انكماش وضحكة صفراء تعتلي ثغره : العفو ، سعادتكم ماذا تقولون ، إن اهتمام سعادتكم فخر لنا جميعًا ، فهذا ابني (نافانائيل) وهذه زوجتي (لويزا) بروستانتينية إلى حد ما ، وإن لقاءكم الكريم هو كما البلسم الشافي .

أراد الصديق البدين أن يعترض بشكل ما ، ولكن وجه النحيف كان يطفح بالتبجيل والتعظيم والخنوع إلى درجة أثارت الغثيان في نفس المستشار السري ، فأشاح بوجهه عن النحيف ومد يده له مودعًا ، فصافحه النحيف بثلاث أصابع وانحني بشدة وضحك بشكل مصطنع ، وانصرف المستشار السري وبقي الصديق النحيف وزوجته وابنه متجمدين في مكانهم من شدة الذهول والاندهاش الذي لازمهم .

شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook