قصة بين الأشواك ( الجزء الثالث).

الكاتب: ولاء الحمود -
 قصة بين الأشواك ( الجزء الثالث).

 قصة بين الأشواك ( الجزء الثالث).

 

ونستكمل اليوم قصه بين الأشواك عندما يهزم الحب المرض  ، وعندما يمرض الجسد و لكن القلب يبقى سليما ،  يعشق ويحب لا يتوقف عن الخفقان ،  فلن تتوقف القلوب عن النبضات والدق بشدة  لمن تحب .

 

عبر نجيب المستشفى في خطوات سريعه ، على عكس ما كان يفعل فيما مضى الى قاعه الانتظار،  وأخذ يبحث بعينيه في القاعة  بلهفه ،   عن تلك الفتاه التي قابلها في الجلسه السابقه ،  ثم لم يلبث ان توقف في توتر ونظر بحزن الى مقعدها الخالي ، وقف صامت يراقب مقعدها الفارغ في ضيق ، فلم تحضر بعد ،  حتى مال عليه جاره بالمقعد الذي جواره ،  وقال بخبث :انها لم تحضر بعد .

 

التفت اليه نجيب في دهشه  وحدة ، وشاهد تلك الابتسامه الخبيثة  على شقتيه ،  فقال في حده ماذا تقصد يا رجل : اشار الرجل بذقنه إلى المقعد الخالي عبر القاعه  ، ومال قائلا : صاحبه المقعد صاحبة  الثوب الوردي لم تأتي بعد ،  انعقد حاجبا نجيب بغضب ، غير إنه لم يحاول حتى الأعتراض  ، كل ما فعله ان اشاح بوجهه عن جاره وهو يعود التطلع الى المقعد الخالي ،  لقد تاخرت هذه المره لم تصل قبله كالمعتاد في المرات الثلاثه السابقه.

كان يصل ليجدها  جالسة على مقعدها ،  في ثوبها الوردي وعينيها الجميلتين الحزيتن ،  وكفها فوق ركبتها وهي تتطلع اليهما في حزن كبير ، وفي المرات الثلاثه  السابقه لم يتبادل معها كلمه واحده  ، لم يجرؤ حتى ان يفعل كان يكتفي بتطلع اليها في صمت ،  و قلبه يخفق في عنف حتى يحين موعد الفتره العلاجيه التي تنتهي مع بدايه جلستها فينصرف في سعادة .

 

و كله لهفه في البقاء اكثر واكثر و في انتظارها حتى تعود لم يكن يعرف حتى اسمها ،  كل ما عرفه انها رقيقه الحال كما هي رقيقه المشاعر ،  فثوبها رقيق الحال  وحذائها والذين لا تبدلهما ابدا كان دليل على هذا ،  صحيح انها تحرص دائما على نظافتهم واناقتهم ،  بقدر المستطاع الا انها لم تنجح ابدا في حد اظهار قدمهما ، كما انها كانت تاتي وحدها دائما للجلسة ،  وهذا غير كل الفتيات والنساء التي يتلقين علاجهم في هذا القسم  ، ان يحضرن دائما برفقة احد من اقاربهم  او صديقته او حتى جارتهم .

 

لم يحضر احد ابدا معها ولا حتى صحبتها ،  ولكن الاكثر غرابه وقدرته على تلقي مثل هذا النوع من العلاج الباهظ الثمن ، فشكلها لا يوحي ابدا بقدرتها على هذا العلاج ،  وكانت هذه نقطه جديدة تضاف الى كل ما يحيط بها من غموض ،  كان يتعجب على نفسه تجاهها من ،  وفجأه خفق قلبه ووصلت هي بنفس الثوب الوردي  ، ونفس العينين الحزينتين اتخذت مقعدها أمامه وجلست على مقعدها المعتاد .

 

كانت اليوم مختلفة وكانت تجذب انتباهه بشدة اليوم  ، كانت عيناها اكثر حزنا و اكثر بؤسا ومراره  اليوم ، انها تبدو كما لو ان حزن الدنيا في عينيها قد تضاعف ، تمنى  لو ينتقل الى جوارها ويسألها عما أصابها ،  تمنى لو يحتويها بين ذراعيه ويتركها تفرغ  دموعها على كتفيه ،  اما هي فلقد شعرت بنظراته هذه المره ،  كانت تلاحظ نظرات نجيب لها في المرتين السابقتين ،  طوال الوقت اشاحت بوجهها عنه في المره الاولى ،  ثم  لفت نظرها اليه في المره الثانيه كان نحيلا خفيف الشعر في مقدمه الرأس ،  ولكنه لم يخلوا من وسامته .

 

كانت لا تدرى ما تلك المشاعر الغريبة التي اجتاحتها وهي تجلس تنتظر جلسة  العلاج الإشعاع  ، فليس لها الحق في تلك المشاعر ، لقد رأت في عينية  الكثير  من الاعجاب بها ، وعرفت  وقرأت مشاعرة ولكنها كانت تتعجب  من نفسها فلماذا تشعر بالارتياح حتى في تلك  الظروف  ،  كانت متعجبة بأن قلبها لم تتوقف مشاعرها حتى في تلك الظروف والمرض الذي لا أمل منه من الشفاء .

 

كانت تريد أن تلقى تلك المشاعر خلف ظهرها ، لقد شعر هو بهذا وبتوترها وحزنها  ، شعر بنفسه  ثم  ينهض من مقعده  وذهب اليها ثم اتخذ المقعد المجاور لها ،  ويقول لها : صباح الخير ، رفعت عينيها اليه في حيره وهي تسال نفسها عن سر اقدامه هذه الخطوه  ، التي لم يقدم على مثلها من قبل .

 

خذت عيون الناس تراقبهم  مباشره ، اخذت تنظر له و لم ينبض احدهم ببنت شفه ،  لقد شعر في اعماق كل منهما شيء  غريب يتحرك  لم ترد بل شعرت بالاحراج والخجل ، كرر سؤاله ما اسمك

لم تستطع الرد ، وتلعثمت في الكلام وفجاة سمع  صوت فني  الاشعه وهو يقول بفتور : دورك يا أستاذ نجيب ،  عندما سمع نجيب اسمه تجاهل الصوت وكان يشعر بالهيام وقال مكررا : اسمك ايه انتظريني بعد الجلسة سوف نتحدث كثيرا .

 

توقفت الكلمات في حلقها ولم تستطع الرد وهنا سمع صوت فنى الاشعة يقول : دورك يا استاذ الجهاز يعمل هناك اخرون ينتظرون ، دخل نجيب بحزن الى جلسة العلاج الاشعاعي ، وكانت نظرات السعادة والفرح  على وجوه الاخرين ، فمن الصعب ان يولد الحب بين المرض واليأس  ، ونظروا الى الفتاة التي كانت تجلس وتبكى بحزن وتساقطت الدموع على وجنتها وهنا اقتربت منها احدى السيدات وقالت لها ما بك يا ابنتي ن ولكنها لم تستطع ان تصمت فبكت بقهر بصوت عالي وبعدها غادرت الجلسه وهي تركض وهنا نظر لها الجميع بتعجب وحزن  وخرج نجيب من جلسته واخذ ينظر الي مقعدها الخالي ويبحث عنها بعينه ولكنها كانت رحلت فقالت السيدة ، لقد رحلت فقال نجيب بحزن رحلت  ، وهل تلقت جلستها نفقالت السيدة لا يا ولدى لم تتلقى جلستها  ، وهنا شعر نجيب بالحزن والالم يعتصر قلبه فهل هو السبب فيما حدث ، وان كان هو السبب لن يغفر لنفسه ابدا

 
 

 

شارك المقالة:
100 مشاهدة
المراجع +

الكاتبة منى حارس

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook