قصة الملك عبدالعزيز مع ابن عجلان

الكاتب: رامي -
قصة الملك عبدالعزيز مع ابن عجلان
الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه صاحب أكبر إنجاز في تاريخ المملكة ، اثنان وثلاثون عامًا من المنازلات العسكرية ، خاضها الملك من أجل هدف واحد وهو توحيد البلاد تحت راية واحدة ، ، مسيرة طويلة مليئة بالمصاعب والشدائد الكثيرة ، ولكنها تكللت في النهاية بالنجاح المبهر .

فقد حقق الملك عبدالعزيز هدفه ونجح في فتح المدينة تلو الأخرى ، وجمع أهل المملكة جميعهم تحت راية واحدة ، وجعلهم على قلب رجل واحد ، مسيرة طويلة ملئيه بالشجاعة والبطولات سوف نتعرف عليها :

قصة الملك مع ابن عجلان :
في الخامس من شوال 1319هـ قرر الملك عبدالعزيز أن يحول هذه الليلة العادية ، إلى ليلة استثنائية، ليلة بمثابة مفترق الطرق أمام المملكة ، كانت حينها أسرة الملك تقيم في الكويت ، وكان الملك عبدالعزيز يشعر بألم شديد لما أصاب وطنه ، فكان ذلك رغبة ملحة تدفعه نحو التحرك .

فكان يشعر أن موته أسهل عليه من قبول الوضع في هذا الوقت ، قرر ألا ينتظر أكثر فجمع ستة من الرجال الذين يؤمنون برؤيته ويمتلكون نفس هدفه ، طلب من أخيه والرجال المرافقين له أن ينتظروا إلى اليوم التالي ، وإن لم يصل منهم أي رسالة فلابد وأن يكونوا استشهدوا في سبيل الله تعالى .

تقدم الرجال السبعة وكان القائد بينهم الملك عبد العزيز رحمه الله ، ثم توجهوا مباشرة إلى قصر المصمك حيث كان ابن عجلان يقيم هناك ، تمكن الملك عبدالعزيز والفرسان معه من اقتحام سور القصر ، حيث دخلوا إلى بيت جويسر ، ومن ثم بيت لولوة زوجة ابن عجلان ، أكملت السرية طريقها ولم يتبقى إلا بيت واحد يتوقع أن يكون فيه ابن عجلان .

فأرسل الملك عبدالعزيز لأخيه محمد أن يأتي ومعه رجاله وكانوا ثلاثة وثلاثون رجلًا ، فأتوا مسرعين وبدؤوا بالفعل في التسلل إلى داخل منزل لولوة ، ومن هنا حصلوا على كافة المعلومات التي يحتاجوا من أجل سرعة الإطاحة بابن عجلان .

بالفعل بعد صلاة الفجر مباشرة بدأ الملك عبدالعزيز ومعه بعض الرجال في مراقبة القصر ، وكانت المجموعة تختبئ في أحد غرف الطابق الأول في القصر ، وتنتظر أن يخرج ابن عجلان ، وحين حانت لحظة الحقيقة انطلق الملك عبدالعزيز معه خمسة عشر رجل ، وتوجهوا إلى بوابة القصر أثناء خروج ابن عجلان منها .

وحين رأى ابن عجلان الملك عبدالعزيز بقامته الطويلة وبطلته المميزة أشهر سيفه في وجه الملك ، لكن الملك كان جاهزًا ببندقية برصاصة واحدة ، لم تقتل ابن عجلان لكنها أسقطت سيفه ، وجعلته يتراجع فاقدًا توازنه ، ولكن الملك عبد العزيز لم يمهله أي فرصة .

فأمسك بقدميه وقام بجره ورأه وبدأت نزاعات بين مرافقي الملك وخدم ابن عجلان ، وقتل اثنان من رجال الملك ، وجرح أربعة أخرون ، حين هرب ابن عجلان حاول الملك أن يلحق به ، ولكن رجال الملك اعترضوا عطفًا عليه .

وقتل ابن عجلان برصاصة عبد الله بن جلوي ، ومن ثم اقتحم الملك القصر برفقة رجاله ،  تمكنوا من إسقاط حوالي ثلاثين قتيلًا وجريحًا ، واستسلم من رجال ابن عجلان وكانوا حوالي عشرون رجل ، وكانوا يرددون الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن .

فكان نصرًا مذهلًا ثم أصبح الملك عبدالعزيز أميرًا على الرياض ، ولكن طموح الملك عبدالعزيز كان أكبر من هذا فقد أراد أن يتوسع لإعلاء راية التوحيد ، وكان الملك ذكيًا وحكيمًا كفاية لأن يلاحظ كافة التغيرات في المنطقة ، حينها لاحظ انشغال ابن رشيد في محاولات لضم الكويت لحكمه ، وبالتالي قرر أن يتحرك .

قصة الملك مع ابن رشيد :
أحد أصعب الفتوحات في مسيرة الملك ، وكاد رجال الملك يلقون موتًا حتميًا ، ولكن كان لابد من هذا الفتح حتى يتمكن الملك من إثبات قوته ومكانته السياسية أمام الإنجليز والأتراك ، وكانت صعوبة هذه المعركة بسبب اتحاد ابن رشيد مع الأتراك .

ولكن بالطبع كان ذكاء الملك عبدالعزيز بمثابة البطاقة الذهبية ، التي جعلت الملك يتصدى وبقوة لهذا الاتحاد ، اتجهت سرية الفرسان بقيادة الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى منطقة السر حيث كانت هناك سرية ابن رشيد والتي كانت يقودها ابن جراد .

وتمكنت سرية الملك من قتل ابن جراد ، وانتقلت سرية الملك فيما بعد للسرية المتواجدة في قصر الحميدية في منطقة عنيزة ، واستقرت السرية هناك لمدة 60 يوم ومن ثم توجهت السرية إلى بريدةمن أجل مواجهة عامل ابن رشيد .

لم تكن المعركة سهلة حيث أن قصر بريدة كان حصينًا ، وبالتالي قرر الملك عبدالعزيز أن يفرض حصارًا اقتصاديًا لمدة ثلاثة شهور ، في نفس الوقت انهار أحد جوانب القصر وبالتالي كانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير ، فاستسلم عامل ابن رشيد ابن ضبعان ومعه جنوده .

وصل خبر الاستسلام وفتح بريدة إلى ابن الرشيد ، وكان حينها في حفر الباطن ، حينها تأكد أن الملك عبدالعزيز رحمه الله بالفعل أصبح قوة لا يستهان بها ، وبالتالي طلب ابن رشيد مساعدة الأتراك ، وطلب منهم مداد عسكري ، بالفعل قاموا بإرسال 11 طابور عسكري من جنسياتمختلفة .

معركة مصيرية كان شعارها الثبات أو الممات وهي معركة موقعة البكيرية ، والتي حدثت عام 1322هـ، واستمرت المعركة من الصياح حتى المساء ، وكانت نتيجتها الهزيمة ، وقتل عدد من جنوده ، ولكن حينها اسرع ابتاع ابن الرشيد في جمع الغنائم ، من هنا استغل أعوان الملك الأمر وقتلوا أعداد كبيرة من جيش ابن الرشيد ، حينها لم يكن الأعوان يعلمون بما حدث من هزيمة ، وبالتالي ما حدث جعل هناك توازنًا بين جيش الملك وجيش ابن الرشيد الذي خسر خسائر كبيرة أيضًا .

وجمع الملك شتات أمره في أسبوع واحد انضم إلى جيشه عشرة الآلاف جندي ، حين وصل جيش  الملك إلى البكيرية ولكنه لم يجد أي جيش ، فقط وجد المؤن والذخائر ، لكن المعركة استمرت أمام سلطان بن حمود الرشيد ، والذي أوصاه ابن الرشيد ألا يترك الملك عبد العزيز رحمه الله يصل إلى المؤن والذخيرة .

ولكن الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه تمكن من الفوز عليه والقضاء عليه ، توجه الملك بعد هذا إلى الرس ، أما ابن الرشيد فتوجه إلى الشنانة وبعد ثلاثة أشهر بدأت المعركة من جديد في الدوران ، وكان جيش ابن رشيد حينها مكون من خمسة عشر ألف جندي ، وكان جيش الملك أقل كثيرًا .

ولكن اعتمد ابن الرشيد على عنصر المفاجأة ، فاقتحم عدد من رجال الملك معسكر ابن الرشيد ، وقطعوا حبال الخيام وفرقوا الجنود ، وقد تبعهم بعض جنود ابن الرشيد ، وقامت المعركة بين جيش الملك عبدالعزيز المنظم وبين جيش ابن الرشيد المضطرب والمرتبك وبالتالي نجح جيش الملك عبدالعزيز ، وهرب الجنود المتبقين من جيش ابن الرشيد .

هرب جنود ابن الرشيد وحصد جيش الملك الغنائم الكثيرة التي تركها جيش ابن الرشيد ، حينها شعر ابن الرشيد بضرورة الرد من أجل حفظ ماء وجهه والانتقام من الملك ، في نفس الوقت كان هناك خلاف في قطر سافر الملك إلى حله .

فاستغل ابن الرشيد الفرصة وجمع المتبقي من جيشه إلى روضة ، وحين علم الملك بما حدث من تحركات في غيابه عاد على الفور واقتحم مخيم ابن الرشيد وقتل رجاله ، وقتل ابن الرشيد نفسه .

الأحساء :
بدأت نفوذ الملك تتسع وبسط سطوته من القصيم وحتى وادي الدواسر ، كان الملك يرغب في التوسع ناحية الشرق من أجل الوصول إلى الأحساء ، وكان هناك عقبة كبيرة أمامه وهي الدولة العثمانية ، ولكن الملك عبدالعزيز كان لديه رؤية عسكرية مبدعة وحس عسكري مرهف .

مما جعله يقود جيش مكون من 600 جندي ، وبدأت المعركة بتسلق الجنود لقلعة الكوت في الليل ،مع بداية الفجر بدأ الجنود الأتراك في إطلاق النيران ، حينها توجه إليهم الملك مخاطبًا أن يستسلموا ويرحلوا إلى أهاليهم معززين مكرمين ، ولن تؤخذ منهم الأسلحة .

اقتنع الجنود ووافقوا على المبادرة السلمية التي قدمها الملك وبالفعل غادروا من ميناء العقير ، تمكن الملك حينها من إحكام السيطرة على القطيف ، واتجه إلى هدفه التالي حائل.

قصة فتح حائل :
مناوشات متعددة خاضها الملكة عبدالعزيز ، شعر بعدها أن زعماء شمر لا يرفضونه قائدًا لهم ، ولكن الأمير عبدالله بن متعب الرشيد ومعه بعض الزعماء من العشائر الأخرى رفضوا الأمر ، مما أضطر الملك أن يرسل جيشًا من عشرة آلاف مقاتل .

نصفهم يقوده محمد شقيق الملك عبدالعزيز والهدف منهم الحصار الاقتصادي ، أما النصف الأخر فيقوده سعود ابن الملك عبدالعزيز وكان مهمته القتال ، واستسلم أهل حائل فور رؤيتهم لجيوش الملك ، بشرط أن يدير الشؤون الخارجية فقط .

ولكن الملك لم يعجبه الأمر وفرض الحصار الاقتصادي لمدة واحد وخمسون يومًا ، حدثت مشادات داخلية وبعدها مشادات حربية مع جيش الملك ، وبالتالي آلف الملك جيش مكون من  10 آلافجندي وتوجه إلى هناك ، من هنا حسم الأمر بعد أن تفرق أنصار ابن رشيد ، عاد الملك مرة أخرى وخاطب أهل حائل مطالبًا بالتسليم ، وبعد صبر طويل واقتراب فصل الشتاء أبرمت اتفاقية .

أبرمت اتفاقية بين محمد بن طلال الرشيد وجيش الملك وفتحت البوابات أمام جيوش الملك ، صدق الملك وأعطاه الأمان هو وأسرته ، واستمرت الحرب في حائل لمدة تصل إلى عام كامل ، وكانت صعبة على أهل حائل الذين عانوا الفقر والحاجة بسبب الحصار الاقتصادي ، لكن الملك عبدالعزيز بعد الفتح جاء معه المؤن واللباس والعديد من النعم التي أهداها لأهل حائل لكي يعوضهم .

قصة فتح عسير :
كان من المفترض أن يكون دخولًا سهلًا ، وطلب الملك من أمير العشيرة حسن بن عايض أن يستسلم وأن يعامل الناس بالإحسان ويحتكم إلى الشريعة ، واعتبر حسن هذا تدخلًا من الملك في شئون القبائل ، وقام بتهدد الملك أن يستولي على بيشة النخل ، فأرسل له الملك سرية مكونة من  2000جندي .

وكانت السرية بقيادة عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي ، وتمكنت السرية من دخول أبها ، فاستسلم الأمير حسن وتعاهد مع الملك على أن يبقى في صفه ، ولكنه خان العهد واعتقل عامل ابن سعود فهد العقيلي ، فكان رد الملك حاسمًا بأن أرسل 10000 مقاتل بقيادة ابنه الملك فيصل ، وكانت المعركةشرسة وصعبه ولكن فاز بها جيش الملك في النهاية .

قصة فتح الحجاز :
كان هناك خلافات حول الحدود وتحديدًا منطقة تربة والخرمة ، حيث أن الشريف الحسين كان يرى أنهم مواقع تابعة للحجاز ، على الرغم من أن هذه المواقع تقع في الجنوب الشرقي من جبال الحضن وهي الفاصلة بين نجد والحجاز ، واهتم الملك سعود بهذه المناطق بسبب الخلاف بين خالد بن لؤي أمير الخرمة مع حكومة الحسين .

وقرر الأمير خالد أن ينضم ويتحالف مع الملك عبدالعزيز ، مما أثار غضب حسين وقرر أن يؤدب الأمير ، ولكن تمكن الأمير بالتعاون مع جيش الملك أن يقضي على الجيش الذي أرسله الشريف الحسين  .

فقرر الشريف أن يرسل جيشًا مكون من 7000 جندي يقوده ابنه الشريف عبد الله ، دخل الجيشإلى تربة ، وبالتالي تحرك الجيش الخاص بالملك ، ثلاثة فرق هم فرقة الخيالة ، وفرقة خالد بن لؤي وفرقة سلطان بن بجاد ، كان الأمر مفاجأة حيث هجمت الفرق في الظلام ودون إنذار.

مما ترتب عليه خسائر كبيرة في جانب جيش الحسين ، وكان الأمر جلل على نفس الشريف الحسين فقرر أن يمنع أهل نجد من أداء فريضة الحج ، في هذا العام ولمدة خمسة أعوام أخرى ، وبالتالي قرر الملك عبد العزيز أن يواجهه في عقر داره .

على الفور أمر بتحرك 3000 من الجنود إلى الطائف ، وكان في مركز القيادة كلًا من خالد بن لؤيوسلطان بن بجاد ، ودارت حرب ضروس بكل ما في الكلمة من معنى ، معاركها كانت تحدث على فترات متفاوتة ، ولكن الجيش السعودي كان قويًا وتمكن من دخول الطائف ، وقام بالاستيلاء على ثكنات جيش حسين العسكرية وفي جبال الهداء والتي تطل مباشرة على تلال وسهول مكة .

حينها تمكن جيش الملك من السيطرة على الطائف بالكامل ، وبالتالي لم يكن أمام المجلس الوطني لحكومة الأشراف إلا عزل الشريف الحسين ، وتوليه ابنه الشريف علي بن الحسين ، والذي قرر أن يترك مكة وينتقل إلى جدة .

كان خالد بن لؤي متابع جيد لما يحدث ، وحين علم أن مكة خالية من الدفاعات العسكرية التابعة لحكومة الأشراف ، دخل بدون تردد بالجيش ، وكانوا جميعًا محرمين ملبين ، حينها قرر الملك أن يقيم معسكرًا بالقرب من جدة .

شهد هذا المعسكر الكثير من المناوشات العسكرية ، ولكنها لم تكن حاسمة ، حتى أطلقت النيران من المدافع التابعة للحاميات في جيش الشريف علي بن الحسين ، وأطلقت المدافع على التجمعات والمعسكرات المقامة في الرويس ، وبالتالي التحم الفريقان ، في معركة حامية وشرسة وخسائر باهظة لكلا الطرفين ، ولكن الملك عبدالعزيز كان له رأيًا أخر ، فقد كان موسم الحج في بدايته وبالتالي كان يفضل أن يهتم بضيوف الرحمن على القتال في هذا الوقت .

لكنه في ذات الوقت كان حريصًا على استكمال فتوحاته ، فكان يفتح منافذ في خريطة الخصم ، وبالفعل تمكن من الدخول إلى المدينة وإلى الليث والقنفذة ورابغ ، من هنا أحكم الحصار على جدة حتى حدثت المجاعة ، وبالتالي تيقن على بن الحسين أنه لن يربح هذه المعركة وقرر أن يستسلم نهائيًا للملك عبدالعزيز عام 1344هـ .

كان الملك يدرك أن إدارة شئون الدولة ليست عسكرية فحسب ، وكان على الرغم من انشغاله وحروبه الكثيرة يهتم بالأمور الأخرى في الدولة ، وتمكن من كسب احترام العالم كله ، ومن توحيد بلاده تحت راية واحدة .

تعد قصة الملك عبدالعزيز من القصص الملهمة التي يجب أن نتعلمها جميعًا ، حتى نعرف معنى الصبر والمثابرة ، وأهمية الطموح الكبير والحلم ، وندرك أنه لا يوجد مستحيل طالما نحاول فعل الصواب وطالما كان أمامنا هدف سامي نسعى للوصول إليه ، رحم الله الملك ، ودامت لنا المملكة قوية شامخة بتاريخها ورجالها الأشداء ، وبشبابها ومستقبلها الذي نتمنى أن يكون دائمًا مشرقًا لنا .

شارك المقالة:
67 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook