قصة البيت الصغير

الكاتب: رامي -
قصة البيت الصغير
يُحكى أن رجلًا حكيم كان يعيش مع ابنته الصغيرة روزالي بعد وفاة زوجته أثناء ولادتها ، وكان يخشى على ابنته كثيرًا ويحيطاها بمزيد من الرعاية والعناية ، وكان لدى هذا الرجل ثروة كبيرة وقصر عظيم محاط بحديقة جميلة أسوارها عالية ، وفي أخر الحديقة كان يوجد بيت صغير لا يوجد به أي نوافذ وكان مغلق دائمًا .

كانت روزالي تحب اللعب في الحديقة ، وكان يشغلها دائمًا أمر ذلك البيت المغلق ولكن لأن والدها رباها على الطاعة الشديدة ، وكان يمنعها من إلقاء الأسئلة الملحة وغير المجدية ، كانت لا تتكلم في ذلك الأمر ، وبهذا استطاع والدها أن يقنن من صفة الفضول الموجودة عندها .

ظلت روزالي على هذه الحال حتى قاربت الخامسة عشر من عمرها ، فطيلة تلك السنوات لم تغادر القصر ذو الأسوار العالية ، ولم ترى شخصًا أخر سوى أبيها فهو من كان يعلمها ويلعب معها ويجلب لها الملابس والطعام ، كان يفعل لها كل شيء ، فتربيت روزالي على هذا ولم تفكر أبدًا أنها يمكن أن تعيش حياة خلاف تلك التي تعيشها .

وذات يوم كانت روزالي ترغب في ري أزهار الحديقة ، ولكنها لم تجد وعاء السقي فأخذت تبحث عنه بالجوار ولكنها لم تجده ، فظنت أنه في البيت الصغير الذي يقع في طرف الحديقة مع بقية أدوات الزراعة ، وعلى الفور اتجهت لوالدها وطلبت منه مفتاح البيت .

ولكن والدها سألها بدهشة عن السبب ، فقالت له أريد وعاء السقي من هناك ، فرد عليها والدها قائلًا بوجه شاحب وصوت صارم : ولكنه ليس هناك يا روزالي ، فلما رأته روزالي بهذا الشكل : قالت له ما الأمر يا أبي لماذا تغير وجهك حينما سألتك عن مفتاح البيت ؟ فقال لها : روزالي أنت لا تعرفين عما تتحدثين اذهبي وابحثي عن الوعاء في مكان أخر .

ولكن فضول روزالي منعها من الصمت ، وقالت له : لماذا إذن تذهب إلى ذلك البيت باستمرار وتمنعني من المجيء معك ، كما أن مفتاحه دائمًا في يدك ولا تسمح بإعطائه لي ؟ فقال لها والدها بصرامة : روزالي أنت تعلمين أني لا أحب أسلوب الاستجواب ، كما أن الفضول الذي لديك هو أسوأ عيب فيكِ ويجب أن تتخلصين منه ، فصمتت روزالي وتظاهر بنسيان الأمر وعدم التفكير فيه ، ولكن الحقيقة أنه كان يشغل بالها دائمًا .

وأخذت تقول لنفسها ما الأمر الغامض بخصوص ذلك البيت ولماذا يمنعني أبيمن ارتياده ؟ لا بد أن في الأمر سر ترى ماذا يخفي أبي ؟ هل هناك وحش أو حيوان بري ، ولكني لم أسمع أي هدير يصدر عنه وحتى إن كان موجود ، أبي يذهب إلى هناك كل يوم لماذا لا يهاجمه ؟

لابد أنه مربوط بسلاسل قوية ، إذن لا يوجد خطر عليّ إن ذهبت إلى هناك ، ولكني لا أعتقد أنه حيوان هل يمكن أن يكون سجين ؟ ولكن أبي رجل طيب لا يمكن أن يحبس بريء ويمنعه من الضوء والحرية ، لا بد أن اكتشف ذلك بنفسي ولكن أتمنى لو أستطيع الحصول على المفتاح فقط لعشر دقائق .

قطع صوت والد روزالي كل تلك الأفكار التي كانت تدور بخلدها ، وهو يدعوها لتناول الطعام فقررت روزالي أن تتظاهر أمامه بالبهجة والسعادة وتتجاهل أمر ذلك البيت الصغير حتى تهدأ من شكوكه وتجعله لا يفكر فيما عزمت عليه ، حتى تحين لها الفرصة وتستولي على المفتاح .

وبالفعل جلست روزالي مع والدها إلى طاولة الطعام ، وأخذت تتحدث وتبتسم أما والدها فكان صامت لا يتحدث ، ولكنه رفع رأسه فجأة وقال لها حبيبتي ستتمين الخامسة عشر من عمرك بعد ثلاثة أسابيع ، وأنا سأجلب لك هدية جميلة في تلك المناسبة .

مرت الأيام واحدًا تلو الأخر حتى انقضت أربعة عشر يوم ، وبقى يوم واحد على عيد ميلاد روزالي ، فقال لها والدها طفلتي العزيزة أنا مضطر إلى التغيب عن المنزل لمدة ساعة واحدة حتى أرتب ليوم ميلادك ، انتظريني في المنزل واحذري من الفضول لأني قرأت أفكار وأشعر بما يدور في عقلك ، فقط اصبري وستعلمين كل شيء بعد أيام .

سمعت روزالي حكمة والدها وخرجت وهي مترددة بين فضولها وطاعتها لوالدها ، ولكنها حينما دخلت غرفة والدها ، فرحت كثيرًا لرؤية المفتاح منسي على الطاولة  ، فاستولت عليه وركضت تجاه المنزل الصغير ، وهمت بفتح الباب لكنها تذكرت حكمة والدها حذاري من الفضول فترددت في فتح الباب وقررت العودة إلى القصر .

لكنها سمعت همسًا بالداخل فوضعت أذنها على الباب وسمعت صوتًا خافتًا يغني بهدوء في الداخل ، فقالت له من أنت ولما أنت بالداخل ، فقال لها الصوت أنا سجين أسرني هنا أحدهم ، فقالت له روزالي ما السبب وماذا يمكنني أن أفعل من أجلك ؟

فقال لها الصوت : أرجوك افتحي لي الباب وسأخبرك بكل شيء ، فحارت روزالي بين فضولها الشديد وطاعتها العمياء ، ولكن انتصر الفضول ووضعت روزالي المفتاح في الباب وحاولت فتحه ولكنها لم تستطيع ، فقررت تركه والمضي بعيدًا ، ولكن عاد الصوت من جديد يقول : إن أبوك ليس كما يبدو عليه افتحي الباب أرجوك وسأخبرك بحقيقته ، هنا أعادت روزالي الكره وأدارت المفتاح وفجأة انفتح الباب ليكشف عن وجه بالداخل .

كان الوجه وجه أبيها نفسه الذي تعمد ترك المفتاح ، لأنه كان يعلم أن ابنته لن تستطيع مقاومة فضولها ، وهنا شعرت الفتاة بالحرج أمام أبيها ووعدته بمحاولة التحكم في تلك الصفة السيئة ، فسامحها والدها وأخبرها أن المفاجأة التي حضرها لها هي رحلة بالخارج بعيدًا عن ذلك القصر المغلق ، رحلة  ترى فيها العالم ، وتدير بيدها مفتاحه ليفتح أمامها على مصراعيه ، وتتعلم الكثير .

شارك المقالة:
59 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook