قصة المسجد المهجور

الكاتب: رامي -
قصة المسجد المهجور
قد تسمع من البعض عبارة ، أنني أحب والداي وأبرّهما ، ولكن هل كل البر بالصدقات مثلاً ، أو الدعاء فقط ، هل البر له شكل واحد ، لا نعرف غيره؟ بالطبع لا ، فكل منا يتعامل في هذا الأمر بطريقة مختلفة ، وتلك هي طريقة هذا الشاب في بر والديه.

خرج عُمر من مكة برفقة خاله ، وهو يقود سيارته عقب أدائهما لصلاة الجمعة ، وأثناء قيادة الشاب للسيارة ، إذا به يلمح على أحد جانبي الطريق ، سيارة زرقاء  فارهة ، وواضح من معالمها أنها غالية وباهظة الثمن للغاية ، فقاد الشاب سيارته ، ليجد أن السيارة الثمينة تقف إلى جوار مسجد قديم ، متهدم أكثر من نصفه ، وكلما اقترب عمر وخاله من المكان ، كلما سمعا صوتًا عذبًا يتلو آيات الله الكريم .

توقف عُمر بالسيارة ، وسأله خاله يا ترى صوت من هذا؟! فالمنطقة مهجورة والمسجد يبدو أنه لا أحد يأتيه ، ترجلا من السيارة ودخلا إلى المسجد ، ليجدا شابًا وسيمًا ، يجلس محتضنًا كتاب الله الكريم ، ويقرأ منه بصوته العذب .

ألقى عمر وخاله السلام على الشاب الجالس ، الذي فزع منهما في البداية ، ثم رد عليهما تحية الإسلام ، بابتسامة عذبة ونقية للغاية ، فسأله عمر عما أتى به إلى هذا المسجد ، وفي نفس اللحظة سمعا انطلاقة أذان العصر من مسجد قريب ، فدعاهما الشاب للصلاة جماعة ، فوافقا ولكن عمر لمح الشاب يستقبل القبلة ، ويبتسم قائلاً أبشر ها هي صلاة جماعة أيضًا ، فاندهش عمر وأخذ ينظر إلى من يتحدث هذا الشاب .

أدوا جميعًا فريضة العصر في جماعة ، واستدار الشاب صاحب الصوت العذب ، يسلم عليهما وجلسوا جميعًا ، يتحدثون ، فسأله عمر مع من كنت تتحدث ، قبيل إقامة الصلاة ، وتقول أنها صلاة جماعة أيضًا؟ لقد شغلتني طيلة أداء الفريضة ، في لتفكير بالأمر واستعذت الله من الشيطان الرجيم ، حتى أستكمل صلاتي بخشوع ، فابتسم الشاب خجلاً .

ثم قال له هذا المسجد متهدم ومهجور منذ وقت طويل ، وقد اعتدت أن أخرج وأبحث عن المساجد المهجورة ، لأقيم فيها فريضة الله ، وأقرأ فيها شيئًا من كتاب الله الكريم ، وقد اعتدت على الحديث مع المساجد المتهدمة والمهجورة منذ وقت ليس ببعيد .

فاندهش عمر وخاله مرة أخرى ، وسأله الخال هل تتحدث إلى المسجد يا بني؟ فأجابه الشاب نعم يا سيدي ، ولكن ليس بالشكل الذي فهمته ، فالحجارة بالطبع لا تتحدث ، ولكنني آتي إلى هنا وهناك أي إلى المساجد المهجورة ، أقيم فيها شعائر الله ، وقبل أن أنصرف أدع الله أن أكون قد وفقت ، في مآنسة وحشة هذا المسجد المهجور ، وأدع المولى عزوجل أن يؤنس وحشة ، أبي وأمي في قبرهما كما آنست وحشة مسجده ، فأنا أحب المساجد جدًا وأشعر أن المهجور منها ، يتمنى أن تتلى فيه آيات الله ، وأن يتمتع بسجود البشر بداخله ، فآتي وأنا أعلم مدى فرحة المسجد بما أفعل .

بكى عمر وخاله بكاء شديدًا ، ودعا للشاب بالرحمة والعفو والمغفرة ، ودعا لوالديه اللذان أحسنا تعليمه وتأديبه ، وقد اقشعر بدنيهما من شدة ما رأوه ، من إيمان هذا الشاب ، ثم انطلقا عائدين إلى منزلهما وهما يفكران ، في تلك الكيفية المتفردة ، في بر الوالدين .

شارك المقالة:
47 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook