"كانت المملكة ومازالت منبعًا لعلوم الدين منذ أن بعث فيها الرسول صلّ الله عليه وسلم ، فقد فطر أبناء المسلمين من بعده على فطرة الإسلام ، وأخذوا من القرآن الكريم وسنة النبي صلّ الله عليه منهجًا قويمًا لا يحيد ، ولعل المشتغلين بالقضاء هم أكثر الناس تطبيقًا لعلوم الشريعة والدين ؛ حتى يستطيعوا إصدار الأحكام فيمن عصى الله أو ظلما أخاه.
وقد وضع الله حدود لكل فعل يساويه في الشدة والمقدار ، والشيخ عبد الرحمن بن سحمان هو أحد شيوخ القضاء الذين عرف عنهم التقوى والصلاح في إصدار الأحكام على الخارجين عن حدود الشرع والدين ، فإن كان قد قصر في حق نفسه ، فهو لم يقصر في حق الدين .
ميلاده ونشأته : ولد الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن محمد بن سحمان في الأفلاج وبالتحديد في بلدة العمار وذلك عام 1431هـ ، تعلم عن والده القراءة والكتابة ، وحفظ القرآن الكريم وهو طفل صغير ، ولمااشتد عوده تعلم مبادئ العلوم على يده والده أيضًا ، فقد كان من أسرة عالمة تتبع العلم أينما ذهب ، فقد كان جده قاضيًا بهيئة التمييز بالرياض (محكمة الاستئناف حاليًا)
حرصه على تلقي العلم : سافر الشيخ عبدالرحمن بن سحمان لتلقي العلم من مدينة الأفلاج إلى الرياض سنة 1355هـ ،واتخذ من الشيخ محمد إبراهيم آل شيخ معلمًا له ، ودرس على يديه جميع المتون ، وحفظها كلها من توحيد ونحو وأصول فقه وحديث ، كما درس مسند الإمام أحمد والموطأ وسنن أبي داود .
بالإضافة إلى كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه بن قيم الجوزية ، كما تتلمذ على يد آخرون أمثال الشيخ محمد عبد اللطيف آل شيخ ، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله باز ، وغيرهم آخرون من أئمة العلم.
عام 1371هـ تم افتتاح المعهد العلمي بالرياض ، وكان الشيخ عبدالرحمن بن سحمان أحد الطلبةالمختارين للدراسة فيه ، وحصل منه على شهادة الثانوية العامة ، ثم حصل على شهادة كلية الشريعة عام 1376هـ .
العمل في السلك القضائي : عام 1376 بدأ الشيخ بن سحمان عمله كملازمًا قضائيًا بالمحكمة الكبرى بالرياض ، ثم عُين قاضيًابها بعد عام واحد ، ومكث في تلك المحكمة لمدة ثلاث سنوات ، ثم تم نقله لمحكمة الأفلاج في عام 1379هـ ، وقضى بها ثلاثة عشر عامًا ، وبعدها ترأس محكمة الدلم ، وقضى بها سبع سنوات ، ثم عين للعمل قاضيًا بهيئة التمييز بالرياض عام 1399هـ ، وظل بها حتى أحيل للتقاعد سنة 1411هـ.
إصداراته وأشعاره : قدم الشيخ عبد الرحمن بن سحمان لأبناء المملكة العديد من التراجم والمؤلفات التي طبعت بمطابع الرياض ، مثل مؤلفات الشيخ حمد بن علي بن عتيق ، وهو جده لأمه ، وابنه الشيخ سعد.
بالإضافة إلى إكماله بعض النظم ومنها تذكرة النفس والإخوان ، بما ينبغي التنبه به في كل زمان ، والمعارف السنية من كتاب شمس الدين بن قيم الجوزية ، وسبيل النجاة في باب الأسماء والصفات ، أما في الشعر ، فقد قاله في العديد ومن المناسبات ، وأول قصيدة له هي التي قيلت في رثاء مفتي المملكة ورئيس القضاة محمد بن إبراهيم آل شيخ ، وقال فيها :
غياب سيرته ، ووفاته : على الرغم من كل هذا الإنتاج الذي تركه الشيخ بن سحمان ، إلا أن سيرته غائبة نسبيًا عن بعض طلابه ومحبيه ، فالعديد من الكتب تناست أشعار وقصائد الشيخ ؛ لذا اجتهدت بعض المواقع في منح القارئ بعض المعلومات عن حياة الشيخ .
وفي عام 1431هـ انتقل الشيخ عبدالرحمن بن سحمان شيخ القضاء إلى رحمة الله ، وتم دفنهبالرياض في مقبرة المنصورة ، مات وترك من الذكور والإناث عشرين فردًا ، ظلوا يحملون اسمه عاليًا كمان كان ، رحم الله شيخنا الجليل.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.