قصة الغُرم بدل الغُنم

الكاتب: رامي -
قصة الغُرم بدل الغُنم
الغُرم بدل الغُنم هي قصة في قناعة وزهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه ، كان سيدنا أبو بكر رضي الله عنه يأخذ من بيت المال ، فهو خليفة المسلمين ، وحاكم دولة ‏واسعة الأطراف تشمل الجزيرة العربية ، وتتوغل في بلاد الشام غزوًا وفتحًا ، كان يأخذ ‏ما يكفي لقوته وقوت أسرته الصغيرة .

وكان تاجرًا قبل أن يتولى الخلافة ، وشغلته الخلافة عن ‏التجارة ، فاضطر إلى أن يأخذ من بيت المال ما يعوله وأهله ، لأنه لا يجد وقتا للتكسب ‏والارتزاق ، وذلك في صالح المسلمين ، والانشغال بمهمات الخلافة وإدارة البلاد .‏

وكان الذي يأخذه من بيت المال يكفي لإقامة صلبه وصلب عياله من طعام ، من خبز وإدام ، ‏لا تجد أم عياله سبيلا إلى التفنن فيه ، والتوسع في المطاعم كما يفعله من بسط الله له في الرزق ‏من أغنياء الأسرة وأهل البلد .‏

وكانت الأسرة أحسن حالا وأنعم بالا حين كان سيد الأسرة ، الصديق ، يرتزق بالتجارة ، وكان لأبي بكر أولاد صغار يعتمدون على ما يقيم صلبهم ، ويسد رمقهم من طعام متشابه ، لا ‏يجدون ما يشبع رغبتهم من حلوى وفاكهة كمن كان في سنهم من أبناء أسر المدينة الذين أغناهم ‏الله ، ووسع لهم رزقهم وكانت لآبائهم حدائق ، وتجارات ، ومزارع .‏

شعرت بذلك الأم الحنون وأرادت أن تحلي يومًا أفواه الأبناء الصغار وتتسلى بالحلوى ، وهي ‏بشر من البشر ، فقالت لزوجها أن يسمح لها بذلك يومًا من الأيام ، ويزيد راتبها من بيت المال ‏‏ ، فقال : إن بيت مال المسلمين ، فيهم الفقراء وأهل خصاصة ، ولا يتسع لإشباع الرغبات ، ‏والتنوع في المطاعم والمشارب .‏

فقالت : لو استفضلت من نفقتنا عدة أيام وبقيت لنا بقية ، هل هنالك مانع من أن نشتري بها ‏حلوى ؟ ، قال : لا بأس بذلك ، وهذا يرجع إلى قدرتك وجهدك ، فاستفضلت زوج أبي بكر الصديق من ‏نفقتها من عدة أيام ما يصلح لأن يشتري به حلوى ، وقدمت الدريهمات إلى أبي بكر ، وقالت ‏هاكِ دريهمات ، تستطيع أن تشتري بها لنا حلوى .‏

ولم يكن من شأن الصديق إلا انه رد الدريهمات إلى بيت المال ، وقال : لمن يلي أمره ، قد ‏تحقق لدينا أن أسرتنا تستطيع أن تعيش وتقوت أعضاءها بأقل مما تتقاضى من بيت المال من ‏الدريهمات ، فأسقط من نفقتنا كل يوم بقدر هذه الدريهمات ، فإنها كانت زائدة عن حاجتنا ، ‏وليس بيت مال المسلمين لتترفه به أسرة الخليفة ، وتتوسع به في المطاعم .‏

وهكذا كان فنقص الراتب كل يوم بقدر هذه الدريهمات ، وكان من حظ الأسرة السعيدة الصالحة ‏، التي كان يحكم سيدها بلادًا واسعة ، وتأتيه الغنائم والثروات الغُرم بدلا عن الغُنم فلم تستطيع ‏الزوجة الكريمة أن تحقق رغبتها فيما اشتهته من حلوى ، بل اضطرت إلى أن تقنع براتب أقل ‏مما كانت تناله كل يوم من بيت المال ، ورضيت السيدة زوج الصديق بما فعله زوجها العظيم ‏ولم تعتبره غرما وخسارة ، وصدق الله العظيم ، الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات .

وضرب سيدنا أبو بكر مثلًا لمن يولى أمر المسلمين ، ويفضل الزهد والقناعة على التوسع في ‏المطاعم والمشارب ، وقضاء حاجات النفس ، ويرجح الآخرة على الدنيا وما عند الله خير ‏وأبقى . ‏

شارك المقالة:
77 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook