هناك مثل دارج يقول بدلًا من أن تعطيني سمكة علمني كيف أصطاد ، فالمساعدة لا تكمن في تقديم المال أو الطعام للمحتاجين والفقراء ، وإنما في منحهم العمل أو العلم الذي يضمن لهم عيشة كريمة ، وهذا ما توضحه لنا هذه القصة .
في إحدى الأيام الصيفية المشمسة كان هناك ثلاثة من الرجال الأثرياء يسافرون عبر الطريق في رحلة لصيد الغزلان البرية الموجودة بإحدى الغابات البعيدة ، وكان بصحبتهم الكثير من الخدم والمال وبمجرد وصولهم إلى إحدى تلك الغابات ، وجدوا بعض القرى الفقيرة التي يعاني أهلها من الجوع والحاجة .
وفي أثناء عبورهم بواحدة من تلك القرى لاحظوا كم أن أهلها يعيشون في فقر مدقع ، ففكر الأثرياء الثلاثة في حال هؤلاء الفقراء واقترحوا على بعضهم مساعدة سكان القرية بما يرونه مناسبًا من وجهة نظرهم ، فقرر الرجل الثري الأول أن يقدم كل ما معه بالسيارة من ذهب وفضة للقرويين الفقراء ، وبالفعل ذهب إليهم ومعه الذهب والفضة وتمنى لهم الخير والسعادة .
أما الثري الثاني فقام بالتنازل عن كل الطعام والشراب الذي كان بحوزته وقدمه للقرويين ، لأنه كان يعتقد أن المال لا يمكن أن يكون له فائدة ولا نفع لهم في هذه الغابة البعيدة ، وتأكد الرجل قبل أن يغادر من حصول كل فرد في القرية على ما يكفيه من الطعام والشراب الذي يكفيه لعدة أيام ، ثم انصرف متمنيًا لهم الخير والسعادة .
أما الثري الثالث فعندما رأى ما فعله الرجلان الآخران وغادر المكان مسرعًا دون أن يلتفت لأهل القرية أو يعطيهم أي شيء ، فتعجب الثريان الآخران مما فعله وقالوا لبعضهم : يا له من رجل يفتقر إلى الرحمة والشفقة ، في الوقت الذي كان يجب عليه مساعدة هؤلاء المساكين غادر وانصرف .
وبعد مرور ثلاثة أيام رأى الرجلان الثريان الرجل الثري الثالث وهو يسير عائدًا في اتجاه القرية ، كان يسير بسرعة كبيرة ومعه سيارة مليئة بالمعدات الزراعية وأدوات الحرث وأكياس البذور ، فقد كان متوجهًا إلى القرية ليساعد أهلها على الزراعة ، لكي يستطيعون توفير الطعام لأنفسهم وكانت تلك هي أفضل مساعدة من وجهه نظره .
فهناك بعض الأشخاص الأثرياء الذين يقدمون الأموال للفقراء ليس بهدف المساعدة ، ولكن لكي يتحدث الناس عن مدى كرمهم وجزلهم العطاء ، وهم في الواقع لا يريدون معرفة أي شيء عن هؤلاء الأشخاص الذين يمنحونهم الأموال وإنما هو نوع من السخاء الزائف والرغبة في الظهور .
وهناك آخرون يقدمون أفضل ما لديهم لمساعدة الفقراء ، وذلك بمساعدتهم على العمل والكد لتوفير قوت يومهم ، وهذا هو ما فعله الثري الثالث بأن قدم لهم أدوات الزراعة والبذور اللازمة ، لكي يزرعوا ويأكلوا مما زرعته أيديهم وهذا بالطبع ما يضمن لهم وفرة الطعام وكثرة الرزق .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.