قصة بياتريتشا فتاة بريئة أعدمت ظلمًا

الكاتب: رامي -
قصة بياتريتشا فتاة بريئة أعدمت ظلمًا
لا يتمتع كل الآباء ، بالرحمة والحنان والعطف ، على أبنائهم فقد نجد منهم ، من هو قاسٍ غليظ القلب جامد المشاعر ولا يرحم حتى أبنائه ، وقد وقعت أحداث قصتنا في القرن السادس عشر الميلادي ، في إيطاليا حيث الفترة السوداء في كل شيء .

بياتريشيا هي إبنة لعائلة ذات مكانة اجتماعية مرموقة ، وكان والدها هو الكونت فرانشيسكو تشينشي أحد أشهر نبلاء روما ، ولكنه للأسف كان رجلاً سيء الخلق والطباع ، ودائمًا ما كان يلهث من أجل السلطة والنفوذ ، إلى جانب إساءته إلى أهل بيته خاصة باتريشيا التي كان قد أنجبها من زواج سابق وللأسف انتهك براءتها واغتصبها كثيرًا  دون أن يطرف له رمش أو يشعر بقليل من الندم وطلما تم إلقاء القبض عليه ، إلا أنه كان يخرج أكثر تجبرًا وتوحشًا ، وكأنما لم يطاله شيء ، نظرًا لسلطاته ونفوذه الواسعة .

وعلى الرغم من قسوة هذا الأب ، الذي لم يكن لها أبًا يومًا واحدًا ، إلا أن زوجته كانت غاية في العطف والطيبة ، وقد أحسنت معاملة بياتريشيا كثيرًا ، ولكن هذا لم يمنع الأب الجاحد عنها ، بل أساء في معاملتها أكثر من هذا ، وأدت دفاعات زوجة أبيها عنها ، إلى اتخاذ هذا المجنون لقرار جديد ، وهو نفي جميع أفراد العائلة ، إلى قلعة نائية يملكها في منطقة مظلمة أعلى الجبل ، وبالتالي كان مصير بياتريشا أسوأ من قبل .

وضع الأب بياتريشيا في غرفة مظلمة ، واستمر في اعتداءاته المتكررة على تلك المسكينة ، حتى قررت زوجته هي وأبنائها وبعض الخدم ممن أساء هو معاملتهم أن ينتقموا منه ، ويتخلصوا من ظلمه وجبروته للأبد ، فقرروا أن يقتلوه بطريقة تجعله يبدو مات قدرًا إلا أن خطتهم للأسف باءت بالفشل الذريع .

قام أفراد العائلة وهم زوجة الكونت فرانشيسكو ، وبياتريشيا وشقيقها الأكبر من زوجة أبيها ، بوضع بعض السم في طعام الكونت ، إلا أنه ولدهشتهم لم يمت فلم يكن أمامهم بدًا من ملاحقته بعدد من الضربات فوق رأسه حتى فارق الحياة فقرروا أن يقذفونه من أعلى الجبل حتى تبدو ميته عرضيه وأنه قد سقط من أعلى القلعة على حافة الجبل ، ولكن للأسف تم إلقاء القبض عليهم ، بعدما تشكك الكثيرون في طريقة موته .

ألقي القبض على أفراد العائلة جميعهم ، وأمر الأب كليمنت الثامن بالحكم بالإعدام عليهم جميعًا ، وأن يتم تعذيبهم بشدة قبل تنفيذ حكم الإعدام خاصة بياتريشيا التي وصفت الحكم بأنه ظالم فما كان للمسكينة سوى أن تُعذب مرة أخرى حتى بعد أن تخلصت من عذاب أبيها لها.

وعلى الرغم من الاحتشاد الهائل لأبناء روما ، واعتراضهم على حكم البابا ، إلا أنه لم يتراجع عن حكمه ولكنه قرر تأجيل التنفيذ ، لعدة أيام من أجل امتصاص هذا الغضب الشعبي ، ولكنه خشي أن يتراجع فتصير ظاهرة بين أبناء النبلاء ، فقبل تلك الحادثة ، كان أحد أبناء النبلاء قد قتل أبيه ، ولذلك قرر البابا أن لعقاب هذه المرة ، سوف يكون رادعًا لكل من تسول لهم أنفسهم أن يفعلوها .

خلال فترة مكوثها داخل الزنزانة ، زار بياتريشا الرسام الشهير جوديو ريني ، وأبدى رغبته في رسمها ، وكانت بياتريشيا قد اعترضت في البداية ، إلا أنها وافقت بعد ذلك ، مع إلحاحه الشديد ورسمها ، لم يكن يرسم فتاة بريئة في السابعة عشرة من عمرها ، بل كان وجهًا بريئًا شاحبًا ، خبت منه لا حياة نتيجة ما شهدته المسكينة من ظلم طوال حياتها القصيرة للغاية .

اقتيد أفراد العائلة بعد ذلك ، في طريقهم نحو المقصلة ، وقد شاهدت بياتريشيا زوجة أبيها أثناء قطه رأسها ، ثم شقيقها الأكبر وقد تم قطع رأسه ، ثم تربيع جسده إلى أربعة أجزاء ، وأتى الدور على بياتريشا التي رفعتع رأسها قبيل مقتلها إلى السماء وقالت يا رب أنت تعلم أنني أًقتل بريئة فما كان من الجلاد سوى أن أمسك برأسها الجميل ثم قطعه .

شهدت روما في هذا الوقت ، استياء بالغًا من الجميع إثر ما حدث من مشاهد دموية ، وبقي الشقيق الأصغر لبياتريشيا على قيد الحياة ، لم يعدم ولكن تم تحويله إلى عبد ، مع الاستيلاء على أمواله كافة وتم نقله إلى منطقة توسكاني ، حيث عاش فيها داخل زنزانة لبعض الوقت ثم فارق الحياة .

وبقيت اللوحة التي رسمها جوديو ، شاهدة على مأساة وحزن بالغ ، لفتاة لم تقترف إثمًا ، سوى أنها كانت إبنة لرجل فظ غليظ القلب ، ولا يعرف الرحمة ، وتحولت بعدها إلى أيقونة لكل من ظُلم .

شارك المقالة:
76 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook