قصة الكابوس

الكاتب: رامي -
قصة الكابوس
"كثيرون تراودهم الكوابيس ليس أنا فقط ، هكذا أخبر مصطفى نفسه عندما نهض فزعًا ، من نومه عقب أن راوده نفس الكابوس لليلة .. لا يدري حقًا ، رقمها ولكنه منذ فترة طويلة وهو يرى ، نفس الكابوس كل ليلة لا تتغير تفاصيله .

نهض مصطفى مسرعًا ليذهب إلى العمل ، فهو موظفًا بأحد البنوك ، فألقى نظرة على زوجته أسيل ، كم يحبها لولا ذلك الكابوس البشع ، الذي أحال حياته إلى فترة طويلة ، من انعدام الاستقرار أو التركيز بحياته الخاصة وزوجته الجميلة ، التي طالما طمأنته أنه بخير وأن هذا الكابوس إلى زوال .

أسرع مصطفى إلى العمل ، فلمح صديقه عادل يقف بمدخل البنك ، فألقى عليه التحية وطفق يتحدث إليه بشأن الكابوس الذي يراوده ، وأطالا الحديث فعلى الرغم من أنهما يعملان ، معًا بنفس البنك إلا أنهما تجمعهما طفولة واحدة ومقعد دراسة واحد أيضًا ، فهو صديق العمر وبحق ولا يكاد مصطفى يفارقه .

بعد انتهاء العمل عاد مصطفى إلى بيته ، وهو يسير مشوشًا بعض الشيء ، ويفكر في هذا الكابوس الذي يأتيه ، دائمًا ما يرى نفسه يسير في الظلام وفجأة ، يظهر له ضوء شديد يكاد يعمي عينيه ، وشخص يقف لا تظهر ملامحه ويقول له ؛ هل تريد أن تعلم الحقيقة ؟ هل أنت مستعد حقًا ؟ لينهض بعدها مصطفى فزعًا لاهثًا وكأنه كان يركض ، من بلد لآخر!

ما أن دخل مصطفى منزله حتى استقبلته أسيل ، كم هي حنون وجميلة ، قال لنفسه ليتنى انتهى من هذا الكابوس حتى أستطيع إسعادها ، لاحظن أسيل شروده فسألته عن الكابوس  ، أجابها بأنه لم يختف بعد ، ويظل يراوده ويطارده حتى وهو متيقظ ، فنصحته بزيارة الطبيب ليرى ما عليه فعله ، قال لها مصطفى كل الناس تراودهم الكوابيس فلا بأس  ، ولكنها أصرت وكانت إرادته أيضًا أن ينتهي من هذا الكابوس الذي يعبث بحياته حقًا .

عقب أن انتهى مصطفى من عمله توجه تلقاء عيادة الطبيب ، الذي فحصه جيدًا ثم نظر إليه نظرة غريبة ، وقال له لا يوجد بك شيء فأنت مرهق فقط ، قال مصطفى بدهشة شديدة كيف هذا ، لقد كنت في أجازة منذ فترة ولم يتركني هذا الكابوس اللعين ، فأجابه الطبيب بأن عليه أن يسترخ قليلاً ويهدأ بالاً حتى لا يأتيه الكابوس مرة أخرى ، ووصف له بعض المهدئات ، وخرج مصطفى من عيادة الطبيب وهو غير مقتنع بما قاله له .

مر مصطفى على بائع الزهور وابتاع باقة جميلة ، لطالما حاولت أسيل إسعاده ولكنه انشغل عنها بكابوسه اللعين هذا ، بالطبع فرحت الزوجة بتلك الهدية المفاجئة واطمأنت على ما أخبره الطبيب به ، وقالت له أن الجميع تراودهم الكوابيس عند الضغوط وأنه يجب عليه الحصول على إجازة كيفما طلب منه الطبيب ، هز رأسه أن سأفعل وذهب يرتاح قليلاً .

نهض مصطفى في اليوم التالي ، بلا كابوسه فكانت سعادته بالغة ، مما دفعه لدعوة صديقه عادل لتناول الغداء معهما ، ووافقته الزوجة على هذا الرأي  ، فهاتف صديقه الذي قبل لدعوة ، بعد اعتذار خفيف وسريع .

في الموعد المحدد جاء عادل ، كان يرتدي ثيابًا مختلفة عما يرتديه بالبنك ، فبدا أميرًا وسيمًا وكأنه عريسًا ليلة عرسه ، تبادلا النكات والضحكات وجلسوا جميعًا يتناولون الغداء ، وطلب عادل من صديقه أن يهتم ببيته وألا يهمل زوجه مثل أسيل ، فهي من وقفت بجانبه طوال تلك لفترة التي بدأت فيها كوابيسه ، فوافقه مصطفى الرأي واتفقا على اللقاء بالعمل عقب انتهاء الإجازة .

نهض مصطفى كالمعتاد دون أن توقظه زوجته ، ولم يرغب هو في إزعاجها وكان يشعر بفزع غريب بداخله ، نهض وارتدى ثيابه وانطلق نحو العمل ، ليكتشف أن اليوم هو الجمعة ! وأن البنك مغلق عاد مصطفى إلى المنزل ، وهو مندهشًا  كيف حدث هذا وبالأمس كنا يوم الأحد !

عندما عاد للمنزل واجهته زوجته بابتسامة ، يراها لأول مرة تحمل مغزى ساخرًا وغريبًا ، فقال لها كيف حدث أن اليوم الجمعة ، أجابته زوجته بصوت خرج منها بصوت عادل صديقه ، أنا لو أوقظك اليوم ليفزع مصطفى ، ويسقط مغشيًا عليه .

ويستفيق وأمامه الطبيب يقول له ، هل أنت مستعد لمعرفة الحقيقة ؟ بعد انفصالكما أن وزوجتك أسيل ، بفترة قليلة تزوجها عادل صديقك وسافرا معًا ، إلى الخارج ولن يعودا إلى الأبد ، وهنا صرخ مصطفى بكل قوته أن لا يمكن أن يحدث هذا .

"
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook