قصة النهر الصغير

الكاتب: رامي -
قصة النهر الصغير
كان النهر الصغير يجري ضاحكًا مسرورًا يزرع في خطواته الخصب ويحمل في راحتيه العطاء ، يركض بين الأعشاب ويشدو بأغانيه فتتناثر حلوه فرحًا أخضر يسقي الأزهار الذابلة فتضوي ثغورها باسمة ، ويروي الأشجار الظامئة فترقص أغصانها ، ويعانق الأرض الميتة فتعود إليها الحياة ، ويواصل النهر الكريم رحلة الفرح والعطاء لا يمن على أحد ولا ينتظر جزاء ، وكان على جانبه صخرة صغيرة قاسية القلب فاغتاظت من كثرة شغله وخاطبته لماذا تهدر مياهك عبثًا .

فقال النهر أنا لا أهدر مياهي عبثًا بل أبعث الحياة والفرح في الأرض والشجر ، فقالت وماذا تجني من ذلك فقال النهر أجني السعادة الكبيرة عندما أنفع الآخرين ، فقالت الصخرة لا أرى في ذلك أي سعادة ، فقال النهر لو أعطيت مرة لعرفت لذة العطاء ، فقالت الصخرة احتفظ بمياهك فهي قليلة وتنقص باستمرار فقال النهر وما نفع مياهي إذا حبستها على نفسي وحرمت غيري الحياة ، فقالت الصخرة حياتك في مياهك وإذا نفذت تموت .

فرد النهر قائلًا موتي حياة لغيري ، فقالت الصخرة لا أعلم أحدُ يموت ليحى غيره فقال النهر الإنسان يموت شهيدًا ليحى أبناء موطنه ، فردت الصخرة ساخرة سأسميك بعد موتك النهر الشهيد فقال النهر هذا الاسم شرف عظيم ، فلم تجد الصخرة فائدة من الحوار فأمسكت عن الكلام .

اشتدت حرارة الصيف واشتد ظمأ الأرض والشجر وازداد النهر عطاء فأخذت مياه تنقص وتغيض يومًا بعد يوم حتى لم يبقى في قعره سوى قدر يسير لا يقوى على المسير ، صار النهر عاجزًا عن العطاء فأنتابه حزن شديد ويبس على شفتيه الغناء ، وبعد بضعه أيام جف النهر الصغير فنظرت إليه الصخرة وقالت لقد مت أيها النهر ولم تسمع لي نصيحة ، فقال النهر ، النهر لم يمت وقالت الاشجار النهر لم يمت مياهه تجري في عروقي وقالت الورود النهر لم يمت مياهه ممزوجة بعطري ، قالت الصخرة لقد ظل النهر الشهيد حيًا في قلوب اللذين منحهم الحياة وأقبل الشتاء غزير الأمطار فامتلأ النهر الصغير بالمياه وعادت إليه الحياة وعادت رحلة الفرح والعطاء من جديد ..

شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook