قصة تَرَكتُهُ تُغَنيهِ الجَرَادَتانِ

الكاتب: رامي -
قصة تَرَكتُهُ تُغَنيهِ الجَرَادَتانِ
تراثنا العربي الأصيل ، مليء بالحكم والمواعظ والأمثال ، منها ما قيل في بيت شعري قديم فصار مثلاً ، ومنها ما قيل في صورة نصيحة وحكمة فصار مثلاً ، وكلها نتيجة مواقف متفرقة ، وما صار منها مثلاً ، تناقلته الأجيال حتى عصرنا الحالي ، للتعلم والعظة ، ومثلنا اليوم هو المثل القائل : تَرَكتُهُ تُغَنيهِ الجَرَادَتانِ .. وقد قيل هذا المثّل في قديم الزمان ، فهو مثّل من أمثالنا العربية التي يزخر بها التراث العربي الأصيل ، وتُروى قصة المثّل كالتالي :

قصة المثّل العربي الأصيل :
يضرب هذا المثّل لمن كان لاهيا في نعمة ودعة ، والجرادتان : قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق ، وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات ، لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة ، ليستسقوا لهم ، ورأسوا عليهم قيل برعنق ، ولقيم بن هزال ، ولقمان بن عاد .

وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق ، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام ، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر، فلما قدموا ، نزلوا عليه ، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً.

وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية : هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه ، وهو :

ألا ياقيل ويحك قــــــــــــم قهيتم  ..  لعل الله يبعــــــثها غمامـــــــــــــا ..
فيسقي أهل عــــاد إن عــــــــادا  ..  قــــــــد أمسوا لا يبينون الكــــلاما ..
مــن العطش الشديد فليس ترجو  .. لها الشيخ الكبـــــــير ولا الـــغلاما ..
وقــــــد كانت نساؤهم بخـــــــير ..  فـــــقد أمست نســــــــاؤهم أيـــامي ..
وإن الوحش يـــــــــأتيهم جهارا  ..  ولا يخشــــــى لعــــــادى سهـــــاما ..
وأنتم ههـــــــنا فيما اشـــــتهيتم  ..  نهـــــــــاركم وليلـــــــكم التــــــماما ..
فقيح وقدكـــــــــــم من وفد قوم  ..  ولا لــــــــقوا التحيــــــة والــــسلاما ..

فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض : يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم ، فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان ، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء ، أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم ، فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم ، فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب .

فقال : أما البيضاء فجفل ، وأما الحمراء فعارض ، وأما السوداء فهطلة ، وهي أكثرها ماء ، فاختارها ، فنادى منادٍ : قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا ، لا والداً ولا ولداً .

قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد ، ونودي لقمان : سل .. فسأل عمر ثلاثة أنسر فأعطي ذلك ، وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت ، وكان آخرها لبد .
وهو الذي يقول فيه النابغة :

أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملو   ..  أخنى عليها الذي أخنى على لــــبد

شارك المقالة:
57 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook