قصة البركة والسحت مع الصديق والفاروق

الكاتب: رامي -
قصة البركة والسحت مع الصديق والفاروق
"حين طلب منا المولى عزوجل أن نبتعد عن كل ما هو حرام ، يسر لنا برحمته تعالى كل ما هو حلال وكرّه إلينا ارتكاب الحرام ، فالمولى لم يدعنا لمغريات الحياة وشهوات الدنيا دون أن يعيننا عليها ، فلن نجد إنسانًا قد أراد أن يعيش بالحلال إلا ويسر الله له ذلك ، وما اتجه آخر نحو الحرام إلا وقد أتعبه وأشقاه ذلك أيضًا ، فكلاهما بيّن.

وقد نرى تيسير الله تعالى لحلاله في أبسط الأشياء ؛ فحين تذهب لتبتاع بعض المشتريات فسوف تجد كل ما يتناسب مع حاجتك ، ولن تقع عينيك على غيره حتى تعود بما اقتنيت فرحًا ومسرورًا بتيسير الله لك ، في حين من أراد الحرام ، وأكل حرامًا فلن يملأ عينيه سوى كل ما هو برّاق من الخارج وباهظ الثمن وليس له قيمة تذكر ، فإذا حملها معه إلى بيته فلا تعجب زوجته أو أولاده ، ولا يشعر بسعادة اقتنائها.

ويقول المولى عز وجل في كتابه الكريم في سورة الأنفال بالآية 36 ؛ {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْحَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} ، والقصد هنا هو أنه من باع النعيم المقيم بشهوة قصيرة المدى ، فقد باع خلود الجنة والآخرة ونعيمها ، بعمر محدد وقصير من المتعة في الدنيا ، كما أنها سوف تكون شقاء وكدًا وتعبًا ، لا يساوي شيئًا بالنسبة للأخر قط .

كما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أيضًا ، من سورة الزمر بالآية 15 ؛ {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْمِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } فالله يريد أن يلفتنا إلى أن الذين يعملون شيئًا دون التزام بما أمر الله تعالى ، فسوف يخسرون أنفسهم يوم القيامة ، وقد يتساءل البعض كيف يخسر من كان في سعادة بالدنيا ، فنقول أن من يخسر جنة الله الممتدة والدائمة ،

ويستبدلها بنعيم زائف في الدنيا وإن طال عمره ، ألا يكون قد خسر نعيم مقيم ، واستبدله بما هو موقوت ؟ ، وفي قصة الصديق أبو بكر ، والفروق عمر بن الخطاب ، قيل أنهما قد أعطيا أحد صبيانهما درهمًا ليحضر لهما قدحًا من اللبن .

فذهب وأحضر قدح اللبن فشرباه ، ثم إذا بالصبي يعيد إليهما الدرهم ، فقال له عمر من أين أتيت بهذا الدرهم يا غلام ؟ فقال له الصبي لقد أبلغت الراعي أن أمير المؤمنين يريد قدحًا من اللبن ، فأعطنيه ، فذُعر أبو بكر وعمر ، وقال له أبو بكر ؛ ألا تعلم أن هذا يدعى سحت ، وكل سحت في النار ، ثم أخذا يتقيآن عمدًا لما شرباه ، حيث قال رسول الله الكريم صلّ الله عليه وسلم ، أن كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.

والسحت هنا يعني كل شيء أخذته عن فعل غير مشروع بالحياة ، وهو يوازي الربا ، فالإنسان يأخذه ليزيد به ماله ، ولكن الله سبحانه وتعالى يمحقه كما يمحق الربا ، أي أنه الشيء الذي تأخذه بالقوة والقهر أو بالتهديد أو بأي وسيلة أخرى ، أو بطريق غير مشروع مستغلاً في ذلك سلطتك وقدرتك ، ومستعينًا بها على الضعفاء فترهبهم وتأخذ ما لديهم بقوتك .

كأن تذهب إلى أحد المحال التجارية وتطلب منه شيئًا دون مقابل مادي ، وأنت تهدده بأن تغلق له المكان الذي يتكسّب منه بالحلال حتى يأتي لك بما أردت ، فتلك ليست رشوة وإنما سُحت .

"
شارك المقالة:
63 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook