هو تشارلز ستراتون الذي كان يؤدي دور الجنرال توم ثومب ، والذي عرفه العالم كله بهذا الاسم عندما ظهر على المسرح ، ويبلغ طوله 25 بوصة فقط لا أكثر ، وقد جعل تشارلز لمسرح بارنوم الأكثر شعبية جاذبية لا مثيل لها ، حيث جلب الجنرال توم ثومب فرحة لا مثيل لها إلى ما لا يقل عن 50مليون شخص في حياته .

ونادرًا ما كان الرجل الذي كان يُعرف سابقًا باسم تشارلز ستراتون ، يعرف الحياة بعيدًا عن المسرح بفضل مسرح بارنوم ، حيث كان يملك المسرح أسس التسويق الذكي والأداء القوى في الوقت المناسب ، وقد يقول البعض أن عمل بارنوم نيابة عن ستراتون كان استغلالية ، لكن ما هو مؤكد هو حالة الشهرة الغير مسبوقة ، التي حققها ستراتون إلى جانب بارنوم في السنوات المبكرة .

ولد تشارلز ستراتون في 4 يناير عام 1838م في بريدجبورت كونيتيكت ، وكان والده نجار وأمه ربةمنزل وكان كل من والديه ذو طول طبيعي ، ولكن لم يكن الشاب ستراتون محظوظًا بما فيه الكفاية ، فلقد توقف عن النمو عندما بلغ من العمر ستة أشهر فقط ، ولم يبدأ في النمو مرة أخرى إلا بعد ذلك بكثير .

وفي يوم من أيام الشتاء الباردة وبالتحديد في نوفمبر من عام 1842م سمع PT Barnum صاحبمسرح بارنوم عن الفتى الأسطوري البالغ من العمر أربع سنوات ، والذي كان وزنه وزن رضيع حيث كان وزن الطفل 15حينها رطلاً فقط ، ووقف طوله عند 1.2 ? ، أو 25 بوصة ، وأراد أكبر عارضللغرائب أن يضيف بعض المعالم الجديدة إلى قاعة العرض الحية الشهيرة في مدينة نيويورك ، فعادةً ما كان يظهر العارضون في بارنوم كالعمالقة .

لذا فإن ستراتون سيكون نقطة جديدة لجذب الانتباه ، بعيدًا عن العناصر العملاقة التي كان الناس يذهبون لرؤيتها ، وعرض بارنوم مبلغ 3 دولارات في الأسبوع لأولياء تشارلز ، وبعدها ذهبوا إلىنيويورك وفي كواليس مسرح بارنوم ، تعلم تشارلي كيف يصبح عارضًا وتعلم الشاب دروس بارنوم بسرعة ، وسرعان ما أصبح الطفل الأكثر شعبية في قاعة العرض الحي ، وأثبت توم تومب أنه مقلد موهوب للغاية .

وظهر في العروض المنتظمة في هذه اللعبة الصغيرة بشخصيات مثل نابليون بونابرت ، المعروف بقصره ، وشخصية من المرتفعات الاسكتلندية (في دور ساخر من الكوميديا) ، وبدلاً من تسويقه على أنه في سن الرابعة ، كذب بارنوم وقال أن الجنرال توم ثومب كان في سن الحادية عشرة وهو من إنجلترا .

وقد غير بارنوم السن لتجنب اتهامه بالاستغلال ، وجاء اسم المسرح من الفولكلور الإنجليزي وقد أحبه الجماهير ، فغالبًا ما كان أداء Barnum مع الجنرال توم على خشبة المسرح ، يشهد على طفلمعجزة ولم يبدُ أحد أي تساؤل حول ما إذا كان بارنوم قد استغل تشارلز أم لا ؟ فعندما يظهر بدور الجنرال توم ثومب ، كان يُنظر إلى الأعراض الخاصة بالإعاقات الجسدية للأشخاص على أنها طبيعية تمامًا .

وربما أحب الشاب الصغير أن يكون مركز الاهتمام وبدلاً من التفكير السلبي في إعاقته ، لم يخجل من ذلك أبدًا بل على العكس كان متكيف مع وضعه تمامًا ، وبعد عمله التجريبي لمدة شهر ، أصبح تشارلز لاعبًا دائمًا ، ورفع بارنوم الراتب الأسبوعي إلى 50 دولارًا في الأسبوع ، (وهو مبلغ ضخم فيذلك الوقت) .

وحينها عاش تشارلز مع أمه في شقة فوق المسرح ، وفي أوائل عام 1844م قرر بارنوم أخذ دور الجنرال توم ثومب لمدة (6 سنوات) في إنجلترا ، و كان هذا البطل الشعبي في الأصل من إنجلترا و لكن ما هي أفضل طريقة لجعل تشارلز نجمًا عالميًا ؟ فقد كان هناك قلق من أن البريطانيين سوف يرون هذا المشهد ، على أنه عيب وكانت عروضهم القليلة الأولى غير مقبولة ، لكن زيارة الملكة فيكتوريا بعد وفاة والد الأمير ألبرت غيرت كل ذلك .

فقد وصف بارنوم أدائه أمام الملكة فيكتوريا في قصر باكينجهام بهذه الطريقة: “كانت الملكة ووزرائها واقفين في الطرف الأبعد من الغرفة ، عندما بدأ العرض ومن ثم فتحت الأبواب ، وسار الجنرال وكأنه دمية شمعية تتحرك موهوبة بقوة الحركة ، وقد صورت المفاجأة أمارات السرور على وجه عدد من الأوساط الملكية ، عند النظر إلى هذا النموذج الرائع من الإنسانية .

فقد وصل إلى درجة أصغر بكثير مما توقعوا العثور عليه ، وتقدم الجنرال بخطوة ثابتة وعندما اقترب ضمن مسافة بعيدة ، أظهر تقوسًا رشيقًا جدًا ثم صرخ: “مساء الخير أيها السيدات والسادة!” ، وتبع ذلك موجة من الضحك ثم التحية ، ثم أخذته الملكة بيدها وقادته حول المعرض وسألته أسئلة كثيرة ، وكانت الأجوبة كوميدية فجعلت الجميع في حاله من المرح والضحك دون انقطاع .

والجزء من البرنامج الذي جعل الجميع يضحكون هو النهاية ، حيث اضطر الجنرال توم ثومب للخروج من القاعة ، لكنه لم يستطع أن يدير ظهره للملكة (حسب قواعد الآداب الملكية) ، وبدلًا من ذلك ركض خطوات قليلة ثم استدار وانحنى ، وبعد إتباع هذا النظام عدة مرات ، بدأ الكلب ينبح في تشارلز ، الذي شرع بعد ذلك في التظاهر بالقتال مع الكلب باستخدام عصا المشي ، ووقتها عم الضحك أرجاء المكان .

ولم يقتصر الأمر على حصول بارنوم والجنرال توم ثومب على دعوة لأداء عرض مرة أخرى ، بل شرعا في جولة لمدة ثلاث سنوات في أوروبا بعد هذه المهمة ، وتوافدت عليهما حشود ضخمة لرؤية الجنرال توم ثومب ، الذي كان يتمتع بشعبية خاصة بين النساء الشابات ، اللواتي كنا يصطفن للحصول على قبلة من جاذبية بارنوم ، وحقق الثنائي في أوروبا نجاحًا تامًا ، لكن بارنوم لم يكمل رحلته بعد مع تشارلز .

زواج الجنرال :
وبحلول عام 1856م قرر بارنوم أن الجنرال توم ثومب يحتاج إلى جولة أمريكية لمدة عام ، وبالفعل حصلت المدن الرئيسية على رؤية القزم المضحك ، وهو الذي بلغ الآن أقصى ارتفاع له 3 أقدام ووزنه70 رطل ، وفي عام 1863م رتب بارنوم لحفل زفاف القرن ، فقد تزوج الجنرال توم ثومب من لافينيا وارين .

وكانت وارين أيضًا صغيره جدًا وتعرف باسم “ملكة الجمال الصغيرة”، فقد التقى الاثنان ووقعا في الحب ، ونظم بارنوم حفلًا فخمًا في كاتدرائية غريس الأسقفية في مدينة نيويورك ، وفي اليوم التالي لحفل زفافهما اصطف الناس في طوابير للحصول على لمحة من الزوجين ، بنفس الطريقة التي يصطف بها البريطانيون لأميال لمشاهدة حفلات الزفاف للعائلة المالكة .

لقد رأى العديد من الناس حفل زفاف بارنوم كحركة دعائية ، لكنهم أصروا على أنهم كانوا في حاله حب ، حيث كتب ستراتون نفسه يقول : “صحيح أننا قليلون لكن الله سبحانه وتعالى جعلنا مثاليين في صغر حجمنا ، فنحن ببساطة رجل وامرأة نمتلك العواطف والضعف مثل الجميع ” ، وفي أواخر ستينيات القرن التاسع عشر ، شرع الجنرال توم ثومب وزوجته في جولة حول العالم ، وهذه المرة ذهبوا إلى أستراليا والصين وآسيا ، وفي كل مكان ذهبوا إليه واصلت الحشود الضخمة متابعتهم.

وقد عاش تشارلز ستراتون حياة مترفة كشخص بالغ ، واشترى منزلًا فاخرًا في مدينة نيويورك ، وحقق مبالغ ضخمة من المال حتى توفي عام 1883م عن عمر يناهز 45 عامًا على إثر سكتة دماغية ،ويتفق الخبراء الطبيون المعاصرون على أنه وزوجته عانوا من نقص هرمون النمو ، وهي حالة مرتبطة بالغدة النخامية في الدماغ .

وإذا كان هذا الشرط يؤخذ بعين الاعتبار في موت ستراتون أم لا فقد تزوجت أرملته بعد 10 سنوات وعاشت حتى عام 1919م ، وسواء كان تشارلز ستون يعاني من الاستغلال أم لا ، فهناك شيء واحدمؤكد: كان توم ثومب نجمًا عالميًا وكان لديه عشاق في كل ركن من أركان هذا الكوكب ، وعند وفاته سافر عشرات الآلاف من الناس لمشاهدة قبره .