قصة الشماغ

الكاتب: رامي -
قصة الشماغ
"هناك العديد من الأشياء والعادات التي تميز البلدان العربية ، والتي تتسم بالإطلالة الخاصة جدًا ، ومن أهم ما قد يميز بعض المناطق العربية هو طريقة لباسهم المميزة ، وقد كان لبس الشماغ من الأشياء التي ظهرت بشكلها المميز للغاية ، وهو عبارة عن غطاء يتم لفه على الرأس ؛ حيث يقوم الرجل بوضع الشال على رأسه ثم يقوم بلف قماشه تشبه الحبل الطويل فوق هذا الشال ؛ ليبدو المظهر النهائي للشماغ بشكله الرائع المميز .

وقد أُطلقت كلمة الشماغ في الأساس بالعراق والأردن وشمال الجزيرة العربية ، ويرجع تاريخ ارتدائه إلى حضارات ما بين النهرين بالعراق في قديم الزمان ، وقد ذُكرت كلمة الشماغ باللغة السومرية وهي تتألف من مقطعين وهما “اش –ماخ” ويعني في هذه اللغة “غطاء الرأس”.

تم استخدام الأنماط الخاصة من أجل توزيع الألوان على الشماغ بطريقة تحاكي سنابل القمح أو شباك الصيد ، وذلك هو التصور الذي ورد بعقول الباحثين في الملابس التقليدية ، ومنذ أن ظهر الشماغ وجد لنفسه مكانة مميزة عند الرجال ، ولازال يتم استخدامه حتى الوقت الحالي وذلك لكثرة المميزات التي يتمتع بها .

يمتلك الشماغ العديد من الوظائف المهمة مثل أنه يقوم بحماية الرجال من أشعة الشمس أو الشعور بالبرد القارص أثناء فترات الليل وخاصةً داخل البيئة الصحراوية ، كذلك يعمل كواقي للوجه من الأتربة والغبار عندما يتم استخدامه كلثام ، كما أنه يتميز بالشكل الجمالي الرائع ليكون بذلك علامة خاصة بثياب العرب .

هناك بعض الأقاويل التي تتحدث عن أصل الشماغ وأنه قد جاء عن طريق البريطانيين الذين قاموا بتقديمه للعرب حينما كانوا موجودين بالجزيرة العربية ، ولكن هذه الأقاويل التي تحدثت عن هذا الأمر غير صحيحة وذلك لأن الشماغ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعرب منذ آلاف السنين ؛ حيث طبيعة حياتهم الصحراوية التي جعلتهم يصنعون هذا اللباس ، كما ذكر التاريخ أن الطوارق الذين يسكنون بلاد المغرب العربي كانوا يستخدمون الشماغ من أجل الحماية من أشعة الشمس والرياح الرملية .

وما قد فعله الإنجليز بالفعل هو المشاركة في التطوير للشكل الخارجي للشماغ ؛ حيث أن العرب قديمًا لم يكن لديهم القدرة على تطري الشماغ ؛ وذلك لأن الموارد والإمكانيات كانت قليلة للغاية ولا تصلح لصناعة الشماغ المطرز ، لذلك قام الإنجليز بهذا التطوير الجمالي ، فهناك الشماغ الأحمر الذي ينتسب إلى جنرال انجليزي يُدعى “جلوب باشا” وهو الذي كان يقود الجيش الأردني خلال الفترة من عام 1939م وحتى عام 1959م ، وقد قام بفرضه كلباس إجباري على رجال الجيش الأردني؛ وذلك لأن المصانع في بريطانيا لم تكن تطلبه بكثرة خلال فترة الحرب العالمية الثانية .

قام الجنرال جلوب باشا بتعميم لباس الشماغ على الجيش الأردني بالإضافة إلى قوات البادية ، كما قام الجنرال بنفسه بارتداء هذا الشماغ مع العقال ، ثم انتشر بكثرة بين رجال العرب داخل الجزيرة العربية .

يهتم رجال العرب بمدى متانة الشماغ عن طريق الأقمشة الكثيفة التي تعمل على منع نفوذ الأتربة والغبار ، ولذلك فإن الشكل لا يأخذ حيزًا كبيرًا من الأهمية مثل الاهتمام بالمتانة التي تحميهم ، لم يكن للشماغ قيمة جمالية فقط بل إنه امتلك قيمة معنوية مهمة عند العرب فيما يخص أوضاعهم الاجتماعية .

وذلك حينما يشرعون في طلب الثأر ؛ فكانوا يقومون بقلب الشماغ ثم يضعونه أسفل الذقن ، أما في حالة اللجوء إلى طلب الأمان ؛ فكان الشماغ يُلف حول رقبة الشخص المستجار به ، وهكذا نال الشماغ مكانته الخاصة جدًا عند رجال العرب .

"
شارك المقالة:
57 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook