قصة الشهيد المجدع عبدالله بن جحش

الكاتب: رامي -
قصة الشهيد المجدع عبدالله بن جحش
"إن الحديث عن الصحابة رضي الله عنهم جميعًا في عهد رسول الله صلّ الله عليه وسلم يجعل الروح تشتاق لرؤياهم ؛ وذلك لما حملوه من صفات حميدة وأخلاق كريمة والتي تمتزج مع الشجاعة والمثابرة وقوة الإيمان بالله تعالى ، وهكذا تفوح رائحة عطرهم الذكية من خلال ذكراهم الموجودة في كتب السيرة النبوية الشريفة .

عبدالله بن جحش هو أحد الصحابة الذي نال شرف الشهادة حتى لُقب بالشهيد المجدع ، وهو ابن أميمة ابنة عبدالمطلب وهي عمة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، كما أنه شقيق زوجة النبي زينب بنت جحش رضي الله عنها ، وقد دخل عبدالله بن جحش في الإسلام قبل أن يقوم رسول الله بالدعوة في دار الأرقم .

عاني عبدالله بن جحش من أذى المشركين والكفار بعد دخوله الإسلام ، وقد هاجر إلى بلاد الحبشة ثم هاجر إلى المدينة المنورة ، وهو ثاني المهاجرين بعد الصحابي الجليل أبي سلمة رضي الله عنه ، وأصبح عبد الله بن جحش أول أمير في الإسلام ، كما أنه قد تم عقد أول لواء لأجله في بداية الإسلام .

لم يتأخر عبدالله بن جحش عن الدفاع عن الإسلام بكل ما يملك من جهد ومال ودم ، وقد وهب نفسه للدفاع عن الدعوة الإسلامية وعن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، شارك في غزوة بدر حيث أبلى بلاءًا حسنًا فيها مع المسلمين وكان نعم المجاهد الشجاع ، وكان يتمنى الشهادة في سبيل الله ؛ غير أنه في غزوة بدر قد حصل على نصر الله عز وجل دون الشهادة .

حينما حلّت غزوة أُحد ؛ كان عبدالله بن جحش دائم التفكير في أن يصير شهيدًا من شهداء الإسلام ؛ فدعا ربه متضرعًا وهو يقول : «اللَّهُمَّ أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ أَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا فَيَقْتُلُونِي ، ثُمَّ يَبْقُرُوا بَطْنِي ، وَيَجْدَعُوا أَنْفِي ، أَوْ أُذُنِي ، أَوْ جَمِيعَهَا ، ثُمَّ تَسْأَلُنِي: فِيمَ ذَلِكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ».

هكذا كان يتمنى عبدالله بن جحش الشهادة في سبيل الله بقلب سليم ونية صافية ؛ وذلك لأنه كان رجلًا قوي الإيمان والعزيمة ، وكان ينتظر لقاء ربه بصبر ومحبة صادقة بلا أي رياء قد يشوب قلبه ، وبالفعل دارت المعركة في غزوة أُحد بين جيش المسلمين وبين الكفار ، واشتدت المعركة بين الطرفين ، وكان عبد الله بن جحش يقاتل بضراوة وشجاعة .

التقى عبدالله بن جحش في قتاله مع أحد الكفار وكان يُدعى أبو الحكم بن الأخنس شريق ، واشتد بينهما العراك والقتال حتى قام أبو الحكم بتسديد ضربة قوية باتجاه عبدالله بن جحش حتى سقط في ميدان المعركة شهيدًا بعد أن تحققت دعواه إلى الله عزوجل .

لم يكتف أبو الحكم بقتل عبدالله بن جحش ؛ حيث قام بجدع أنفه وأذنه ثم ابتعد عنه ؛ وذلك كان بسبب ما لقيه منه أثناء قتالهما من أهوال ، ولأن الله يريد أن يستجيب إلى دعوة عبدالله بن جحش ؛ منحه شرف الشهادة في سبيله ؛ كما جعل أنفه وأذنه تُجدعان على يد ذلك الكافر حتى ينال الشهيد شرف الدفاع عن الدعوة الإيمانية المُنزلة من عند الله جل في علاه .

وبعد انتهاء المعركة كانت البداية للبحث عن الشهداء الذين سقطوا أثناء قتالهم ، وذهب سعد بن أبي وقاص ليبحث عن عبد الله بن جحش بين أولئك الذين اُستشهدوا في المعركة ، وكانت المفاجأة المؤلمة حينما وجده مقتولًا بين الشهداء .

بكى سعد لن ابي وقاص بشدة وعلا صوت تشنيجه حينما رأى الشهيد عبد الله بن جحش وقد استجاب الله إلى دعاءه ؛ فاشتد نحيبه وهو يقول إلى الشهيد عبدالله : كانت دعوتك خير من دعوتي ؛ لقد رأيتك آخر النهار وإن أنفك وأذنك معلقان في خيط ، وحينما وقف رسول الله صلّ الله عليه وسلم عند الشهيد عبدالله بن جحش الذي لُقب بالشهيد المجدع ؛ نظر إليه بعينيين باكيتين ، ثم أمر بأن يتم دفنه في قبر واحد مع عمه حمزة بن عبدالمطلب .

"
شارك المقالة:
63 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook