قصة السيدة ميمونة بنت الحارث

الكاتب: رامي -
قصة السيدة ميمونة بنت الحارث
"كان رسول الله قد وقع مع المشركين {صلح الحديبية} في العام السادس للهجرة ، وكان من بين شروط هذا الصلح أن يرجع المسلمون هذا العام إلي المدينة ؛ علي أن يقصدوا مكة لأداء العمرة في العام الذي يليه.

وفي العام التالي عام سبعه من الهجرة تهيأ المسلمون لعمرة القضاء ، وكانت قلوبهم وأرواحهم تهفو إلي أشرف بقاع الأرض ، وكان الحنين يملآ عليهم حياتهم في كل لحظه من لحظاتهم ، ولذلك فإنهم يستعجلون اليوم الذي يذهبون فيه لتأدية شعيره من شعائر الإسلام .

وجاء اليوم الذي عاد فيه المسلمون إلى ديارهم ، والتكبير والتهليل وشكر الله يملآ الأفاق ويعلو فوق كل دعوة ، وهنا خرج المشركون لمشاهدة هذا المنظر الرائع الذي يأسر القلوب والأرواح ، والمسلمون يهتفون من قلوبهم { لبيك اللهم لبيك… لبيك لا شريك لك لبيك… إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك}

حقا لقد صدق الله عزوجل حين بشرهم بإن هذا اليوم آت لا محال ، فيقول عزوجل : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ? لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ? فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَ?لِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} سورة الفتح الآية 27

هنا أيقن المشركون أن النصر الأعظم الذي سيحرزه محمد وأصحابه قد اقترب ، وأن عهود الوثنية والضلال قد أوشكت علي الزوال واقتربت النهاية ، لقد تأثر بهذا المنظر الكثير من المشركين ، وفاضت عيون البعض من الدمع ؛ مما عرفوا من الحق واليقين في دعوة هذا النبي الكريم صلّ الله عليه وسلم .

فسارع بعضهم إلى اعتناق هذا الدين والدخول فيه ، فقد كان من بينهم من رق قلبه ، واستجاب لدعوه الرسول {صل الله عليه وسلم} بره بنت الحارث والتي سماها الرسول ميمونة بعد ذلك ، وقد كانت سيده من أكرم سيدات مكة .

كان قلبها يهفو إلي محمد صل الله عليه وسلم ، وهي أخت للسيدة أم الفضل لبابه الكبرى بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وكانت أم الفضل من أوائل من استجاب لدعوة نبي الله إلي الإسلام .

والسيدة ميمونة بالإضافة إلي أنها أخت السيدة العظيمة أم الفضل ، فهي أيضا أخت لزوجة حمزة بن عبد المطلب عم الرسول ، وكانت السيدة ميمونة في ذلك الوقت أرمله في السادسة والعشرين من عمرها ؛ بعد أن مات عنها زوجها .

وفي العام الذي جاء فيه الرسول إلي مكة هفا قلبها للرسول ، وأمنت بدعوته وتحدثت إلي أختها أم الفضل زوجه العباس بذلك ، ولم يتردد العباس في تبليغ هذه الرسالة الإنسانية العظيمة لرسول الله ، فعرض عليه الزواج من السيدة ميمونة

فاستجاب الرسول صل الله عليه وسلم وأصدقها أربعمائة درهم ، وبعث ابن عمه جعفر بن أبي طالب زوج أختها الصغرى أسماء يخطبها ، وكانت المدة التي اتفق عليها الرسول مع المشركين للعمرة هي ثلاث أيام ؛ قد أوشكت علي الانتهاء ، قبل أن يتم زواجه من السيدة ميمونة.

ولما جاء المشركون يطلبون منه العودة إلي المدينة ؛ قال لهم الرسول : {ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم ، وصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه} ، ولكنهم رفضوا ذلك وقالوا له : لا حاجه لنا بطعامك ، فاخرج عنا وأذن الرسول في المسلمين بالرحيل ، وترك مولاه أبا رافع بمكة ؛ لكي يأتي بصحبه السيد ميمونة.

وفي مكان يقال له سرف قرب التنعيم جاءت السيدة ميمونة بصحبه مولي الرسول فدخل بها رسول الله صل الله عليه وسلم ثم عاد إلي المدينة ومنذ هذه اللحظة سماها رسول الله ميمونة بدلا من بره اسمها الأول ؛ لأن زواجه بها كان مناسبة ميمونة ودخلت السيدة ميمونة بيت النبي ، وهي سعيدة بما أنعم الله عليها من الزواج بسيد البشر ، وأفضل خلق الله.

وقد كان هذا الدخول خيرًا وبركه علي الإسلام ، والمسلمين فبمجرد أن غادر الرسول مكة وقف خالد بن الوليد ابن أخت السيدة ميمونة ، وقال في جمة من الناس : { لقد استبان لكل ذي عقل أن محمد ليس بساحر ، ولا شاعر ، وأن كلامه من رب العالمين ، فحق علي كل ذي عقل أن يتبعه }.

وعاشت السيدة ميمونة بعد وفاة الرسول صلّ الله عليه وسلم خمسين عامًا ، وقد طلبت أن تدفن في المكان الذي تزوج بها النبي في سرف ، وكانت السيدة ميمونة هي أخر من تزوجهن النبي من أمهات المؤمنين.

"
شارك المقالة:
73 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook