قصة الحرب الصليبية الرابعة

الكاتب: رامي -
قصة الحرب الصليبية الرابعة
كان الخلاف مستحكمًا بين الكنيستين ، الشرقية والغربية ذلك أن المذهب الكاثوليكي ، كان سائدًا في أوربا الغربية آنذاك ، وكانت روما هي العاصمة ومركز البابا ، بينما المذهب الأرثوذكسي كان هو السائد ، في أوروبا الشرقية وعاصمته القسطنطينية ، والتي كانت مركزًا لكنيسة أيا صوفيا .

وكانت في هذا الوقت كنيسة روما ، تعتبر كنيسة القسطنطينية منشقة عنها ، ومخالفة لمبادئها المسيحية ، وما زاد الخلاف بينهما ، بعيدًا عن هذا الخلاف المذهبي كان هناك خلافًا جنسيًا ، فالبيزنطيون يعتبرون نصارى الغرب ، رواسب للقبائل البربرية التي هاجمت الحضارة الرومانية ، والبيزنطيون هم الذين حافظوا على ذلك التراث قدر الإمكان ، وصدّوا كل قوة تريد الانقضاض عليه ، وعلى العالم المسيحي سيما الزحف الإسلامية .

أما اللاتينيون فإنهم يزدرون البيزنطيين ويسخرون منهم ، إذا كانوا رعايا للدولة الرومانية العظمى ، وكان اليونانيون كما كانت بقية المشرق ، تحت الحكم الروماني اللاتيني وسيادته ، وكان يسودهم اعتقاد أنه لن يستطيع مقارعة المسلمين ، إلا دولة لاتينية تحل محل البيزنطيين ، على البوسفور وهي أوربا في العصور الوسطى .

وهذا الاعتقاد كان هو المبدأ الذي انبنت عليه الخلافات السياسية بين أوربا الغربية ، والإمبراطورية البيزنطية ، ونتجت عنه الحروب الكثيرة والمحاولات المتعددة ، للاستيلاء على أملاك الإمبراطورية البيزنطية ، وكنتيجة متوقعة لهذا الشعور ، فإن الحرب الصليبية الرابعة يتحوّل اتجاهها ، لسبب غير منتظر إلى القسطنطينية ، ويقع احتلالها من طرف الصليبيين .

الحرب الصليبية الرابعة :
كان الدافع لهذه الحرب الصليبية ، هو الدافع العام للحروب التي سبقتها ، دافع استرجاع بيت المقدس ، من أيدي المسلمين ، وقد أثيرت هذه الحرب تحت إشراف البابا إينوسان الثالث ، وكان داعيتها فولك دونويي ، واستجاب لدعوته كثير من الإقطاعيين والأشراف بفرنسا ، منهم بودين التاسع وكان عزم الصليبيين ، على أن يتجهوا صوب مصر ، باعتبارها صاحبة السيادة على بيت المقدس آنذاك ، واتفقوا على أن يكون الإبحار من البندقية ، يكترون سفنًا تقلهم من هناك صوب مصر ، ووصل الصليبيون إلى البندقية ولكنهم عجزوا عن دفع معلوم إيجار السفن ، البالغ مقداره 85000 مارك فضة آنذاك .

دوق البندقية يحوّل اتجاه الصليبيين :
عندما احتار الصليبيون في جمع المال استغل دوق البندقية ، هنري دندولو هذه الحيرة ، فعرض عليهم التوجه إلى مدينة زارا بولاية دالماسيا التابعة لمملكة المجر ، ورغم احتجاج البابا على هذا الاتجاه المخالف للغرض الأصلي ، فإن الصليبيين انقادوا إلى دوق البندقية ، واستولوا على مدينة زارا بقيادة الدوق ، ولفائدة البندقية طبعًا .

وبينما الصليبيون ودوق البندقية ينتشون بهذا الانتصار ، إذا أقبل عليهم ألكسيس الصغير ، ضد المتولي عرش القسطنطينية ألكسيس الثالث ، الذي عزل أباه واغتصب منه كرسي الإمبراطورية ، وبالغ ألكسيس في تعهداته ودفع تعويضًا للصليبيين ، متى استطاعوا تحقيق رغبته في افتكاك منصب الإمبراطورية من غاصبه .

وتحلب فم دوق البندقية لهذا الاستنجاد والتعهدات ، فأعمل جهده لتوجيه الصليبيين إلى القسطنطينية بعنوان إجابة ألكسيس المطالب بعرش القسطنطينية ، وأفلح الدوق في مهمته فأبحرت الحملة الصليبية ، واتجهت إلى عاصمة البيزنطيين ، وفي عام 1203م ،  شرعت في محاصرةالقسطنطينية .

وانتهي الحصار بانتصار الصليبيين ، وإرجاع العرش إلى مستحقه ، ولكن خلافًا كبيرًا نشب بين الصليبيين والبيزنطيين ، بسبب التعويضات والتعهدات المالية ، أدى إلى قيام الحرب وإعادة حصار القسطنطينية ، وفي 12 إبريل عام 1204م ، استسلمت المدينة وسقطت في أيدي الصليبيينوالبنادقة ، فعاثوا في المدينة ونهبوا ذخائرها ونفائسها ، وأتوا على معالمها التاريخية وآثارها الفنية .

السلطنة اللاتينية بالقسطنطينية :
لما استولى الصليبيون على القسطنطينية ، انتخبوا بودين التاسع إمبراطورا على القسطنطينية ، تحت اسم بودين الأول ، أما منافسه بونيفاس فقد تولى ملكية مقدونيا وشمالي تساليا ، وكان نصيب البنادقة من هذه الغنيمة كبيرًا ، اشتمل على أهم الجزر بالبحر الأيوني وشبه جزيرة المورة ، وجزائر بحر الأرخبيل وغير ذلك .

كما أصبح بطريق القسطنطينية من البنادقة وهكذا كانت نتيجة الحرب الصليبية الرابعة ، عندما تحول اتجاهها عن مقصدها الأصلي ، مما يزيد تأكيدًا أن الروح الدينية لم تكن المسيطر الأساسي ، على الصليبيين .

واستمرت هذه الإمبراطورية اللاتينية الفرنسية ، مستولية على القسطنطينية إلى أن تمكن الإغريق من إرجاع عاصمتهم ، والتغلب على الصليبيين عام 1260م ، بقيادة ميخائيل إمبراطور نيقية .

شارك المقالة:
72 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook