قصة بلاعنق وسيء كالجحيم

الكاتب: رامي -
قصة بلاعنق وسيء كالجحيم
كانت لدي معدة متقلبة ، وقد التقطت لي صورًا وأنا أتعرق في منطقة الانتظار حيث كنت أراقب فتاة ممتلئة الجسم تلبي فستانًا قرمزيًا قصيرًا ، وحذاء ذا كعب عالٍ ، وتصوب بندقية نحو صف من البط البلاستيكي ، قلت لفيكي إني سأعود وطلبت من المحاسبة كأسًا مع قليل من الماء ، تناولت حبوب الألكاسيلترز ، عدت لأجلس وأتعرق .

نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع الأدب الألماني ، للمؤلف هنري تشارلز بوكوفيسكي ، ولد تشارلز في 12 أغسطس عام1920م بألمانيا ، كانت أوائل كتاباته وهو في الرابعة والعشرين من عمره قصة قصيرة بعنوان 20 دبابة من كاسيل داون ، عمل تشالرز ككاتب وكاتب صحفي وروائي وممثل ، وتوالت كتاباته ومؤلفاته ، ومن أشهر مؤلفاته الاحتراق في الماء ، الليلة الأخيرة للأرض ، موسيقى الماء الحارة ، حكايات للجنون العادي ، وغيرها ، توفي تشالرز ، عن عمر يناهز 73عام ، بسرطان الدم ، في 9مارس عام 1993م .

السفر :
كانت فيكي سعيدة ، كنا سنخرج إلى البلدة ، أحببت فيكي لكونها سعيدة ، وهي تستحق سعادتها ، ذهبت إلى الحمام وعندما خرجت كانوا ينادون على المسافرين ، كانت طائرة مائية صغيرة بمروحتين ، تحمل تسع أو سبع أشخاص فقط ، كنا آخر الصاعدين .

جلست فيكي في مقعد مساعد الطيار وأجلسوني على حافة ذلك الشيء المطوي على الباب ، انطلقنا ! حرية ! .. وحزام مقعدي لا يعمل ، قلت لشخص ياباني ينظر إليّ : حزام مقعدي لا يعمل ، كشر لي سعيدًا ، قلت له اخرس يا حبيبي ، التفتت فيكي إلى الخلف ، كانت سعيدة جدًا كسعادة الأطفال بقطعة الحلوى ، إمرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها في طائرة مائية .

معلومات فيكي :
بعد 12 دقيقة ضربنا الماء ، لم أصخب ، خرجت ووضحت لي فيكي الأمر قائلة : صنعت الطائرة عام 1940م ، ثمة فجوات في أرضيتها ، يوجه السكان بواسطة مقبض على السطح ، قلت لها : أنا خائف ، قالت : أنا خائفة أيضا !

اعتمدت على فيكي فيما يخص المعلومات ، فأنا لم أكن أجيد التحدث إلى الناس ، بعد ذلك ركبنا الحافلة إلى الفندق حوالي كتلتي بناء ، أبقيتني فيكي على اطلاع : هناك مكان للأكل ، ومتجر للخمور من أجلك ، هناك حانة ومكان للأكل ، ومتجر آخر للخمور .

في الغرفة :
كانت الغرفة جيدة جدًا ، في المقدمة فوق الماء تمامًا ، اشتغل التلفاز بطريقة غامضة ومحيرة ، تقلبت على السرير وراقبت ، في حين كانت فيكي تخرج الحاجيات ، قالت : أوه ، أحب هذا المكان ، ألا تحبه ؟!.. نعم .

نهضت ونزلت إلى الشارع وجلبت البيرة والثلج ، وضعت الثلج في المغسلة ، وغطست في البيرة ، شربت اثنتي عشر زجاجة ، وتشاجرنا شجارًا صغيرًا ، بعد الزجاجة العاشرة ، شربت آخر اثنين وذهبت إلى النوم .

بلا رقبة وسيء كالجحيم :
عندما استيقظت وجدت فيكي ترسم على غطاء صندوق ثلج اشترته للتو ، كانت طفلة رومانسية ، لكني أحببتها لذلك ، نقشت على الصندوق ، تموز1972م – أفالون كاتالينا ، كانت تخطيء في التهجئة ، وأنا أيضًا كنت أخطيء ، ثم رسمتني وكتبت تحت الرسم : بلا رقبة وسيء كالجحيم .

كما رسمت أيضا تشكيلة من الطيور والخشب والأشجار والنخيل والمحيط ، سألتني : هل ترغب في تناول الفطور ؟ لم أحظ بالدلال من قبل نسائي السابقات ، أحببت أن أكون مدللًا ، شعرت أنني أستحق الدلال ، خرجنا واخترنا مكانًا يمكنك أن تأكل فيه على طاولة في الخارج ، سألتني ونحن نتناول الفطور ، هل فزت حقًا بجائزة البوليتزر ؟ .

أي جائزة بوليتزر ؟! ، قلت لي ليلة البارحة ، إنك فزت بجائزة البوليتزر ، وخمسمائة ألف دولار ، وأنك تلقيت برقية قرمزية بشأنها ، برقية قرمزية ؟! ، نعم قلت أنك تفوقت على نورمان ميلر ، وكينيث كوتش ، ديان واكوفسكي ، وروبرت كيريلي .

الكرنفال الأميركي :
تمشينا بعد الفطور ، كان المكان برمته لايزيد عن خمس أو ست كتل بنائية ، وأغلب لموجودين من عمر السابعة عشرة ، جلسوا ينتظرون بفتور ، كان بينهم سياح وكبار سن مصممون على الاستمتاع بوقتهم ، حدقوا بغضب في واجهات العرض ومشوا يخطون على الأرصفة ، مصدرين أشعتهم : لدي مال ، لدينا مال ، لدينا مال أكثر مما لديك ، نحن أفضل منك ، لا شيء يقلقنا .

بقمصانهم الزهرية والخضراء والزرقاء ، وأجسامهم البيضاء ، وسراويلهم القصيرة المخططة ، عيون بلا عيون ، وأفواه بلا أفواه ، بألوان كما لو أن اللون يوقظ الموت ويحوله إلى حياة ، كانوا استعراض لكرنفال العفن الأميركي ، ولم تكن لديهم فكرة عن البشاعة التي  ابتلوا بها أنفسهم .

الكتابة :
تركت فيكي وصعدت إلى الغرفة ، انحنيت على الآلة الكاتبه ، ونظرت من النافذة ، لقد كان مستحيلا ، أردت طوال حياتي أن أكون كاتبا والآن لدي فرصه لكنها لم تأتي ، لقد حصروني في الزاوية ، وما كان عليّ فعله قد مات .

لكن لطالما تخيلتها بشكل مختلف ، الكتابة ، باستطاعتك أن تبدأ الكتابة بشكل مختلف ربما كانت فيلما لليزلي هيوارد ، وغيرها ، لقد كتبت لفترة ، ثم توقفت عن الكتابه ، لقد كنت محطمًا ، باستطاعتك ايجاد كاتب كل خمسمائة سنة ، لقد كنا جميعًا محطمون ، شاهدت على التلفاز مجموعة من الأطباء والممرضات ، لم يكن كلامهم مؤثرًا ، ثم خلدت للنوم ، أيقظتني فيكي ، قالت : أووه لقد أمضيت وقتًا رائعًا ، قلت لها : حقًا ، فأردفت : التقيت رجلاً في المركب فقال لي أنه يأخذ الناس إلى مراكبهم ذهابًا وإيابًا ، كانت الأجرة خمسين سنتا فقط ، ركبت معه ساعات وهو يأخذ الناس ، لقد كان رائعًا .

رحلة فيكي :
ركبنا مدة ساعات ، أعطيته قبعتي ليرتديها ، وانتظرني ريثما أتيت بشطيرة ابالون ، أغلب الموجودين في المركب كانوا من السكيرين الكبار في السن ، بعضهم كان برفقته نساء شابات ممن يرتدين الجزمات ، وبعضهم كان معه شبان ، انهم سكريين فاسقين ، وبعد أن نزلت من المركب رأيت عصفورًا ، وتحدثت إليه ، هل لديك مانع من أن أشتري طائر ؟ أجبتها : لا ، ليس لدي مانع ، أين هو ، قالت : بعد مبنى واحد فقط ، هل يمكننا الذهاب لرؤيته ؟ ، أجبتها : لم لا !

طائر الحب المخملي :
ارتديت ثيابي ونزلنا ، هنا كان التموج من الأخضر مع قليل من الحبر الأحمر المسفوح عليه ، لم يكن بالأمر الكثير بالنسبة إلى الطائر ، قالت : ليس لديه رقبه مثلك تماما ، لذلك أريده ، إنه طائر حب وجهه مخملي ، عدنا بطائر الحب زي الوجه المخملى في قفص ، وضعناه على الطاولة ، أطلقت عليه اسم ، آفالون ، جلست فيكي وتحدثت إليه : آفالون ، آفالون ، أدرت جهاز التلفاز.

في الحانة :
جلست أنا وفيكي في الحانة ، اعتدت أن أحطم الحانات في سالف الأيام ، أما الآن فسأكتفي بالكلام عن تحطيمها فقط ، بدأت الفرقة العزف نهضت ورقصت ، رقصت وانشغلت عن الآلة الكاتبة ، طلبت المزيد من الشراب ، وأمسكت برأس فيكي وقلت لها : انظري كم هي جميلة ، انها جميلة ! .. كنت ألفت انتباهها للساقية ، وشربت وشربت ، وبعدها عدنا أنا وفيكي إلى الغرفة وإلى طائرنا !

في الغرفة مرة أخرى :
قلت : انها بلا قيمة ، معدتي قاسية تحتوى على تسعة أعشار روحي ، قالت فيكي : جرب هذا ، وناولتني ماء الكاسيلتزر ، ثم خرجت فيكي وعادت إليّ مرتين تطمئن عليّ ، كنت بخير ،فخرجت وعدت بسلتين ، تحتوي كل منهما على زجاجات من الشراب ، كما وجدت فيلما قديما لهنري فوندا ، وتيرون باور 1939م .

كانوا جميعًا شبانًا ، إنه أمر لا يصدق ، كان عمري حينئذ 17 عام ، لكن بالطبع تجاوزت الأمر بشكلأفضل منهم ، فأنا مازلت حيًا ، شاهدت فيلم جيسي جيمس ، كان التمثيل سيئًا للغاية ، عادت فيكي وحدثتني عن أشياء رائعة ، ثم مددت بجانبي على السرير ، وشاهدنا سويا الفيلم .

نهاية رحلة كاتالينا :
كان هذا أهم ما حدث في رحلتنا إلى كاتالينا ، لم تحدث أمور أخرى ، ذهبت فيكي قبل أن نغادر إلى غرفة التجارة ، وشكرتهم لمنحها هذا الوقت الممتع ، كما شكرت المرأة في خزانة ديفي جونز واشترت هدايا لأصدقائها ليتا ووالتر وابنها مايك ، وشيئا لي ، وبعض هدايا لأناس آخرين .

ركبنا المركب ومعنا الطائر في القفص ، كانت فيكي حزينة لأن الرحلة انتهت ، انحنى المركب إلى اليسار وتأرجح ، فقفز رجل شاب بدا وكأنه تلقى علاجًا كهربائيًا مؤخرًا ، بدأت تظهر مدينة سان بيدرو ببطء ، المدينة ، الضباب ، والقتل أظرف بكثير ، والسكريين هم آخر القديسين على الأرض ، لم أمتط حصان قط ن ولم ألعب البولينج ، أو رأيت جبال الألب السويسرية ، نظرت فيكي بابتسامتها الطفولية ، نعم انها امرأة رائعة ، كان وقتًا حصلت عليه على قليل من الحظ .

شارك المقالة:
74 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook